انتظـروا المـزيد من الروايات مـع تحيات المؤلفة دنيا روايـاتي

تحذير .. حقوق الطبع والنشر محفوظة لدنيا رواياتي
يمنع نقلوها وعرضها بأي من المنتديات .. أرجوا من الجميع التعاون.. بعد ايقاف جوجل بلس قمت بفتح فيس بوك خاص بدنيا رواياتي ..مع تحياتي لكم جميعا.. مازلت لا انشر خارج هذه المدونة وارجوا من القراء عدم نسخ رواياتي ونشرها في اماكن اخرى مع الشكر لكم لاعجابكم بها


الخميس، 8 مارس 2012

رواية في طريق المجهول من 1 - 11


في طريق المجهول



- اليدي فروديت ميرفيلد
أُعلنَ بِصوت عالي وصول اليدي ميرفيلد ما أن تَوقَفَت عَربتُها الفاخرة قرب الباب الرئيسي لِلقصر فأَسرعَ الخَادم بفَتحِ الباب الكَبير على مِصرعيهِ وفَرَش السجادة الحَمراءَ بِسُرعة مِن أَعلى الَدرج الخارجي حتى باب العَربة فأَسرعَ جيفري رئيس الخَدمِ بالاقتِراب من باب العربة ليفتَحهُ وَيَنحني باحترام وهو يَمدُ يَدهُ قائلاً
- يشرفنا حضورك وكم هي مفاجئة سارة لنا
وضعت يدها الرقيقة والصغيرة بيده وترجلت من العربة وهي تقول وعينيها الزرقاوات تتلألأن بسعادة
- أن شوقي لهذا المكان لا يوصف
ما أن لامست قدميها الأرض حتى شعرت بارتياح كبير فبعد هذه الرحلة الطويلة بالعربة تحتاج إلى أرضاً ثابتة تقف عليها أشار جيفري لها لتسير ولكنها حركت رأسها حولها ببطء مما جعله يقول
- لقد مضى زمن طويل
تعلقت عينيها بالحديقة الكبيرة التي تحيط بالمنزل هامسة وعينيها الناقدتان لم تفوتا شيئاً
- رغم ذلك لاشيء تغير إنه كما اذكره
- بالتأكيد عزيزتي فهذا المكان يعني لي الكثير كما أني أحب هذا القصر كما هو ( رفعت رأسها لتنظر من تحت قبعتها لرأس الدرج وتتوسع ابتسامتها وهي تسير بخطوات ثابتة لتصعد الأدراج واحدى يديها تمسكان ثوبها الأزرق الذي صمم على يد أفضل المصممين وباليد الأخرى علقت بمعصمها حقيبتها الدائرية الصغيرة التي تحمل نفس نوع قماش ثوبها , مد الورد بايرون يديه إلى الأمام وفتح كفيه وهو يضيف ) ويا لسعادتي إنها لمفاجئة سارة حقاً
وضعت يديها بيديه لاستقباله الرحب قائلة
- عمي العزيز كان علي قطع مسافة طويلة للوصول إلى هنا فانا لم أرك منذ أشهرا عدة
قرب وجهه منها ليطبع قبلة على خدها وهو يقول
- أنت الأفضل دائما يوليانا ( وحرك ذراعه لها لتمسكها وتدخل برفقته إلى القصر وهو يستمر باهتمام ) أرجو أن تكون جميع أخبارك جيدة
أخذت عينيها تجولان بالصالة الواسعة ببطء وهي تقول
- لا يوجد ما يقلقك لقد حضرت لشوقي لهذا المكان .. مازالت في مكانها
أضافت وهي تتحرك نحو اللوحة الكبيرة التي علقت على الجدار وأخذت تتأملها بينما لمحها بايرون بنظرة سريعة قبل أن يتحرك نحو الرف الذي يحوي عددا من زجاجات الشراب ليسكب لنفسه كأساً ثم يعود بنظره إليها وهو يستند على الطاولة وعينيه تتأملانها بغموض وأمام شرودها باللوحة رشف من كأسه قليلاً وتحرك نحوها قائلاً
- يمكنك تسميتي قديم الطراز ولكني أحب ترك هذا المكان على حاله ( ووقف بجوارها ناظرا إلى اللوحة المعلقة جديدا وهو يضيف ) أن احدث ما في هذا القصر لوحتك ( وأمام صمتها نظر إليها قبل أن ينظر إلى اللوحة التي أمامها مستمرا لشرودها بها ) لقد أبدع الرسام بها
تعلقت عينيه بوالده وقد جلست والدته على مقعد ووقف زوجها خلفها بشموخ ووقف ثلاثة أطفال قرب والدهم , أظهرت شفتيها المكتنزتين ابتسامة ناعمة وهي تقول وقد تعلقت عينيها بوالدها وعمها الذين لم يتجاوزا الخامسة والسادسة من عمرهما
- لقد تغيرت كثيراً ( رفع بايرون الكوب إلى شفتيه وهو يتأمل نفسه قبل أن يقول )
- لم أعد أعرف نفسي حتى
نظرت إليه بنظرة سريعة وقد خف شعرة مؤخراً من الأمام واكتنز وجهه المستدير وقد زاد وزنه عما رأته عليه أخر مرة كان يملك عينين زرقاوين صافيتين ولكنهما لم تعودا ظاهرتين بسبب كثافة حاجبيه واكتناز وجهه ابتسمت وهي تعود نحو أللوحة قائلة
- لابد وان لديك طاهياً ماهر
- عليك تذوق ما يعده وستعلمين سبب سمنتي ( قال لها بابتسامة ولكنها اعلم الناس بعمها فوالدها كان الأجمل والأخ الأصغر والمحبوب دائما والأكثر حظاً مما سبب ضيقاً كبير لبايرون في نشأتهم فالقد حدثتها عمتها يوليانا بالكثير عن طفولتهم وشبابهم هذا ما كانت تحدثها به دائماً في المساء رغم تعبها الشديد إلا أن ذكريات الماضي كانت تشعرها بالسعادة وكانت تعيد لها الحياة , شعرت بغصة كبيرة وألم وهي تنظر إلى الفتاة الصغيرة التي وقفة بجوار الصبيين وقد فتحت عينيها جيدا بطفوليه لقد مضى على وفاتها عامٌ كامل ولكن الألم لم يزول ومازال يجتاح صدرها كلما تذكرتها وكيف لها أن تنساها ) أنت شديدة الشبه به ( رمشت ونظرت إلى عمها الذي حدثها فأضاف ) والدك ( وابتسم ببروده متابعاً ) رغم انكِ تملكين بعضا من صفات والدتك إلا انك تشبهيننا أكثر فأنت تذكريني بعمتك يوليانا في صباها فالقد كانت الأجمل ( توقف عن المتابعة ونظر إلى الخلف كما فعلت هي لتشاهد مرافقتها روز تدخل برفقة السائس الذي حمل حقيبتها الكبيرة فنادى بايرون على احد الخدم الذي أسرع بالظهور قائلا له ) فالتحمل الحقيبة إلى أفضل غرفة هنا وليقدم لليدي كل ما تطلبه ( ثم عاد نحوها مضيفاً ) اعتقد انك ترغبين بالحصول على الراحة بعد تلك الرحلة الطويلة .. سأنتظرك على العشاء
انخفضت قليلاً في وقفتها شاكرة وقائلة
- أنا بحاجة ماسة لبعض الراحة .. أشكرك ( وتحركت متخطية عنه لتصعد الأدراج إلى الأعلى وعينيها تعودان بها إلى زمن مضى عندما كانت ترافق والديها إلى هنا , زيارتها الأخيرة كانت وهي في الحادية عشر قبل عام واحد على وفاتهما ومنذ ذلك الوقت وهي تحاول العودة إلى هنا ولكن كان هناك دائما سبب يمنعها حتى أنها اعتقدت أن عمها يتعمد منعها من الحضور بدا سعيداً لحضورها المفاجئ لو أعلمته برغبتها بالحضور لوجد سبباً ليمنعها كالعادة ) لاشيء تغير
همست بحنين وهي تسير بالممر فأشار لها الخادم الذي ادخل حقائبها وقد وقف قرب باب إحدى الغرف إلى الداخل قائلا
- تفضلي آنستي وان احتجتي إلى إي شيء ما عليك إلا طلبه
دخلت إلى الغرفة وهي تخلع كفيها ثم قبعتها واقتربت من السرير الكبير ذا الأعمدة الأربعة لتضع عليه قفازيها وقبعتها بالإضافة إلى حقيبة يدها وروز تتبعها إلى الداخل بينما تختط عن السرير نحو النافذة لتطل منها بلهفة وتحدق بالمساحات الشاسعة الخضراء أمامها لتشرد فيها قبل أن تأخذ نفساً عميقا وتغمض عينيها وهي تشعر بالهواء البارد يلامس وجهها لتفتحهما وتستدير لتنظر بأرجاء الغرفة قبل أن ترفع حاجبيها قائله وهي تفك أزرار ثوبها وتتوجه نحو السرير
- ألان علمتُ ما قصدته إليزابيث بأن عمي متمسك بما يملكه أن شيئا لم يتغير بهذا المكان منذُ أكثر من اثنا عشر عاماً فهذه الغرفة مازالت كما اذكرها
- اعتقد أن السيدة ميرفيلد ستكون غاضبة ألان
رفعت كتفيها غير مبالية وهي تخلع ثوبها قائله لروز
- أن أفضل ما فعلناه هو عدم إعلامها برحيلنا
- أنا قلقة من أجلك ( نظرت إلى روز وهي تقدم ثوبها لها لتقوم بتعليقه قائلة بثقة )
- لا تقلقي من اجلي
وتناولت المنشفة لتتوجه نحو الحمام فالشيء الوحيد الواثقة منه هو أن إليزابيث زوجة عمها بايرون قد تعمدت طرد مرافقتها السابقة وجعلت روز مرافقة لها كي تعلمها بكل ما تفعله فمنذ وفاة عمتها بعد صراع طويل مع المرض وزوجة عمها موجودة برفقتها مدعية انه من غير الائق والمناسب بقائها بمفردها ودائما تجد سبباً لمنعها من مرافقتها إلى هنا للعيش معهما ولا يكفيها هذا بل هناك أيضا ابن إليزابيث اندرو الذي يلاحقها كظلها استرخت في المياه الساخنة كانت عمتها على حق بشأن إليزابيث فهي لم تتزوج من عمها بايرون إلا من اجل ثروته إنها جشعة لأبعد الحدود وقد افتتن بايرون بها منذُ أن وقعة عينيه عليها ولم يكن صعبا عليها أن تجعله يغرم بها ويتزوجها وهي أرملة وأم لطفل أغمضت عينيها واسترخت أكثر مما جعل الماء الساخنة تلامس وجنتيها برقة لتبتسم وهي تفكر بإليزابيث عندما تكتشف اختفائها أن ذلك سيزيد من حنقها عليها فالقد طلبت من روز وبشكلً مفاجئ أن تعد حقيبتها في ساعات الصباح الباكر دون إعلامها شيئا ثم الانطلاق بعد دقائق فلم يكن لها الوقت لأعلام إليزابيث خاصة أنها كانت تراقبها جيداً , ارتدت ثيابها بعد الحمام الذي أعاد لها نشاطها وسرحت شعرها وتسائلت وهي تضع قلادتها التي تحمل شعار عائلتها حول عنقها
- متى العشاء
- بعد ساعة من ألان
- جيد ( تمتمت وهي تتحرك نحو الباب مستمرة ) سأقوم بجولة
أخذت تتفحص اللوحات المعروضة في الممر بتمعن وقد حملت هذه اللوحات صورا لتاريخ هذه العائلة التي امتدت لأجيال وأجيال نزلت الأدراج لتبتسم وهي تحدق بصورتها وقد أجبرتها عمتها يوليانا قبل وفاتها بان تقف أمام الرسام ليرسمها وعلقت هنا من حينها لتنضم إلى باقي صور هذه العائلة التي كان أخر أفرادها ثلاث أشقاء توفي منهم اثنان أغمضت عينيها وهزت رأسها ترفض الأفكار والمشاعر التي تنتابها لتعود وتنتقل إلى الوحة التي تليها والتي تصور والديها وهما في ريعان الشباب لتشعر في غصة بحلقها فلم يكن هناك رجل أحب امرأة كما كان والدها ولم تكن هناك أمرآة أحبت رجلا كما كانت والدتها تعلقت عينيها بوجه والدها ذا العينين الزرقاوات الصافيتين والشعر الخروبي ليرتجف فمها وهي تعود بذاكرتها إلى ما مضى عندما وصلهما خبر وفاته فقد استقبلت والدتها رسولا يعلمها أن المنجم الذي كان يشرف عليه والدها قد انهار وقتل جميع من كان به ومنهم والدها لم تتمالك والدتها نفسها وانهارت فور سماعها هذا وفارقت الحياة بعد أسبوعا واحد لتخسر والديها معا في اقل من شهر ابتعدت عن اللوحة وهي تشعر بالاختناق فغادرت القصر لتتنشق الهواء النقي وتبعد عن صدرها ذلك الألم الذي يلم بها كلما تذكرت الماضي ولكنها لا تستطيع إبعاد تفكيرها عما حدث معها منذ وفاتهما فلولا حضور عمتها يوليانا والذي أطلق عليها والديها اسمها محبتا بها لما استطاعت تخطي فقدانهما معا , وقفت بين مجموعة من الأشجار تنظر حولها شاردة فالقد كانت عمتها مَثلُها الأعلى في الحياة وساندتها كثيرا ولولا المرض الذي ألم بها لكانت ما تزال على قيد الحياة قد يكون مر عام واحد على وفاتها ولكنها تشعر انه دهر لقد افتقدتها كثيرا فلم يكن احد يهتم بها ويفهمها كما كانت عمتها فإليزابيث لا تطاق ولا تأبه لأحد سوى نفسها ولا تتوقف عن التذمر واتهامها بأنها قد نشأت بطريقة خاطئة , هزت رأسها بضيق وتابعت سيرها مفكرة بان كان هناك احد قد نشئ بطريقه خاطئة فهي إليزابيث المزعجة وكذلك أبنها
- أكنت تقومين بجولة
بادرها بايرون فور دخولها من الباب فاقتربت منه وقد وقف بجوار غرفة الطعام قائلة
- اجل مازال المكان ساحراً كما عهدته
- انه كذلك والا لما قضيت معظم الوقت هنا ( وأشار لها لتدخل قبله إلى غرفة الطعام ففعلت لتجلس على المقعد المجاور له وقد ترأس الطاولة الكبيرة الخالية إلا منهما وبدأ الخدم بوضع الطعام أمامها وما أن بدأت بتناول طعامها حتى تسائل بايرون وهو يتناول طعامه بدوره ) فكرت من كانت مفاجئتي بحضورك أنت أم إليزابيث
مضغت طعامها بتمهل فالقد كانت تنتظر هذا السؤال منذُ حضورها فأجابته بهدوء وهي منشغلة بقطع قطعة الحم في طبقها
- كانت فكرتي وفي الحقيقة هي مفاجئة لكما معاً فهي لا تعلم بمغادرتي ولكني على ثقة من أنها أصبحت تعلم ألان
تعلقت عيني بايرون بها للحظة قبل أن يقول بجدية وتجهم
- لقد اعتقدت أننا اتفقنا على أن لا تقومي بأي تصرفات غير لائقة
قاطعته وهي تتساءل بعتاب
- وهل حضوري لزيارتك يعد تصرفا غير لائق
- أنتِ تدركين ما أعنيه يوليانا ( قال بجدية وصوت منخفض وأضاف ) أتعتقدين أن ابتعاد إليزابيث وطفلاي وبقائهما هناك برفقتك أمراً مسلي لي ولما فعلت كي لا تبقي بمفردك هناك فهذا غير لائق
- أعلمتك سابقاً أني ارغب بالحضور والعيش معكم هنا ولكنك من رفض
- هذا لصالحك ( قال وهو يعود ليتناول طعامه مضيفا ببطء وتفكير ) أنت في عمر مناسب للزواج وحضورك إلى هنا لن يساعد في إيجاد الزوج المناسب لك ( هزت رأسها بيأس فاستمر ) أنت لم تعودي صغيرة من هم بعمرك أصبح لديهم أطفال ( تابعت تناول طعامها وهي ملتزمة الصمت فقد ملت من هذا الحديث الذي ولابد أن تناقشه إليزابيث معها بشكل يومي فعاد ليضيف أمام صمتها ) ما كان علينا تركك مع يوليانا .. رفضها لزواج بعد مصرع خطيبها بالحرب كان تصرفا غير عقلاني
- لقد أخلصت له حتى وفاتها
- هذا كلام لا معني له ( نظرت إليه عند قوله ذلك فاستمر بجدية ) لو تزوجت لأنجبت أطفالا لكان لديها أحفاد ألان أرجو أن لا تكون قد غرست بك أفكارها الغريبة فالقد كانت دائما غير متزنة
تمتم بانزعاج كبير وعاد نحو طعامه بينما بقيت عينيها معلقتين به قبل أن تتساءل باهتمام
- وهل كان تركها لكل ما تملكه لي يعد من تصرفاتها الغير متزنة برأيك
التزم بايرون بالصمت للحظة ليقول ومازال منشغل بطعامه
- اعتبرتك كابنتها فقد اعتنت بك لهذا ليس من الغريب أن تورثك ( عادت نحو طبقها وهي تشعر بأنه يختار كلماته عند الحديث معها إنها تعلم على الأقل أن إليزابيث اغتاظت لأبعد الحدود عندما علمت أن كل ما تملكه عمتها أصبح لها وحدها ولم يوزع على الآخرين كما كانت تأمل ) علي إرسال احدهم لأعلام إليزابيث انك هنا إنها ولابد شديدة القلق لاختفائك بهذا الشكل الذي لا يعبر إلا عن تصرف فتاة طائشة وهذه التصرفات لا تليق أبدا بفتاة من عائلة ميرفيلد لذا عليك البدء بالتصرف بشكل جيد والتفكير بتبعات تصرفاتك التي لا معنى لها وأرجو أن تأخذي كلامي على محمل الجد
لم تحاول إجابته رغم تحديقه بها منتظرا ليعود ويهز رأسه بانزعاج واضح ويعود نحو طعامه فتناولت ما بقي بطبقها ثم وقفت معتذرة لعدم قدرتها على تمضية بقيت الأمسية برفقته وصعدت نحو غرفتها وهي تشعر بضيق شديد لحديثه الجميع يصفها بالطائشة لقد رغبت جدا بأعلامه أنها ترفض حديثة عنها بهذا الشكل ولكنها لم ترغب بان تقلل من احترامه , كان أول ما فعلته في صباح اليوم التالي هو الخروج نحو الإسطبلات لامتطاء احد الخيول والخروج نحو الحقول الشاسعة والتجول حول المنطقة أوقفت حصانها على تلة مرتفعة وأخذت تتأمل القصر الذي أصبح صغيرا من هنا وما يحيط به من أراضي تخص عائلتها أن عمل والدها بمناجم الذهب أبعده عن هنا مما جعل بايرون يدير كل شيء مازالت تذكر ما أعلمتها به عمتها عندما سألتها عن سبب محاولة عمها إبعادهم من هنا بأنه يريد هذا كله لنفسه ابتسمت باستخفاف فعمتها لم تكن تود بايرون كثيراً لابد وانه كان قاسياً معها وكانت تعلم أنها بتركها كل شيء لها سيجعل من المستحيل على بايرون الحصول على ما يريده فهي ألان تملك الحصة الأكبر لهذا المكان فالقد ورثت والدها وهاهي ترث عمتها شدت لجام خيلها لتتابع السير أن الوصي على أملاكها والذي يديرها كان صديقا مقربا من والدها وقد عملا معا بالتنقيب عن الذهب كما كان عمل جدها والذي جعلهم من أغنى العائلات الموجودة , بعد وفاة والدها حاول بايرون أن يكون الوصي على أملاكها ولكن عمتها لم تسمح له وبقي جيرالد المسئول وهاهو عمها منذُ وفات عمتها يحاول إقناعها بالاستغناء عنه وعندما فشل بذلك اتهمها بأنها تضع مالها بين يدين غير آمنتين ولكنها تثق بجيرالد فهو لم يخدعها ولا تعتقد بأنه سيبدأ ألان فهو يحضر دائما للجلوس برفقتها ليتناول الشاي ويحدثها عن مجريات العمل بالإضافة إلى الاستثمارات المالية لم تكن واسعة الإطلاع بما يختص العمل ولكنها كانت تستطيع الثقة به , اقتربت من الإسطبلات وعينيها تتأملان الفتيات المنتشرات خلف المنزل وهن منشغلات بغسل الأغطية البيضاء أسرع السائس بالاقتراب منها ليمسك لجام الخيل فترجلت عنه وسارت نحو الخادمات المرتديات الأثواب الغامقة ووضعن المآزر البيضاء حول خصورهن وارتدين القبعات الصغيرة على رؤوسهم وأخذن يختلسن النظر إليها دون أن تتوقف أي منهم عن عملها فتخطت عنهم لتدخل من الباب الخلفي للمنزل وما أن شاهدتها الطاهية تدخل إلى المطبخ حتى تمتمت ببعض الكلمات مما جعل الفتيات الموجودات ينهمكن بعملهن دون أن ترفع إحداهن نظرها نحوها
- هل أساعدك بشيء آنستي
- لا كنت أقوم بجولة ماذا تعدين
- الإفطار أترغبين بشيء محدد ( نظرت حولها وهي تتحرك مغادرة وقائلة )
- أريد ألان حليباً طازجا
- سأحضره على الفور
استمرت بالسير خارجة من المطبخ وما أن وصلت إلى الصالة حتى جالت بها بنظرة سريعة وهي تخلع قفازيها ثم نظرت نحو الباب الذي فتح واطل منه اندرو لتهز رأسها بيأس وتتحرك نحو غرفة المكتب متجاهلة إياه بينما ابتسم وهو يلاحقها بنظرة ثم تحرك نحوها قائلاً بصوته الجذاب
- أنت هنا إذا .. كنت اعلم أني سأجدك هنا
دخلت غرفة المكتب وهي تقول دون أن تنظر إليه
- لما تأخرت كنت أتوقع حضورك البارحة
تبعها ليستند على حافة الباب متأملاً إياها بابتسامة ساحرة وهي ترمي قفازيها على الطاولة وتتوجه نحو باب الشرفة لتفتحه على مصراعيه وتأخذ نفساً عميقاً فقال وعينيه تراقبان اقل حركة تقوم بها
- لو أعلمتني بنيتك الحضور إلى هنا لكنت رافقتك
استدارت إليه لتلمحه بنظرة وهي تبتسم قائلة
- أحب أن أجعلك تفكر قليلاً وتحتار بأمري الم تجد بالأمر متعة
استقام بوقفته وتحرك نحوها بينما أسندت نفسها بالمكتب خلفها وهي تتأمله لا يختلف كثيراً عن والدته فقد أكتسب جمالها الأخاذ ومكره الذي لا يستطيع احد أن ينافسه به كان ليروق لها لو لم يلاحقها كظلها وقف أمامها ببذلته الأنيقة قائلاً وعينيه العسليتين تلمعان
- لم يكن الأمر يحتاج إلى الكثير من التفكير خاصة انك أخذت حقيبة ملابسك ليس من الصعب بعدها معرفة أين ستتجهين ولكن كان عليك إعلام والدتي إنها غاضبة منك ألان
حركت كتفيها بخفة قائلة
- انها دائمة الغضب مني لن يؤثر شيء صغير كهذا
- مازلت تسيئين الظن بها ( أجابها برقة فلتزمت الصمت للحظة ثم تنهدت قائلة )
- قد تكون على حق ولكني شعرت بالملل وأردت التغير لهذا حضرت وأنت
- أنا ( تمتم وعينيه الهائمتان لا تفارقانها وهو يحرك يده ليحيط يدها ليرفعها إلى شفتيه وهو يهمس ) أعلمتك في السابق سأكون دائما حيث تكونين
- آه اندرو ( قالت معترضة وهي تسحب يدها منه وتتخطى عنه مضيفة ) لما لا تتوقف عن هذا
- سأفعل في اليوم الذي تعطيني به موافقتكِ ( استدارت محدقة به بصمت فتأملها بدوره دون أن يحاول كسر الصمت الذي حل مما جعلها تشيح بنظرها عنه وتهم بالتحرك ) احبك ( تمتم مما جمدها في وقفتها وجعلها تعود بنظرها نحوه فتاهت عينيها بعينيه فاستمر بصوت رقيق جذاب وهو يقترب منها ) لا ذنب لي أن كُنتِ ووالدتي على خلاف أنت تعلمين أني مغرم بك ولا أستطيع التفكير بأحد سواك ألا تدركين مدى الذعر الذي سببته لي باختفائك بهذا الشكل ( وحرك يده ليحيط خدها وهو يضيف ) اعلم انكِ مغرمة بي ولكني اجهل سبب محاولتك الابتعاد واختفائك ألان بهذا الشكل كانت أمورنا جيدة وفجأة بدأتِ تبتعدين وتحاولين تجاهلي .. حدث هذا بعد أن أعلمتك أني مغرم بك لما يوليانا لما تفعلين هذا بي ( رقت ملامحها ولم تجد الكلمات المناسبة لتقولها فلطالما أعجبت به وسعدت برفقته ومازالت تكن له الود ولكن منذُ أن اعلمها انه مغرم بها وهي تشعر بشعورً غريب وهي برفقته ففتحت شفتيها لتتحدث إلا انه أضاف ) أنا في السادسة والعشرين ويجب أن إبداء بتكوين أسرة ولكنها لن تكون بدونك .. كيف أقنعك هلا أعلمتني
همس من جديد ولكنها كانت عاجزة تماماً عن التفكير فلقد غادرت المنزل كي تبتعد عنه وعن ضغطه المستمر عليها فلقد بدأت تشعر بأنها تنجرف بقوة وهي لا تريد هذا لا تريد أن تتخذ قراراً مصيري كهذا وهي مشوشة فأغمضت عينيها وهي تتنهد قائلة
- احتاج إلى التفكير بشكل سليم
- حبيبتي ( فتحت عينيها لمناداته لها وأضاف وعينيه تتأملان بعمق عينيها ) لا أقصد الضغط عليك ولكن هيامي بك يفقدني تعقلي
ابتسمت لقوله برقة فبادلها الابتسامة ثم حرك رأسه نحو الباب الذي فتح وأطل منه بايرون قائلاً وهو يشاهدهما
- أنتِ هنا ( تحركت مبتعدة عن اندرو بحرج وهي تقول )
- اجل قمت بجولة حول المكان لم اعلم انك استيقظت
- أنا مستيقظ منذ ساعات ( وعاد نحو اندرو قائلاً ) كيف هي إليزابيث
- بخير كانت تتساءل ماذا تفعل هناك أن كانت يوليانا هنا فأعلمتها انك سترسل من يحضرها أن قررنا البقاء هنا لبعض الوقت
حرك بايرون عينيه لتستقرا على يوليانا وهو يسير نحو مكتبه قائلاً
- عليك سؤال يوليانا بهذا الشأن .. أستطول إقامتك هنا
وقف قرب المكتب وعينيه تستقران على اندرو فحركت رأسها قائلة
- لا أعلم حتى ألان ولكن ( وابتسمت ناظرة إليهما معاً وهي تضيف ) أجل اعتقد أن إقامتي ستطول هنا
- ولكن عزيزتي على ما يبدو انك قد نسيتِ أننا مدعون لحضور الحفل السنوي الذي تعده الكونتيسة أيفون
- لن تلاحظ أن لم احضر ( قالت ساخرة على قوله فتحرك نحوها قائلاً بإصرار )
- علينا حضوره انه مناسبة اجتماعية هامة يتواجد بها أهم الشخصيات ولا يجب تجاهلها كما أن لدينا الكثير لنفعله هناك اليس كذلك
حركت رأسها بالنفي قائله بتفكير
- لا ليس لدي شيء ( ونظرت إلى عمها مضيفة ) سأذهب إلى القرية .. على تبديل ملابسي أولا فاعذروني
- لا تغادري بدوني سأرافقك ( هزت رأسها بالإيجاب لاندرو قائلة )
- سأكون جاهزة خلال دقائق
وغادرت وما أن اختفت حتى التقت نظرات بايرون واندرو الذي حرك كتفيه قائلاً
- لا تلقي باللوم علي فالقد غادرت دون أن اعلم
توقف عن المتابعة وبايرون يشير له برأسه نحو الباب فتحرك اندرو ليخرج ويجول بنظره في أرجاء الصالة ثم يعود إلى الداخل ليحكم إغلاق الباب خلفه
أخذت تنقل نظرها بين المارة القليلين في البلدة قبل أن تقول بحيرة
- هناك شيء ما لا يبدو طبيعين هنا
- ماذا تعني ( تسائل اندرو الذي يسير بجوارها دون اكتراث فقالت بجدية وهي تنظر إليه )
- اشعر أن الجميع يبتعد عنا ما أن يرونا
- إنهم فقط غير اجتماعيين ولا يختلطون بسرعة بالغرباء
- غرباء ( كررت من بعدة ثم أضافت ) حسنا سأعدُ نفسي غريبة بما أني لم احضر إلى هنا منذ سنوات عدة واعترف أن الوضع يبدو لي في تراجع فانا اذكر أن القرية كانت تبدو أفضل مما هي عليه ألان ولكن أنت لست غريباً فأنت لا تغادرنا إلا إذا جئت إلى هنا ولا يمر شهراً لا تحضر به أن لم تخني ذاكرتي
امسكها من ذراعها وقد اقتربوا من احد المتاجر لتسير معه وهو يقول
- إنهم غير ودودين وليس لي ذنباً بهذا ( وفتح لها باب المتجر لتدخل أمامه ففعلت لتظهر ابتسامة على شفتيها لما يحويه المتجر فجالت بنظرها بين التحف الأثرية ثم اقتربت من إحداها تتأملها باهتمام بينما توجه اندرو نحو صاحب المتجر قائلاً ) هل أعددت لي ما طلبته منك
- اجل هاهو سيدي
نظرت إليه وهو يتناول شيئا من صاحب المتجر دون قدرتها على رؤيته فعادت بنظرها نحو منحوتة بغاية الروعة لنسر كبير ينقض على فريسته
- أعجبتك ( تسائل اندرو الذي أصبح بجوارها )
- اجل .. ماذا أحضرت
- إنها مفاجئة أعددتها لك أنذهب ( ابتسمت وهي تسير برفقته قائلة )
- لا أحب هذا لا تجعلني أفكر وأفكر هيا أعلمني
هز رأسه بالنفي وأشار إلى سائس عربتهم بالاقتراب ليصعدا بالعربة , حركت عينيها عن النافذة إليه متسائلة
- إلى أين نتجه فلسنا بالطريق المؤدية إلى القصر
- انها مفاجئة أخرى ( لمحته بنظرة مفكرة ثم عادت بنظرها إلى الخارج أن مفاجئاته كثيرة اليوم أخذت عينيه تتأملانها وقد شرد بعيداً ولم يخرج من شروده إلا عندما توقفت العربة فترجل منها ومد يده نحوها وهو يقول ) ها قد وصلنا
ترجلت من العربة وهي تحدق أمامها ثم استدارت حولها بحيرة قائلة
- لما نحن هنا
- ألا يروق لك المكان
- أنا أحب الطبيعة ولكني بدوت لي غامضاً
قالت بمرح فابتسم لها ونظر نحو السائس قائلاً
- انتظرنا هنا
وقدم ذراعه لها فتأبطتها وسارت برفقته بعد عدت دقائق من الصمت نظرت إليه باهتمام قائلة
- ما بك .. أنت هادئ جداً على غير العادة ( تنهد وابتسم وهو ينظر إليها قائلاً ببطء )
- هذا لان أمراً ما يشغلني
- أن أعلمتني قد أساعدك ( وأمام صمته حركت كتفيها قائلة ) كما تشاء .. ما أجمل هذا المكان ( أضافت وهي تبتعد عنه وقد أصبحوا على تله عالية وامتدت الجبال أمامها بمنظر ساحر مما جعلها تضيف ) المكان رائع ( ونظرت إليه بابتسامة مستمرة ) ومرتفع جداً
- لا تقتربي أكثر ( قال وهو يراها تقترب من الحافة وسار نحوها مضيفاً ) أحضرت لكِ هذه
استدارت إليه ونقلت نظرها عنه إلى يده التي تحتوي صندوقاً صغيراً جداً منحوتا بشكل رائع لتتناوله وهي تفتح فمها بسعادة قائلة
- اندرو أنا .. لا اعلم ماذا أقول انه جميل جداً .. أشكرك
- افتحيه ( همس لها وهو يتأمل سعادتها ففعلت لتتجمد عينيها دون حراك على الخاتم الماسي شعرت بقلبها يفارقها وحركت عينيها ببطء نحوه فبلل شفته السفلي قائلا وعينيه تثبتان على عينيها ) أتمنى أن تضعي هذا الخاتم عزيزتي فلقد حان لنا الوقت كي نعلن ارتباطنا رسمين كان هذا الخاتم لوالدتي قدمهُ لها والدي ومن قبله لجدي وها أنا أقدمه لك إلى من أحب
حركت شفتيها عاجزة فلم تكن تتوقع هذا إنها توده ولكن أن قبلت خاتمه فهذا يعني موافقتها على الزواج منه أي أنها سترتبط إلى الأبد به إنها غير واثقة برغبتها بحدوث هذا لقد جعلتها عمتها تقسم أن لا تقوم بهذه الخطوة قبل أن تتأكد مما تريده ولكن كيف لها أن تفكر بطريقة سليمة وهو لا يتوقف عن الضغط عليها أخذت نفسا عميقا وهزت رأسها ببطء وهي تقول
- ليس بالوقت المناسب لا أشعر بأني مستعدة لا أستطيع انه أمرٌ رائع ولكني ..
- ولكنك ماذا يوليانا أنتِ تدركين كما أدرك أننا خلقنا لبعضنا ( بدا التوتر الواضح بصوته وأصر ) اقبليه كوني زوجتي
ضمت شفتيها إنها لا تريد أن تؤذيه ولكن لا خيار أمامها فهزت رأسها من جديد ووضعت الصندوق بيده وهي تهمس
- لا أستطيع لستَ السبب بل أنا فأنا غير واثقة من أني أريد .. هذا .. آسفة
وتحركت بصعوبة مستديرة وهي تحاول إدخال كمية من الهواء إلى رئتيها فتأمل ظهرها قائلاً
- لما تفعلين هذا بي بعد كل هذا الوقت ومازلتِ غير واثقة أنتِ تدركين انه كان بإمكاني التوجه إلى عمك ومحادثته أولا ولكني لا أريد أن يتدخل فأنت تعلمين انه سيحاول الضغط عليك
- لا أستطيع اندرو ( قالت بإصرار واستمرت بحدة اقل ) فقط لا أستطيع
بدا الحزن بعينيها المحدقتان بالتلال أمامها بينما اشتدت أصابع اندرو بقوة على العلبة ولمع وميض في عينيه الثابتتين على ظهرها ليضم شفتيه بقوة وهو يقول
- ألا أستطيع إقناعك
حركت رأسها ببطء بالنفي فهز رأسه بالإيجاب ثم نظر حوله بنظرة سريعة وهو يخطو نحوها أكثر شعرت به يقف خفها فعقصت شفتها السفلى وهي تضم ذراعيها إليها وتهمس
- حقا لا اقصد إيذائك ولكنك لا تستمع لي فقط لو تفعل ( توقفت وهي تشعر بيديه التين استقرتا على ذراعيها فأضافت ) أنا احتاج إلى الانفراد بنفسي أريد الجلوس والتفكير دون أن يقطع احدهم علي هذا أو يتدخل أنت تفهم ما أعنيه .. اندرو
همست وهي تشعر بيديه التين اشتدتا على ذراعيها إلا انه لم يستجيب لندائها ويبعد يديه بل قال
- هل افهم انه أن حظيتي بهذا سأحظى بدوري بجواب مختلف على ما طلبته
- أنت تخلط الأمور .. اندرو ( هتفت وقد زاد ضغط يديه فضمت نفسها مستمرة ) أنت تؤلمني
- لا أمل بتغير رأيك
تسائل بصوتً بارد فهزت رأسها بالنفي وحركته نحوه لتجد ملامحه قد تصلبت وعينيه اغمقتا بشدة مما جعل شعورا بالخوف ينسل ببطء إليها لتعود للقول وأصابعه تشتد أكثر) أنت تؤلمني ابتعد هيا دعني .. اندرو ( همست باسمة بيأس وقد اخذ قلبها يخفق بشدة فأرخى قبضته ببطء وعينيه الجامدتان لا تفارقانها فأسرعت بالابتعاد عنه وهي تقول ) ما الذي جرى لك
تحركت عينيه بوجهها بجمود قائلاً
- أصبحتِ في الثالثة والعشرين ولستِ طفلة وان استمريتِ بهذا الشكل ستصبحين عانساً كعمتك لا ينظر إليها أحد لا احد
لمعت عينيها باستنكار لحديثة ولمحته بنظرة سريعة ظهر بها عدم الرضا وتحركت متخطية عنه نحو العربة جلست بها وهي تحاول أن تهدء فلم تكن عمتها تحب اندرو بتاتاً وقد حذرتها منه باستمرار وكانت دائما تعلمها بضرورة إبعاده عنها خاصة انه لا يسمح لأي شاب بالتقرب منها فهو مرافقها الدائم في المناسبات الاجتماعية وغير الاجتماعية انه يلاحقها كظلها وقد سئمت سئمت أغمضت عينيها ببطء لن تحتمل الزواج منه أبدا أنها لا تشعر نحوه بمشاعر الحب التي حدثتها عنها عمتها التي أخلصت لخطيبها حتى مماتها انها تحبه كشخص نشأت معه ليس أكثر كشخص اعتادت وجودة حولها لما لا يستطيع إدراك هذا فتحت عينيها عند صعوده إلى العربة بتجهم وقد اكفهر وجهه ولاذ بالصمت ففعلت بالمثل وما أن وصلت إلى القصر حتى التزمت غرفتها واعتذرت عن تناول العشاء لتنشغل بتصفح احد الكتب في سريرها .......
فتحت عينيها ببطء وهي تسمع صوت باب غرفتها يفتح ثم أغمضتهما وعادت لفتحهما محاولة الرؤية بوضوح خلال ظلمت غرفتها ثبتت عينيها على ظل يدخل غرفتها ببط شديد وهو يتلفت خلفه مما جعلها تتحرك جالسة في سريرها بسرعة وهي تقول بجدية محاوله إخفاء ذعرها
- من هنا
- أرجوكِ لا لا تصرخي أرجوكِ أنا أنا فقط أريد محادثتك ( فتحت عينيها جيداً وهي تسمع الصوت الرقيق للفتاة القلقة والتي تتحرك نحوها وهي تهمس بتوسل ) أرجوكِ أريد أن تساعديني أرجوك ساعديني
اقتربت الفتاة أكثر مما جعلها تميز وجهها المنتفخ قليلاً وقد بدت بشرتها جافة متعبة وعينيها منتفختين وشفتيها محمرتان من شدة البرودة وقد جمعت شعرها بطريقة فوضوية تراجعت يوليانا إلى الخلف بحذر في سريرها وعينيها لا تفارقان الفتاة هامسة بحذر شديد
- ماذا تفعلين بغرفتي
-أريد مساعدتك أرجوك ساعديني ( عادت الفتاة لتهمس بصوت ضعيف وجثت أمامها وأمسكت يدها فسحبتها يوليانا بسرعة من يد الفتاة وهي تنظر إليها بشك فاستمرت الفتاة وعينيها تدمعان ) أعلموني انك تستطيعين مساعدتي فساعديني
- ولكن من أنتِ وبماذا أساعدك أنا حتى لا اعلـ
- اخفضي صوتك لا يجب أن يعلموا أني هنا ادعى فيوليت وكنت اعمل في القصر
قاطعتها الفتاة بذعر وهي تحرك رأسها نحو الباب والحذر والترقب باديا عليها فتأملتها يوليانا دون أن تفارق اقل حركة تقوم بها وتابعت عينيها عيني فيوليت التي استقرتا على الباب قبل أن تتساءل
- أأنتِ خائفة من شيءً ما ( نظرت إليها بعينين مفتوحتين وقد دب الرعب بها وهي تهمس )
- أن علموا أني وصلت إليك سيقتلونني كما فعلو بعمي
تجمدت مقلتيها دون حراك ثم رمشت وهي تهمس ببطء محاولة استيعاب ما يحدث
- من سيقتلكِ أن وصلت لي
- السيد ( وأمام تحديق يوليانا بها دون حراك قربت فيوليت رأسها منها مؤكدة وعينيها مفتوحتان جيداً وقد كان جسدها يرتجف بأكمله ) السيد الكبير
- بايرون أتعنين الورد بايرون
- اجل اجل لقد تسبب في مقتل عمي وان علموا أني هنا سيتخلصون مني أيضاً
تأملتها مستنكرة وهي لا تصدق حرفا واحداً مما قالته هذه الفتاة الغير متزنة أمامها فعادت للقول محاولة من جديد
- لما قُتل عمك ولما سيتخلصون منك ماذا فعلتم
- لاشيء لم نفعل شيء أن عمي حتى لا يعيش هنا لقد جاء لاصطحابي معه بعد أن أرسلت له رسالة انه يسكن بعيداً عن هنا ولا يحضر ألا نادراً ( عقدت حاجبيها وهي تصغي للفتاة المضطربة وهي تستمر بهمس وعينيها تتلفتان بين لحظة وأخرى نحو الباب بقلق ) أعلمته أني لست على ما يرام فحضر وعندما علم ما أصابني تشاجر مع السيد واعلمه انه لن يصمت فـفـ فقتله اجل اجل هو من قتله لم يكن حادثاً هو هو قال لي ذلك ( واهتزت فيوليت وهي تضيف بخوف ) وقال لي أن حاولت الهرب فسيتخلص مني أيضا
- توفي عمك بحادث
- لا أنت لا تدركين ما أتحدث عنه لقد قتله ( صمتت ولم تتابع وهي تحدق بيوليانا ثم هزت رأسها قائلة ) أنت لا تصدقيني أليس كذلك ( لم تجبها بل بقيت تحدق بها بصمت فأضافت بصوت متوسل حزين ) لا أحد يصدقني ولكن يجب أن اذهب إلى مزرعة عمي اجل اجل يجب أن اذهب إلى دلبروك أرجوك ساعديني
- ولكني لأستطيع انـ
- بل تستطيعين لأحد هنا سيمد يده لمساعدتي وإلا تعرض لغضب السيد أما أنت فلا ستساعدينني يمكنك ذلك ( تحركت فيوليت ممسكة بيدها من جديد وهي تتوسل ) ستساعدينني اليس كذلك
حركت يوليانا عينيها المصدومتان عن وجهه فيوليت إلى يديها الباردتان التين أمسكتا بيدها وهمت بالتحدث إلا أنها توقفت وهي ترى بطن فيوليت المنتفخ من تحت ثوبها الرث فهتفت دون أن تستطع المتابعة وعينيها تتوسعان
- أنتِ ..
ضمت فيوليت شفتيها وهما ترتجفان قائلة بصوت منكسر وقد أخفضت نظرها بألم وهي تضع يدها على بطنها
- أجل
مضت لحظة صمت قالت بعدها يوليانا ببطء وعينيها لا ترمشان وقد بدأت تدرك ما كانت تحدثها عنه فيوليت
- أنت لست مرتبطة ( هزت رأسها بالنفي ففتحت يوليانا شفتيها بعدم تصديق وقد أدركت ألان ما كانت تقوله قائلة ) الورد بايرون من فعل هذا
- لا ( تمتمت بهمس وقد ظهر الإعياء على وجهها وهي تضيف ) السيد اندرو من فعل هذا بي
- اندرو ( تمتمت بصوت غريب عنها )
- اجل انه يتعمد إيذائي والسيد بايرون سيتخلص مني إذا أعلمت أحداً عما جرى لقد قتلوا عمي عندما أعلمهم انه لن يصمت عمي المسكين ( تمتمت وعينيها تعبران عن مدى الحزن الذي تشعر به مستمرة ) ليس إلا مزارع فقير يعيل أسرة كبيرة وقتلوه بسببي ( وأمعنت النظر بيوليانا مضيفة بعينين دامعتان ) لديه ستة أطفال وقتلوه بدم بارد أرجوك أنا أرجوك أعطني نقوداً أريد المغادرة إلى دلبروك ولا أستطيع فلا املك بنساً واحد أعطني القليل فقط وسأعيدهم لك فيما بعد ولن اعلم احد انك من أعطاني إياهم أرجوك ( رفعت يوليانا يدها المرتجفة إلى فمها وقد شعرت بكل جسدها يرتجف لما تسمعه ) مبلغ قليل جدا حتى أتمكن من المغادرة لا أريد الكثير فقط ما يوصلني إلى دلبروك
- من لك بدلبروك
- منزل عمي الذي قتل هناك سأختفي هناك ولن يجدوني انه بعيد جدا سيتخلصون مني أن بقيت هنا أنا اعلم هذا
بدا التفكير عليها وهي تتحرك عن سريرها وتتوجه نحو حقيبتها فسارعت فيوليت بالتوجه نحوها وهي تنحني قليلاً إلى الأمام والألم باديا على وجهها أخرجت يوليانا قطعاً نقدية من حقيبتها ووضعتها بيد فيوليت وهي تقول
- أتكفي هذه ( هزت رأسها بالإيجاب وهي تحدق بالقطع النقدية التي بيدها فأضافت يوليانا ) أتستطيعين المغادرة من هنا
- بما أني املك المال فسأتدبر أمري
وتحركت تهم بالاستدارة فأمسكتها يوليانا من ذراعها مما جعلها تنظر إليها فعادت لتخرج المزيد من القطع النقدية وتضعهم بيدها مع الأخريات قائلة
- هذه لعائلة عمك ( دمعت عيناها هامسة )
- أشكرك
وتحركت نحو الباب تابعتها يوليانا وهي تشعر بالعجز ثم قالت وهي تراها تحاول فتح الباب
- دعيني أتأكد أن كانت الطريق أمنه لك ( خرجت من غرفتها متلفته حولها قبل أن تهمس لها ) اتبعيني
سارت نحو الأدراج المؤدية إلى الطابق الأرضي وهي تتلفت حولها وفيوليت خلفها ثم دخلت الممر المؤدي إلى المطبخ والذي يؤدي بدوره إلى الباب الخلفي أشارت لها بالبقاء في مكانها وقد تناهى لها صوت ثم أطلت إحدى الخادمات والتي بادرتها فور رؤيتها
- أتحتاجين شيئا آنستي
استقامت جيدا في وقفتها محاوله الظهور بالمظهر الجاد رغم ارتجافها الداخلي وهي تقول
- لا لاشيء ماذا تفعلين هنا بهذا الوقت
- شعرت بالعطش وجئت لشرب الماء
- أن كنت انتهيتِ عودي لغرفتك
هزت الفتاة رأسها وغادرت نحو الممر المؤدي لغرف الخادمات لتختفي هناك فدخلت يوليانا إلى المطبخ وبعد أن تأكدت من خلوه أشارت لفيوليت لتتبعها ففعلت وما أن خرجت من الباب حتى همست
- أستطيع تدبر أمري من هنا أنا شاكرة لك حقاً ( وهمت بالتحرك إلا أنها توقفت وعادت بنظرها إلى يوليانا ثم اقتربت منها أكثر هامسة ) انتبهي لنفسك أن السيد بايرون و .. اندرو يريدان التخلص منك أيضا
تجمدت عيني يوليانا عليها دون استيعاب وقبل أن تستطيع التفوه بكلمة تحركت فيوليت مبتعدة وهي تتلفت حولها لتختفي وسط ظلمة الليل رمشت يوليانا وهي تستدير ببطء وقد اختلج في صدرها العديد من المشاعر المتضاربة ثم عادت برأسها من جديد نحو الباب الذي خرجت منه فيوليت ما الذي قصدته بهذا حركت رأسها ترفض تلك الأفكار التي راودتها ففيوليت تبدو مضطربة وليست متزنة .. اندرو أيها الأحمق وتجرؤ على طلب الزواج بي تحركت مغادرة المطبخ لتعود نحو غرفتها وتجلس في سريرها وتفكر وتفكر غير قادرة على الوصول إلى شيء , انتفضت بسريرها بفزع دون أن تدرك متى قد غطت بالنوم وأخذت دقات قلبها بالتسارع لتجلس جيداً وهي تتلفت حولها قبل أن تتجمد عينيها على باب غرفتها وهي تسمع أصواتً هامسة وجري سريع فتحركت من سريرها وهي تحدق بالنافذة وقد أشرقت الشمس فتناولت روبها وارتدته وهي تفتح الباب محدقة بالخدم الذين تخطو عنها مسرعين لتتابعهم بحيرة قبل أن توقف إحداهن متسائلة
- ما الذي يجري
- وجدوا جثة ويريدوننا جميعاً في الخارج
اجابتها الفتاة المتوترة مما جمد الدم في عروقها وتحركت إلى الخلف ببطء وهي تتابع الخادمة التي أسرعت بالمغادرة حركت عينيها دون تصديق حولها ثم نظرت إلى حيث يتوجه الجميع وأسرعت بلحاقهم وهي تصلي أن تكون مخطئة أطلت إلى الخارج وأخذت خطواتها تبطئ وهي تشاهد مجموعة من الخدم الذين يقفون أمامها وقد وقف بايرون المتجهم إمام جثة ممددة على الأرض وضع عليها غطاءٌ بني قائلاً بحدة
- ستعلمونني ألان وإلا اقسم أن الجميع سيعاقب
حركت عينيها بين المجموعة الواقفة أمامها لتتخطى عنهم بقدمين مرتجفتين وعينيها لا تفارقان الغطاء قائلة
- ما هذا
- ماذا تفعلين هنا من الأفضل أن تعودي إلى الداخل
وقفت بجوار الجثة متجاهلة قول عمها وانحنت نحو الغطاء تريد رفعة عن وجه المتوفى وإذا بيدين تمسكانها من ذراعيها مانعة إياها واندرو يقول
- لا يجب أن تشاهدي هذا إنها بوضع سيء
حركت رأسها نحو اندرو الذي يمسكها واستقامت بوقفتها ببطء وهي تهمس غير مصدقة
- إنها .. أهي فتاة ( بدا الأسى على وجهه وهو يقول )
- اجل فلقد حاولت الهرب وتعرضت إلى حادث خلال هذا مما أدى إلى وفاتها
- اندرو ادخلها إلى المنزل
أصر بايرون فحركت نظرها عن اندرو إليه قائلة وعينيها مفتوحتان بشكل غريب
- كيف توفيت
بدا الامتعاض على بايرون وحرك يده مشيراً إلى مجموعة الخدم التي وقفت أمامه بصمت قائلاً بحدة
- ليست مشكلتي كيف توفيت بل مشكلتي كيف حصلت على هذه ( وقذف القطع النقدية أرضا وهو يضيف ) من منكم يجرؤ على سرقتي انها لم تحضرها بنفسها فهي محظورٌ عليها الدخول إلى القصر هيا اعترفوا
صاح بايرون بغضب شديد وقد امتقع وجهه واستمر ولكن يوليانا كانت تحدق بالنقود وهي تشعر بنفسها تهتز وسيغمى عليها حركت نظرها إلى الجثة ببطء وانحنت بسرعة نحوها لتزيح الغطاء عن وجه فيوليت المزرق أطلقة صرخة مخنوقة وهي تضع يديها على فمها والرعب يسري إلى كل خلية بجسدها جذبها اندرو بقوة كي تقف وهو يقول
- ما كان لك النظر إليها ( جحظت عينيها أكثر وهي تشعر بالغثيان فتحركت من بين يديه وجرت بسرعة إلى المنزل لتدخل الحمام وتغلق الباب خلفها وقد تجمعت الدموع بعينيها قبل أن تتحرك بسرعة لتتقيء ) عزيزتي هلا فتحتي الباب ما بك .. أنتي بخير .. يوليانا أجيبيني .. تبا ما كان لك أن تشاهدي هذا أنتِ مرهفةُ الإحساس ( حركت رأسها نحو الباب الفاصل بينها وبين اندرو ثم عادت لتتقيء وهي تضع يدها على معدتها جلست أرضا ووضعت يديها على أذنيها لا تريد سماع صوته الذي لا يتوقف عن الحديث والطرق إنها لا تستطيع تصديق هذا هل فيوليت صادقة بكل ما أعلمتها به أيجرؤ بايرون واندرو على هذا لا لا تستطيع تصديق ذلك لا لا انه مجرد حادث اجل هو كذلك فهما غير قادران على ذلك ) يوليانا أنا جاد سأحطم هذا الباب ألان
حاولت اخذَ نفساً عميق وهي تحاول تمالك نفسها وتحركت واقفة ببطء وهي تمسح دموعها بيدين مرتجفتين قائلة بوهن
- أنا قادمة
فتحت الباب وهي تضع يدها على معدتها فامسكها اندرو بسرعة قائلاً
- ما الذي جرى لك
- اشعر بالإعياء الشديد أريد الذهاب إلى غرفتي
ساعدها بالوصول إلى غرفتها لتجلس على سريرها بينما عينيه تتابعانها باهتمام وهو يقول
- سأجعلهم يعدون لك الإفطار وبعض الشراب الساخن سيفيدك هذا
هزت رأسها بالإيجاب ومدت ساقيها على السرير وهي تشعر بأنها غير متزنة بعد فوضعت الغطاء عليها متسائلة وعينيها لا تنظران إليه
- كيف توفيت الفتاة اندرو
- على ما يبدو أنها وقعت ودقت عنقها وجدوا جثتها هذا الصباح قرب النهر ولكن أتعلمين ما يشغلني أنهم وجدوا بحوزتها العديد من القطع النقدية إنها سارقة تبا لا يستطيع المرء الثقة بأحد ( نظرت إليه لتجول عينيها بوجهه فتسائل لتصرفها ) ما بك
- الست حزيناً على وفاتها
- حزين ( هتف مستنكراً وأضاف بتكبر ) ولما قد احزن على حثالة انها تستحق هذا فليست سوى سارقة وهذا مصير كل خائن .. لا تدعي الأمر يؤثر بك انه لا يستحق
أضاف جملته الأخيرة بحنان وهو يقرب يده منها ليلامس وجهها فتراجعت إلى الخلف قائلة وقلبها يقفز بعيداً
- أريد الانفراد بنفسي
توقفت يده عن الحراك وعينيه تتوقفان على وجهها بإمعان ثم أعادها إلى جنبه قائلاً وهو يسمع صوت بايرون الغاضب وقد دخل إلى المنزل
- حسنا ولكن عديني أن تستلقي ولا تفكري كثيراً بما رأيتي فالحياة ليست جميلة كما نتخيلها عزيزتي ( ابتلعت ريقها بصعوبة دون إجابته فحرك رأسه نحو الباب وهو يسمع صوت بايرون من جديد ليتنهد ويتحرك مغادراً وهو يضيف ) سأعود للاطمئنان عليك
تابعته بعينيها حتى خرج وأغلق الباب خلفه فعادت إلى ما أمامها دون تركيز وقد شحب وجهها فضمت أصابع يديها معا وهي تشعر بهم يرتجفون دون توقف ثم ضمتهم إليها ورفعت الغطاء إلى صدرها وهي تنكمش على نفسها وعينيها لا ترمشان بدت تائها غير مصدقة فُتح باب غرفتها من جديد مما جعلها تنتفض وهي تنظر إليه لتسترخي قليلاً وهي ترى روز تدخل منه وهي تحمل صينية الطعام تابعتها إلى أن وضعت ما بيدها بجوارها لتتسائل وعينيها لا تبتعدان عن وجه روز
- أين كنت
- أسفه لتأخري
- سألتك أين كنت
كررت سؤالها وهي تقاطع روز التي اختلست نظرة سريعة نحوها قبل أن تقول
- عندما سمعتهم يتحدثون عن الفتاة المتوفاة خرجت لأراها المسكينة كانت إصابتها بالغة لا أعلم من يمكنه أن يؤذي فتاة وهي بهذا الوضع هل علمتي آنستي بأنها تحمل طفلا في أحشائها
هزت يوليانا رأسها بالنفي وقد راقها استرسال روز بالحديث فتسائلت
- لم قلت أن هناك من أذاها اعتقدت أنها وقعت أو شيء كهذا
- لا آنستي على ما يبدو أنها تعرضت للضرب الشديد والسقوط بقوة كانت الرضوض بالإضافة إلى الدماء تملىء ثيابها عندما احضروها لم استطع رؤيتها جيدا قبل أن يضعوا الغطاء عليها ( واستمرت بصوت هامس ) سمعت من الفتيات أنها كانت هاربة من صديقها
- صديقها .. وهل يعرفون من هو صديقها
- لا أنهن يقلن أنها كانت غريبة الأطوار وقد منع حضورها إلى داخل المنزل واقتصر عملها على الغسيل وترتيب الحديقة وتبقى في كوخ يقع على أطراف القصر كان والدها يستعمله قبل وفاته وقد كان البستاني لهذه الحديقة
وضعت روز الطعام أمامها فلم تعترض وهي تريد الاستماع للمزيد فقالت وهي تدعي عدم الاهتمام
- وماذا تعلمين أيضا
- يقلن أنها سرقت المال من صديقها إنهن يعتقدن انه رجل ثري ولكنهم متكتمات نوعاً ما ولا تتحدثن أمامي بأي شيء
هزت رأسها ببطء وتأملت طعامها دون أي رغبة بتذوقه ثم رفعت نظرها إلى روز قائلة
- احضري لي الحليب الطازج ونادي على إحدى الخادمات لتقوم بترتيب الغرفة
تحركت روز مغادرة ولم تكن دقائق حتى دخلت فتاة قصيرة القامة نحيلة لأبعد الحدود راقبت يوليانا وجهها الشاحب وعينيها المتورمتين والمحمرتان لتقول بصوت خافت بالكاد سمع
- سأرتب لك الغرفة حالاً آنستي
- ما أسمك ( تسائلت والفتاة تتحرك بإرجاء الغرفة فأجابتها باقتضاب وهي تتابع عملها )
- آني
- أكنت تبكين يا آني ( استقامت أني بوقفتها وقد انحنت لتنفض الغبار عن الأريكة واخفضت نظرها ببطء دون أجابه فعادت يوليانا للقول ) لما تبكين
- أنا فقط حزينة على فيوليت
- أكنت على معرفة جيده بها ( همت بالتحدث إلا أنها نظرت نحو الباب بحذر لتعود للقول )
- لا ( لم يفتها توتر أني وخوفها لذا قالت )
- ولكنك حزينة عليها
- لم تكن تستحق الموت بهذا الشكل إنها فتاة جيدة وكان الجميع يودها فلم تؤذي أحدا يوماً كانت جيدة وكذلك كان والدها
- أين هو والدها
- توفي منذ زمن وليس لديها أقرباء سوى عمها الذي حضر منذُ شهران و.. و .. اعتقد آنستي أن علي إنهاء عملي
أسرعت آني بالقول وهي تعود لمتابعة عملها فتحركت يوليانا عن السرير وسارت نحوها قائلة
- لقد توفي عمها اليس كذلك
- اجل ( أجابتها آني وهي تهز رأسها دون أن تنظر إليها فاستمرت يوليانا )
- لقد قتل أيضا
- أنا انا لا علم شيئا أرجوك لا تسأليني أن أن كل ما أعلمه هو ما أخبرتني إياه فيوليت
- وهو
- انه كان عائداً من هنا نحو مزرعة مارش في دلبروك فهو يعمل بها وفي أثناء الطريق توفي .. لا أعلم شيئاً غير هذا وأنا يجب أن اذهب
وأسرعت بالمغادرة تابعتها يوليانا ثم ضمت روبها جيداً وقد شعرت بان ساقيها جامدتان كالحجر وبدماءً باردة تسري بداخلها عليها معرفة ما يجري هنا لذا غادرت غرفتها لتنظر حولها وهي تنزل الأدراج إلى الطابق الأرضي لتجول بنظرة بأرجاء الصالة وهي تشعر بالغثيان اقتربت من باب غرفة الطعام ولكنها توقفت في مكانها وقد تناهى لها صوت عمها الغاضب
- الم تجد طريقه غير هذه أكان عليك توريطنا من جديد أيها الغبي
- لم يكن أمامي حلٌ أخرى ( منعت نفسها بالقوة من التقيؤ وهي تسمع كلمات اندرو ألامبالية والخالية من أي مشاعر إنسانية لم يعد لديها ادنى شك ألان بان كل ما قالته فيوليت هو صحيح عادت لتصغي وهي تسمع صوت اندرو وهو يستمر ) رأيتها وأنا في طريق عودتي وعندما حاولت إيقافها رفضت وقاومتني وجرت بعيدا فما كان علي سوى لحاقها أنت تعلم أنها تعرف الكثير ولا يجب أن تغادر ومن الجيد أني رأيتها قبل أن تختفي دون أن نعلم إلى أين ذهبت .. لقد فعلت الصواب
- فعلت الصواب ( صاح بايرون بغضب واستمر ) لم تفعل سوى توريطنا من جديد في البداية عمها وألان هي بما انك ماهر بهذا الشكل لما لم تخلصني من الأخرى هل وافقت على الزواج أم بعد كان عليك البارحة بعد عودتكم الحضور لرؤيتي ولكنك لم تفعل فهل أخمن أنها مازالت على موقفها ولا تريد الارتباط بك
قربت رأسها أكثر نحو الباب وهي تصغي بكل حواسها وشعرت بالثواني تمر ببطء قبل أن تسمع اندرو يقول بتبجح
- اجل لقد رفضت لا تريد الارتباط بي ماذا أفعل بحق الله هل اجبرها على ذلك لم ادع طريقة اعرفها ولم استعملها وكنت لأجبرها لو أنها لم تنشئ على يدي عمتها المتعصبة التي لم تتوقف عن إعطاء رأيها العين بي كلما سنحت لها الفرصة وجعلتها حذرة مني لما لا تحاول الضغط عليها أنت عمها
- لا أستطيع شيئا بوجود جيرالد بجوارها ( أجابه بايرون بنفاذ صبر وأضاف ) أعلمتك سابقا أن لم تقبل بك لن تكون لغيرك فأملاك ميرفيلد لن تكون لغيري مهما حصل أتفهم هذا إنها المرة الأخيرة التي أقول لك بها هذا أن لم تقبل بك تخلص منها لما لم تفعل حتى ألان أم انك ماهرا مع غيرها بهذا
- لا تستهزئ فالقد حاولت وضعت يدي عليها بهذا الشكل وما كان علي سوى دفعها إلى الأمام حتى تهوي وتختفي إلى الأبد .. ولكني لم أفعل
- لا تعلمني انك أغرمت بها
- كيف ذلك وأنا مغرمٌ بغيرها كما تعلم ولكني .. لا أعلم لما لم افعل لم أكن احتاج إلا إلى دفعة صغيرة ولكن يمكنك القول إني اعتدتُ عليها وفكرة زواجي منها تروق لي أكثر من التخلص منها
- لقد رفضتك اندرو هل تدرك هذا ( هتف بايرون بحدة به مما جعل اندرو يقول )
- توقف عن الصراخ بي
- لن افعل قبل أن تتخلص منها عليك ذلك لقد مَنَعَتني من التصرف بأملاكها وألان لديها حصة يوليانا العجوز الخرقاء وهاهي بدأت بالحضور إلى هنا ماذا سأنتظر بعد .. أن لم تتزوجها ( قال وهو يشير إلى اندرو بإصبعه مهدداً ) سأقضي عليك وعليها
شعرت برأسها يدور ويدور فوضعت يديها على الباب وأرخت رأسها كي لا تقع ولكن الصمت المفاجئ الذي حدث بالداخل جعل حواسها جميعها تعود للعمل هل شعروا بها تحركت بسرعة وهي تتلفت حولها نحو الممر المؤدي إلى المطبخ ولكنها لم تكد تصله حتى سمعت صوت الباب يفتح فاختبأت بالممر بجوار الخزانة الكبيرة وتجمدت أكثر وهي تسمع صوت اندرو الذي قال
- لأحد
- أنت واثق
- اجل
- ولكن أذناي لا تخطئان أتعتقد أن هناك من كان يصغي لنا
- لا أعلم
- خيرا لك أن تعلم ( توقف عن المتابعة وهو يرى روز تنزل الأدراج فتسائل ) أين سيدتك
- جئت للبحث عنها فهي ليست بغرفتها
حرك بيرون عينيه لتلتقيان بعيني اندرو الذي نظر إليه بدوره قائلاً
- لديك يوم واحد فقط لتثبت لي انك تستحق ما أعطيك إياه ( ابتلعت يوليانا ريقها بصعوبة بالغة بينما تحرك بايرون ليدخل غرفت المكتب ولكنه توقف ووضع يده على كتف اندرو قائلاً ) دون تردد هذهِ المرة
وانسل لداخل مكتبه فتحركت يوليانا بحذر نحو الأدراج المؤدية إلى الطابق الثاني المتصلة بالممر المؤدي إلى المطبخ وعينيها تنظران بخوف حولها لتصعد إلى غرفتها ما أن اندست في سريرها حتى فتح باب غرفتها ودخل اندرو وهو يتأمل ظهرها وقد ضمت يديها المرتجفتين إليها
- ها أنت عزيزتي أين كنتِ
واستدار حول السرير حتى ينظر إليها فضغطت يديها على معدتها قائلة وهي تحاول جاهدة أن يخرج صوتها ثابتا
- في الحمام أتقيئ لا أشعر أني على ما يرام
قرب يده نحو جبينها فحاولت بكل ما تستطيع مقاومة رغبتها بالقفز بعيداً وهو يتلمس جبينها قائلاً
- أنت محرورة
- معدتي تؤلمني ( همست بإعياء حقيقي فجثي لينظر إليها جيداً وهو يقول )
- ما كان عليك رؤيتها انظري إلى نفسك ( أخفضت جفونها قليلاً لا تريد النظر إلى عينيه التين تنظران إليها بإمعان فحرك يده من جديد ليلامس شعرها ببطء وتنسل يده إلى خدها وهي تلاحق لمسته بكل كيانها لتستقر يده على ذقنها وهو يقول ) بعد الذي حصل البارحة فكرت بنسيان الأمر أما ألان اعتقد أن علي إقناعك .. اليس كذلك ( بقيت كما هي دون حراك فحرك ذقنها نحوه لينظر إلى عينيها التين حدقتا به بذعر واستمر بخشونة ) أن وجودك هنا جيد .. بعيد عن ضغوطات والدتي
أضاف وقد عادت الرقة إلى صوته
- اندرو أنا متعبة
قالت وهي تحاول جاهدة أن تبدو على طبيعتها فاشتدت أصابعه على ذقنها وعينيه تضيقان وهو يقول
- تجدين دائما مبرراً للهرب مما أحدثك به أتعتقدين أن تصرفك البارحة لم يجرحني لتعلميني سبب رفضك أريد أن اعلم فأنت تميلين لي وليس لديك شخص أخر في حياتك وأنا على ثقة بهذا إذا لما لا تكونين زوجتي أم تراك تعتقدين أني اطمع بثروتك عليك التفكير جيدا لا لا تقاطعيني سأنسى ما حصل البارحة وسأمهلك حتى صباح الغد لتفكري بشكل سليم فكري بمصلحتك واعطني جوابك النهائي ( وترك ذقنها وتحرك ليقف وهو يضيف بثقة وقد تابعته عينيها ) عليك التفكير جيدا هذه المرة ليدي فروديت ( وتحرك نحو الباب ليفتحه مناديا على روز التي أطلت فتابع ) احرصي على راحة سيدتك ومن الأفضل أن لا تغادر غرفتها فهي متوعكة
أضاف جملته الأخيرة وعينيه معلقتين بها ثم تحرك مغادراً فانكمشت على نفسها من جديد وقلبها يخفق بجنون طالباً الخلاص من الشعور المهيب الذي تشعر به ألان بقيت ساكنه في مكانها للحظات ثم استدارت معطية ظهرها لروز واحتضنت وسادتها والخوف يملأ صدرها فما سمعته لا تستطيع تجاهله وهو يعلم أنها سمعته فهو يهددها وليست غبية كي لا تدرك ذلك رباه كيف يفكر عمها شقيق والدها بالتخلص منها ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تشعر بيدي اندرو التين أمسكتاها بقوة البارحة لو دفعها قليلاً لما كانت لتنجو لقد فكر بفعل هذا اخذ جسدها يرتعش ما الذي تنتظره هل ستبقى هنا حتى تجد نفسها كفيوليت أو أن ينتهي أمرها بالزواج باندرو بالقوة جلست بسريرها بسرعة وتلفتت حولها هاتفة بتوتر
- روز أين الحليب الم اطلب منك إحضار الحليب الطازج أين هو
انتفضت روز وأشارت إلى الكوب الموضوع بجوار الطعام قائلة
- وضعته هناك آنستي
نظرت إلى الكوب وحركت يدها لتدفع صينية الطعام قائلة بغضب
- اهذا طعام أتسمين هذا طعام أسرعي بإحضار طعام حقيقي وليس هذا
تحركت روز نحو الأطباق التي أصبحت على الأرض وهي تقول
- حسنا آنستي
- اذهبي لإحضار غيره أولا وأين ذهبت تلك الفتاة الحمقاء طلبت منها تنظيف الغرفة ولم تفعل احضريها إلى هنا على الفور لا اعلم كيف يسمح عمي لهن بهذا أن الغرفة ما زالت مليئة بالغبار ماذا تنتظرين
صاحت بروز بغضب تملكها وما يدعمه هو خوفها الحقيقي الذي تشعر به فأسرعت روز بالمغادرة بينما تحركت لتسير بالغرفة على غير هدا وما أن أطلت أني حتى هتفت بسرعة
- احكمي إغلاق الباب خلفك
فعلت ما طلبته وهي تنظر إلي يوليانا بحذر فقالت وهي تهز رأسها بذات الوقت
- اقتربي ( اقتربت بتوتر وما أن أصبحت بجوارها حتى همست لها بحذر شديد )
- أريد المغادرة من هنا ( فتحت آني عينيها جيدا بينما استمرت ) لا أريد أن يعلم احد أني مغادرة لا احد لا عمي لا اندرو ولا حتى روز لا أريد أن تهمسي لنفسك حتى بهذا ( زادت عيني آني بالتوسع فاستمرت يوليانا ( كيف أستطيع المغادرة
- أنا لا
- لا أريد أن تقولي لي انك لا تعلمين بل ستقولين لي كيف سأغادر من هنا دون أن يشعر بي احد
- لا أستطيع مساعدتك اقسم على هذا سيقتلني السيد لو علم انيـ
- لن يعلم
- لا أستطيع انه يعلم بكل شيء
- لن يعلم بحق الله ماذا تريدين قطع نقدية سأعطيك فقط أريد الخروج وتدبر عربة لتقلني حتى محطة القطارات أنا لا اعرف أحدا من العاملين هنا أما أنت فتعرفين بمن يمكنك الوثوق سأعطيك العديد من القطع النقدية وأنت أعطي من سيقود العربة قدر ما تشائين
- ولكن أن علم السيـ
- كيف سيعلم أن لم تعلميه أنت أو السائس ( وتحركت نحو حقيبتها لتخرج خمس قطع وتضعها بيد آني التي فتحت فمها عند رؤية النقود مضيفة بقلق ) حسنا
بللت أني شفتيها وعينيها لا تفارق النقود ثم نظرت نحوها وهي تغلق راحت يدها على النقود قائلة
- سأذهب لأتأكد أن كان جون سيساعدني
- أتستطيعين الثقة به
- ننوي الزواج عما قريب بالتأكيد أستطيع الثقة به
- حسنا ولكن ليكن الأمر خلال ساعة من ألان سأدعي أني ذاهبة لركوب الخيل لا لا فانا متوعكة سـ سأقول انـ اني ماذا ماذا فكري يوليانا
- آنستي سأفتعل مشكلة بين خادمتين دائمتا الخصام مما يجعل البقية منشغلين بهما لبعض الوقت أما السيد فلا اعلم كيف
- افتعلي حريقاً
- لا أستطيع ( أسرعت آني بالقول بقلق فعادت لتضيف )
- افتعلي أي شيء ليكن شجار الخادمات عندما يبدأن سأخرج من الأدراج الخلفية المؤدية إلى المطبخ ومن هناك إلى الإسطبلات
- لا سيعلمون أن جون هو الذي قام بإيصالك هل تعلمين أين تقع الطريق الفرعية المؤدية إلى النهر
- اجل
- اسلكي تلك الطريق وسيلاقيك هناك جون سأجعله يذهب إلى القرية لإحضار بعض الطحين فيخرج من ألان حتى لا يشك احد به
- انها فكرة جيدة ولكن أستطيع الثقة بك لن تخذليني استفعلين
هزت أني رأسها بالنفي وهي تقول
- لا لن أخذلك .. فيوليت كانت صديقتي وكانت تعلمني بكل ما كان يجري وأنا من أدخلتها إلى القصر لتقصدكِ ولقد ساعدِتها وأعطيتها النقود ( بدا الحزن العميق على آني وهي تضيف ) فقط لو استطاعت المغادرة والوصول إلى مزرعة مارش لكانت بخير وما كان ليستطيعوا معرفة مكانها
توقفت عن المتابعة لإنفتاح الباب مما جعل يوليانا تنتفض قبل أن تلمح روز بنظرة سريعة هاتفة وهي تدعي الغضب لتخفي توترها وخوفها من انفضاح أمرها
- هيا أسرعي بتنظيف هذه وأنت روز أتحتاجين كل هذا الوقت لإحضار الطعام ( وتحركت نحو الأريكة لتجلس وهي تضيف ) ضعي الطعام هنا
بعد أن تناولت القليل من الطعام عادت نحو السرير لتستلقي عليه وهي تدعي أنها تريد النوم وأخذت بين لحظة وأخرى تفتح عينيها مختلسه النظر على روز الجالسة بشرود , ادعت أنها تغط بالنوم العميق عندما دخل بايرون إلى غرفتها مدعي الاطمئنان عليها بينما أخذت روز تعلمه بمدى توتر وعصبية سيدتها .. إنها تكرهه لا تستطيع أن تفكر بأنه عمها لقد أعمى الجشع بصيرته لم يكن يظهر الود لها ولكنها لم تتخيل أن يصل به الأمر إلى التخلص منها بقيت ساكنه تحاول التفكير جيداً فرغبتها شديدة بالتوجه نحو منزلها وطرد إليزابيث منه ولكن عليها أولا أن تصبح بأمان ثم هناك الكثير من العمل اختلست نظرة جديدة وهي تسمع بعض الضجيج الصادر من الخارج لترى روز تقف وتتوجه نحو النافذة بفضول ثم تتحرك ببطء نحو سرير سيدتها لتتأملها وتتأكد من عدم استيقاظها ثم تتحرك مغادرة الغرفة وما أن مرت ثانيتين على انغلاق الباب حتى تحركت من سريرها وأسرعت نحو ثوبها لترتديه على عجل وتتناول حقيبة يدها وقبعتها وتفتح الباب بهدوء ثم تهم بالعودة لرؤية أحداهن تقترب ولكنها سرعان ما هدأت وهي ترى آني التي تشير لها بيدها لتسرع نحوها وهي تختلس النظر لتتأكد من خلو الممر فتبعتها يوليانا إلى المطبخ الذي خلى ثم إلى الخارج وهي تقول بتوتر ورأسها لا يتوقف عن الالتفاف بحذر
- أين بايرون واندرو
- السيد الكبير في غرفة المكتب أم السيد اندرو في غرفته وجون ينتظرك قرب النهر ولكنه لن يستطيع إيصالك أكثر من القرية ولكن لا تقلقي فهو سيرسلك مع شخص يثق به حتى المحطة
- أنت واثقة
- اجل
- حسنا أشكرك
تمتمت وتحركت بحذر لتجري نحو الأشجار التي اختفت خلفها البارحة فيوليت جرت بكل ما تملكه من قوة وهي تتلفت حولها لم تشعر بالخوف بحياتها كما شعرت به ألان كادت تصطدم بعدد من الشجيرات وهي تجري وتمسك بثوبها الطويل الواسع بكلتا يديها وما أن وقعت عينيها على عربة صغيرة خاصة بنقل البضاعة حتى خففت سرعتها وهي تتنفس بصعوبة اقتربت بحذر وترقب من العربة وإذا بشاب يخرج من بين الأشجار فتساءلت بحذر وعينيها القلقتين لا تفارقانه
- من أنت ( بدا الترقب على الشاب وهو يقول )
- جون
- من أرسلك ( تعمدت سؤاله حتى يطمئن قلبها )
- آني
- حسنا هيا بنا أسرع
قالت وهي تصعد إلى العربة فصعد ليجلس بجوارها وحرك الجياد لتنطلق بسرعة فأمسكت جيدا لاهتزاز العربة مما جعله يقول
- أسف فالطريق غير صالحة من هنا
- لا باس المهم أن توصلني
إنها لا تهتم لكل تلك القفزات التي تتعرض لها ألان أنها تريد الوصول إلى منزلها في جرترود هذا ما تريده
- أخي يعمل سائساً لأحد النبلاء وسيذهب لإحضاره من المحطة سترافقينه عند وصولنا إلى القرية
هزت رأسها بالإيجاب بتوتر وما أن وصلت القرية حتى صعدت في عربة مغلقة فاخرة مما جعلها تشعر ببعض الاطمئنان وما أن وصلت إلى المحطة حتى كانت الشمس على وشك المغيب فترجلت من العربة وهي تتنفس الصعداء لتشكر السائس وتسرع نحو القطار وهي تتلفت حولها وما أن حصلت على تذكرت القطار حتى أسرعت نحوه لتصعد به وتتوجه نحو مقطورتها لتغلق الباب بإحكام خلفها وتستند عليه وهي تصلي أن ينطلق ألان ولم تمضي عدت دقائق حتى بداء القطار بالتحرك مما جعل قدميها تتراخيا فأسرعت نحو الستار لتهدله وتجلس على السرير الصغير بقلق عليها الشعور بالاطمئنان فلقد نجت ولكنها لا تشعر بذلك التزمت بمقطورتها ولم تغادرها لتناول الطعام فاكتفت بالاستلقاء وهي تفكر بأنهم علموا باختفائها فتحت عينيها جيدا سيتبعها اجل سيفعل انه دائما يفعل هذا عليها الوصول إلى جرترود قبله أرخت عينيها بإنهاك قبل أن تبدأ الدموع بالجريان على خدها ببطء كيف استطاع فعل هذا وتلك الفتاة المسكينة رباه انه قادر على فعل الكثير إذا ماذا تفعل أن تبعها انه ألان غاضب ولاشك وكذلك بايرون ضمت الوسادة إليها بخوف شديد سيتخلصون منها أن استطاعوا الوصول إليها عادت دموعها لتغرق خديها من جديد , ترجلت من القطار بعد ظهر اليوم التالي من مغادرتها قصر ميرفيلد وهي تجول بعينيها حولها لتخفض قبعتها جيدا محاوله إخفاء وجهها وتحركت متخطيه الركاب تريد التوجه نحو العربات المتوقفة ولكنها تجمدت في مكانها وهي ترى برنار سائس إليزابيث يقف بجوار سائس أخر يتحدث معه حركت عينيها بسرعة عنه وتحركت دون تركيز فكيف وصل إلى هنا هل تعلم إليزابيث أنها غادرت ميرفيلد وأرسلته لاستقبالها أو انه جاء لاستقبال غيرها .. غيرها همست لنفسها بذعر وقد بدا القلق البالغ بعينيها وتحركت نحو مجموعة من المسافرين لتسير معهم مخفية نفسها بهم وهي تراقب برنار الذي اخذ يجول بنظرة بين المسافرين ثم عاد ليحدث الرجل الأخر وهو يشير إليه بيده إلى طول معين ويصف احدهم لتشعر بساقيها تخونانها وترفضان إطاعتها فأجبرت نفسها على السير بسرعة وقد فارق اللون وجهها
- سينطلق القطار ألان هيا اسرعوا
صاح عامل القطار وقد وقف على درجات القطار طالبا من الركاب الإسراع فأسرعت نحوه لتتخطاه إلى داخل القطار وقد تبعها بعض الركاب لتدخل نحو أول مقطورة وصلت إليها وتجلس مسرعة بجوار النافذة وتحدق بالخارج وهي تخفي نفسها إلى الخلف مفكرة بقلق من إمكانية حضور برنار لاستقبال اندرو ولكن لن يستطيع الوصول ألان إلا إذا جاء معها بنفس القطار برنار ينتظرها هي حتى لا يسمحوا لها بالتصرف قبل وصولهم بدأ القطار يتحرك فاختلست النظر نحو برنار الذي يتلفت حوله ثم اخذ يسأل الركاب الذين يغادرون القطار الذي كانت به فعادت للخلف أكثر مخفيه نفسها وقلبها ينتفض بقوى لتغمض عينيها بإعياء
- أنت بخير
فتحت عينيها بسرعة محدقة دون تركيز بالرجل الجالس أمامها مفكرة من أين حضر قبل أن تحرك رأسها نحو المرأة الجالسة برفقته ثم عادت إليه وقد بدا الاهتمام بنظراته قائلة بصعوبة
- أنا بخير ( وعادت بنظرها نحو النافذة بتوتر لترى أن سرعة القطار تتزايد لتجحظ عينيها وقد أدركت لتو أنها صعدت إلى قطار لا تعلم حتى وجهته فهتفت وهي تنظر إلى الوجهين الذين لم تشعر بوجودهما عندما دخلت المقطورة ) إلى أين يتوجه هذا القطار
بقيت عيني الرجل مستقرتان عليها دون حراك قبل أن يقول باهتمام
- ألا تعلمين إلى أين يتوجه هذا القطار
- لا
هزت رأسها بالنفي بنفاذ صبر وقد تفاقم توترها لما يحل بها فعقد الرجل حاجبيه لقولها ونظر إلى المرأة الجالسة بجواره ليتبادلا النظرات قبل أن يعود إليها قائلاً
- سيتوقف في شولتز ورام ومن ثم يلفير
- شولتز و .. رام ويلفيـ ( اخذ صوتها بالاختفاء بالتدريج قبل أن تعود للهمس بصعوبة ) يا ألاهي
عادت بنظرها نحو النافذة وهي تشعر بالعجز فلم تقصد أين منها من قبل ولم تسمع بهم حتى
- الستِ متجها إلى أين منها ( تساءلت المرأة بفضول وهي تراقبها فهزت رأسها لها بالنفي وقد شحب وجهها فعادت المرأة لتضيف ) الم تحصلي على تذكرة قبل صعودك كانوا ليعلموك بالأماكن التي يتوجه لها القطار
عادت لتهز رأسها بالنفي دون أن تفارق عينيها النافذة
- العامل الذي يجمع التذاكر لن يروق له الأمر
نظرت إلى الرجل الذي قال ذلك قبل أن تقول
- اعتقد ذلك ولكنهم يوافقون على أن اشتري واحدة بالتأكيد
- اجل
أجابها فهزت رأسها ببطء وعادت بشكل إلي نحو النافذة لقد فقدت عقلها أو أنها على وشك ذلك ما كان عليها الصعود إلى هذا القطار لقد سمحت لهم بالوصول قبلها إلى جرترود سيطر عليها القلق من مجرد فكرت حدوث هذا فأسندت رأسها على المقعد خلفها بإنهاك جسدي ونفسي ولم يحاول أيا من الرجل أو المرأة محادثتها وقد انشغل الرجل بقراءة كتاب بينما أخذت المرأة بتطريز وقد شردت يوليانا وعند توقف القطار عند أول محطة له ترجلت منه أملة بوجود قطار يتوجه بها إلى جرترود من جديد وما أن لامست قدميها رصيف المحطة حتى أسرعت مجموعة من الأطفال لتحيط بها وهم يرفعون أيديهم قائلين
- أنا احمل حقائبكِ
- لا دعيني أنا احملها
- لا أنا أقوم بهذا ( نظرت بالوجوه الكثيرة التي أصبحت حولها قائلة )
- لم احضر أي حقائب معي
- لا لا ابتعدوا أنا سأحملها ( نظرت إلى الصبي الصغير والذي لا يتجاوز السنوات الست وهو يدفع برفاقه من حوله وهو يمسك بكلتا يديه بنطاله الواسع كي لا يسقط وما أن أصبح أمامها حتى رفع رأسه ذو العينين الدائرتين والفم والأنف الصغيرين قائلاً ) أنا احملها لك
- ابتعد ( دفعه صبي أخر اكبر منه إلى الخلف فتحركت مبتعدة عنهم وهي تقول )
- لا أحمل سوى هذه ( مشيرة إلى حقيبة يدها وتوجهت إلى شباك التذاكر متسائلة ) أيوجد قطار عائد إلى جرترود
- مساء الغد
- مساء الغد
- اجل
ابتعدت بذهول وهي تتنفس بصعوبة ماذا تفعل ألان إنها مجبرة على البقاء هنا حتى مساء الغد
- احمل لك حقيبتك أستطيع ذلك ( حركت رأسها إلى محدثها الذي يسير معها لتجد اصغر الأطفال والذي مازال يمسك ببنطاله بكلتا يديه يتبعها مبتسما وهو يستمر ) هل أحملها
بدا التفكير عليها قبل أن تقول متجاهلة طلبه
- أين أجد فندقاً جيداً بهذه البلدة
- سأرشدك إلى واحدا جيد ( قال وأسرع أمامها لتتابعه وهو يتوقف قرب إحدى العربات ليبادرها عند اقترابها ) يوجد مكان في هذه العربة فهي متجها إلى البلدة وهناك يوجد فندقا جيد لا يقصده سوى النبلاء
فتحت حقيبتها وأخرجت منها قطعة نقدية قدمتها له مما جعل عينيه تفتحان جيدا هو يتأملها قائلا
- أهذه لي
- اجل احتفظ بها
أجابته وهي تصعد العربة , جلست في غرفة صغيرة في الفندق وقد ادعت أنها بانتظار بقية أفراد عائلتها الذين ستحضر خلفها لتتوقف زوجة صاحب الفندق عن طرح الأسئلة عليها نظرت حولها في أرجاء الغرفة ثم أخذت تفك أزرار ثوبها من العنق لتتوقف يدها وهي تتلمس عقدها لتحتضنه بقوة فهو شعار عائلتها وقد ورثته من والدها وستورثه لأطفالها خلعته ببطء ووضعته براحة يدها متأملة إياه قبل أن تعود لتغلق كفها عليه أن كان بايرون يريد الاستيلاء على كل شيء فهي لن تسمح له بذلك انه حقها ولن تعطيه إياه مهما كلفها هذا ألان فقط علمت لما تركت لها عمتها كل شيء لابد وأنها كانت تعرف جشع بايرون وما كان ليعطيها حقها لو لم تفعل عمتها هذا عادت لترتمي على السرير عليها الذهاب إلى جيرالد اجل هذا أول ما ستفعله عند وصولها لجرترود فهو الوحيد الذي يستطيع الوقوف بوجه عمها واندرو , جلست شاردة في قاعة الطعام وقد وضع عشائها أمامها لتتناوله دون شهيه ولكن معدتها أخذت تطالبها بذلك تناثر القليل من النزلاء في القاعة شبه الفارغة لتتعلق عينيها بامرأة كبيرة في السن مُقعدة يجر مقعدها رجلاً طويل القامة ليستقرا على الطاولة خلفها لتعود بها الذاكرة إلى عمتها في أشهرها الأخيرة فلم تعد قادرة على السير وقد اخذ منها المرض كل قوتها
- بتأكيد سيسر سترانس فهو لا يفضل مغادرة دلبروك دون وجودي في المنزل
شد قول السيدة المسنة انتباهها وأخرجها من شرودها فأصغت رغما عنها لهما والرجل يقول
- أن أونيل موجود وما كان له الاستعجال بحضورك
- أنت تعرف كيف يكون الأمر عندما يختص بأونيل كما أني أأكد لك انه ليس موجودا هناك لهذا لا أريد التأخر متى سننطلق إلى دلبروك
- بعد العشاء أن شئتِ
- هذا يناسبني
رمشت وعادت لتتابع تناول طعامها محاولة التوقف عن الإصغاء لهم ولكن تفكيرها منصب على دلبروك .. دلبروك اجل هذا ما قالته فيوليت أغمضت عينيها وفتحتهما محاولة تجاهل الفكرة التي خطرت لها , جلست في فراشها بعد تناول العشاء وعينيها ترفضان النوم فتحركت جالسة ومحدقة أمامها دون رؤية شيء وقد شردت بعيدا مساء الغد ينطلق القطار إلى جرترود حسنا أمامها النهار بأكمله تناولت حقيبتها وأفرغت محتوياتها على الغطاء لتتناول كيس نقودها لتفرغ ما به وتحدق بالقطع النقدية لتشرد للحظات وهي تتذكر فيوليت لتغمض عينيها ببطء وهي تشعر بالألم هل سيعلمون عائلتها أنها قد فارقت الحياة أم أنهم لن يأبهوا للأمر عادت لتحدق بالنقود لتتناول بعضها وتعيدها إلى الكيس تاركة عددا منها أمامها أن أفضل ما تفعله هو أعلام عائلة فيوليت بوفاتها وتقديم بعض المال لهم على ذلك يساعدها ويريحها قليلاً فهي تشعر بذنب كبير فالو لم تعطها النقود لما هربت وقتلها اندرو رغم انه على ما يبدو كان ينوي التخلص منها أجلا أم عاجلاً المسكينة كانت تعرف هذا , كان أول شيء فعلته بعد تناول الإفطار هو استقلال عربه تتوجه بها إلى دلبروك انكمشت على نفسها وعقدت أصابع يديها في حجرها وهي تشعر بالبرد القارص اختلست نظرة إلى المرأة التي صعدت إلى العربة معها وبرفقتها ابنتها وقد شعرت بتأمل المرأة لها فاخفضت قبعتها قليلاً وأخذت تحدق من النافذة بحذر توقفت العربة بشكل مفاجئ وصاح سائسها بقوة
- أين السيدة التي تريد مزرعة مارش ( ترجلت يوليانا من العربة وهي تقول )
- هل وصلنا
- اجل ها هي أترين هذه الطريق ( وأشار إلى طريق صغيرة ضيقة في نهايتها منزل خشبي صغير فهزت رأسها بالإيجاب للسائس الذي أضاف ) تلك هي
شكرته وانتظرت حتى انطلقت العربة من جديد لتتحرك ببطء نحو الطريق وهي تتأمل المنزل الصغير وقد وضع على احد نوافذه المكسورة قطعة من القماش لتمنع دخول الرياح اقتربت من السور الخشبي الذي يحيط بالمزرعة وهي تنظر إلى الأرض التي تلي المنزل وقد شاهدات أشخاصاً يعملون بها اقتربت من باب السور وعينيها تتأملان المرأة التي استقامت بوقفتها على صياح الأولاد الذين جرو نحو يوليانا لتستدير المرأة ببطء نحوها بينما تابعت يوليانا الأطفال الذين جرو نحوها هاتفين
- لقد حضرت هاهي لقد واصلت أسرعي أمي
نظرت نحو الوجوه الفرحة بتمعن وحيرة بينما سارت المرأة نحوها ببطء وهي تمعن النظر بها لتتعلق عيني يوليانا بها ومازالت عاجزة عن معرفة سبب حماسة وفرحة الأطفال برؤيتها ثم سرعان ما تعلق نظرها بأصغرهم وهي تذكر هذا الوجه جيداً
- يا ألاهي ( همست المرأة وقد أصبحت قريبة منها فعادت بعينيها إليها لتراها ترفع يدها المرتجفة نحو فمها وهي تضيف ) حضرتِ أخيرا ( ودمعت عينيها وهي تقترب منها مضيفة ) بدأت اقلق لتأخرك الحمد لله على انك بخير فيوليت
واحتضنتها بقوة بينما بقيت يوليانا جامدة في مكانها وقد احتضنتها تلك السيدة الغريبة بقوة ففتحت عينيها جيدا وحاولت الابتعاد عنها وهي تقول
- أرجو المعذرة ولكنـ
- اعتقدت انك لن تحضري ولكنك فعلت ( قاطعتها المرأة بلهفة وهي تبتعد عنها وتمسح عينيها بكفها مستمرة ) كم أنا سعيدة لتمكنك من الحضور ولكن لما لم تقولي متى ستحضرين كنت لأدع جاك يحضرك من المحطة عندما تأخرت بالحضور اعتقدت أن أمرا ما جرى ولكن لا أنت بخير اليس كذلك ( بقيت عيني يوليانا معلقتين بها وقد فتحت مقلتيها عاجزة عن إجابتها بينما أضافت المرأة بسرعة ) أنت شاحبة لابد وان الرحلة كانت طويلة ومرهقه تعالي ( أمسكتها من يدها وسحبتها معها نحو المنزل وهي تضيف ) أسرعوا وجهزوا النار سنتناول الطعام أنت ولابد مرهقه ويل ما بك أسرع ( هتفت لابنها الأصغر وقد وقف بعيدا محدقا بيوليانا التي سارت مع والدته وهي تنظر إليه ثم عادت نحو السيدة التي تسحبها معها وهي تضيف ) كم انتابني القلق لتأخرك لو كان دوناند هنا لـ ( أمعنت النظر بالمرأة التي ما أن نطقت اسم زوجها حتى اختلفت ملامح وجهها وخف صوتها ثم هزت رأسها هزة خفيفة وهي تحاول الابتسامة وتنظر نحوها وهي تفتح باب المنزل قائلة وهي تسحبها إلى الداخل ) أنا حقا سعيدة بحضورك ( وتركتها وأسرعت نحو المدفئة لتنحني نحوها وتبدأ بوضع الحطب بها ويساعدها صبي لا يتجاوز الثانية عشرة وفتاة في السابعة وقد ارتدوا ثياب رثة بالية حركت رأسها حولها بأرجاء الغرفة الخالية تقريبا إلى من طاولة قديمة وبعض المقاعد الخشبية حولها وأريكة واحدة وضعت قرب المدفئة أعادت نظرها نحو المرأة التي أشارت إلى فتاة تشبه لحد كبير شقيقتها التي تساعد والدتها بإضرام النار قائلة ) رولان احضري بعض الماء
أسرعت الفتاة إلى الخارج بينما قالت يوليانا
- أرجو المعذرة سيدتي
- لا تناديني سيدتي ( قاطعتها قائلة وهي تستدير إليها وتنفض ثوبها الأسود المغبر مستمرة ) أنا زوجة عمك جينا نادني جينا فقط وليس سيدتي ولا شيء أخر
- ولكن سيدتي على إعلامك أن سوء فـ
-لا تكوني خجولة لقد أعلمني دوناند ( وغصت للمرة الثانية وهي تذكر اسم زوجها لتتدارك ذلك مستمرة ) انك خجولة ولا تختلطين بالناس كثيرا إننا هنا أسرتك وهؤلاء ( وحركت يدها مشيرة إلى الأطفال ) أبناء عمك
- لكن ما أحاول قوله هو أني لستُ
توقفت عن المتابعة وهي تسمع صوت جلبه من الخارج فأسرعت جينا بالتخطي عنها إلى الخارج وقد بدا القلق على وجهها وأسرع الأطفال خلفها مما جعل يوليانا تحدق حولها بذهول غير مصدقة ما يحدث ثم تحركت نحو الباب لترى مصدر هذه الأصوات لتشاهد رولان التي ذهبت لتحضر الماء قد وقعت وأصابت قدمها فأسرعت جينا بحملها إلى داخل المنزل لتضعها على الأريكة وهي تقول
- هل علي دائما أن اكرر لا تركضي انظري ألان لقد اصبتي ركبتك روي اعطني قطعة من القماش ( أسرع الصبي بالجري إلى الغرفة المجاورة والوحيدة ليخرج منها مسرعا ومناولا والدته منديلاً بينما تتابع يوليانا ما يجري حولها فأخذت جينا تحكم لف ساق رولان وهي تقول ) جيسي ضعي الطعام على النار ( ونظرت إلى يوليانا بنظرة سريعة قبل أن تعود نحو ابنتها وهي تقول ) اجلسي فيوليت أنت متعبة ولاشك

الأربعاء، 7 مارس 2012

في طريق المجهول 2


- أنا .. لا .. أنا على ما يرام ( قالت ثم تحركت نحوها مستمرة وهي ترى الأطفال يسرعون نحو أطباق الطعام ليضعوها على الطاولة ) سيدتي كنتُ أريد إعلامك
- جينا فقط دون سيدتي
- حسنا جينا أريد إعلامك أني لستُ منـ
حركت جينا عينيها نحوها ولكنها لم تتوقف عليها بل توجهت نحو الباب وكذلك فعلت يوليانا عند سماعهم صوتاً قويا ينادي بغضب
- سيده مارش أين أنتِ
- ليس من جديد ماذا ألان ( همست جينا وهي تتحرك نحو الباب بضيق لتتخطى يوليانا فلاحقتها بعينيها قبل أن تتبعها وهي تسمع الأطفال يتهامسون بقلق ) اجل ماذا ألان .. جاك ماذا فعل اتركه لما تمسك به بهذا الشكل ( هتفت جينا فور خروجها فتأملت يوليانا الرجل الضخم والسمين وقد أمسك جاك من قبة قميصه من الخلف مانعاً إياه من الحراك رغم تخبطه وتحركه المستمر فأضافت جينا بلهفة ) فلتتركه روج
- اتركه سيدة مارش لا لن افعل لن افعل على الأقل قبل أن يدفع لي ثمن ما أخذه
- لم أخذ شيئا .. تبا لا تعطه شيئاً أمي
أمي همست يوليانا بدهشة ممعنة النظر بالصبي الذي يبدو اكبر الأولاد وجه ملطخ وشعرة الطويل استقر على جبينه من الأمام وهو يتحرك متخبطا بالرجل وصائحاً
- دعني أنا لم اخذ شيئا منك ( تقدمت جينا برجاء من الرجل وهي تقول )
- أرجوك روج أعلمني ما فعله انه مجرد طفل
- لا تصدقيه لم اخذ شيئا ليس من حقي أمي فالقد أخذت ما وعدني به بعد أن عملت لديه طوال الصباح ولكنه رفض إعطائي حقي بعد أن انتهيت
- اصمت أيها الشقي أنا لم أعدك بشيء وان لم تعد ما أخذته سألقنك درساً لن تنساه
أضاف روج وهو يقرب رأس جاك إليه بخشونة فأجابه جاك بتحدي
- افعل ما تريد أيها السمين ( اشتعلت عيني روج غيضا فأسرعت جينا للقول )
- اعتذر على الفور لسيد
- لن افعل ( أجاب والدته وهو ينظر إليها مضيفا ) ولن أعيد ما أخذته
حرك روج قبضته التي امسك بها قميص جاك إلى الخلف ليجعله يتراجع وهو يقول
- أن على احدهم تلقين هذا الشاب درساً
- انتظر قليلا ( توقف روج ونظر إلي حيث وقفة يوليانا وكذلك فعل جاك وجينا وقد تنبهوا لوجودها ألان فتختط عن جينا مستمرة ) ما الذي أخذه منك هذا الشاب بالتحديد
نظر إليها روج من رأسها حتى أخمص قدميها ثم وقف جيدا قائلاً
- سرق الواحاً خشبية فأنا اعمل نجاراً
- لم اسرق منك شيء أنت قلت أن نظفت لك المكان بشكل جيد ورتبت كل تلك الفوضى التي تحيط بك سوف احصل على مجموعة من الأخشاب ( ونظر إلى والدته مستمراً ) وبعد أن انتهيت قدم لي أخشابً متهرئة قائلا أن هذا ما وعدني به
- أن هذا الصبي لهو سيء التربية فانا لم أعده بشيء وقد قام بأخذ الأخشاب وخبأها في مكان ما قبل أن أدرك ما يفعله لهذا أما أن يعيدها وأما ألقنه درسا قويا لفعلته
نقلت جينا نظرها بين جاك البالغ الرابعة عشر والذي يصعب التعامل معه وبين روج الضخم قبل أن تقول برجاء وعينيها تستقران على جاك
- أين أخفيت الأخشاب
- إنها لي
- ليس الوقت ملائما للعناد اعد الأخشاب إلى صاحبها
- لقد عملت من اجل الحصول عليها لذا لن أعيدها
- لا أمل يرجى منه ( قال روج وتحرك جاذبا جاك معه فأسرعت جينا بالقول )
- انتظر روج حسنا أعلمني كم ثمن الأخشاب ولا تمس ابني بسوء .. انتظر
ولكنه لم يصغي لها وتابع سيره وهو يجبر جاك الذي يحاول الإفلات على السير معه فأسرعت يوليانا نحوهم وهي تفتح حقيبتها وتخرج منها قطعة نقدية قائلة بسرعة
- يا سيد أهذه تكفي
توقف روج ونظر إلي يدها لترتخي قبضته ببطء عن جاك ويستدير باهتمام ليتناول القطعة النقدية منها قائلاً بابتهاج
- اجل إنها كذلك ( ونظر إلى يوليانا من جديد باهتمام قائلا ً) من هي ضيفتك سيدة مارش
- إنها ابنة شقيق زوجي وبما انك حصلت على نقودك من الأفضل أن تغادر ألان
- لم أكن اعلم أن لدوناند ابنة شقيق
ابتلعت يوليانا ريقها بعدم ارتياح لنظراته الغريبة فأسرعت جينا بالتحرك نحوها لتقف أمامها قائلة له
- لقد أخذت مالك فاذهب إذا
- حسنا ( أجابها بابتسامة وقحة تطل على شفتيه ثم حرك عينيه نحو يوليانا من جديد ليقول ) سعدت بالتعرف بك ( واستدار مبتعدا ولكنه توقف عندما وقع نظره على جاك قائلا وهو يشير بيده نحوه ) لا تجرؤ وتريني وجهك بعد ألان
- فالتخرج من هنا أيها السمين
- جاك ( صاحت به والدته محاولة إسكاته وما أن ابتعد روج حتى أسرعت نحوه مضيفة ) كيف تفعل هذا لما لا تبقى بعيدا عن المشاكل ألا يكفيني ما أنا به
- أنا لا أسعى للمشاكل ولكني لن اسمح لأحد بان يحتال علي ( وحرك رأسه نحو يوليانا وتخطى عن والدته متجها نحوها بطريقة متكاسلة وهو يقول بعدم حماس وتذمر ) أخيرا وصلت الآنسة
- ادخل إلى المنزل على الفور ( قاطعته جينا بجدية فنظر إليها قائلا )
- ألا تريدين أن تعلم كم نحن مسرورون لوجودها هنا خاصة أنها كانت السبب بوفاة والدي
- لا تصغي له فيوليت ( أسرعت جينا بالقول عند رؤيتها لازدياد شحوب يوليانا واستمرت بعصبية وهي تسير نحو جاك لتمسكه وتسحبه معها إلى داخل المنزل وهي تقول ) أعلمتك سابقا أن لا شأن لها بوفاة والدك
- حقا وأين كان عندما توفي الم يذهب لرؤيتها اليست من أرسل ورائه أنها السبب لو لم يذهب لما توفي لم يكن ليموت في تلك العربة لولا ذهابهِ إليها
- إنها المرة الأخيرة التي اسمح لك بها بالتحدث حول هذا الأمر والدك توفي منذ شهران يجب أن تتقبل هذا
غص جاك وبدا الألم على ملامحه وصاح بقوة بوجه والدته
- لقد اشترتك بنقودها اليس كذلك تلك القطع التي كانت ترسلها جعلتك لا تفكرين
- اصمت ( حركت يوليانا عينيها بيأس وقد أخذت الأصوات بالابتعاد فرفعت يديها قائلة )
- بحق الله لما لا يصغي احدٌ لي كيف أقولها أنا لستُ هي أنا لستُ هي ( توقفت عن المتابعة ووضعت يديها على خصرها إنها تتحدث مع نفسها فأخذت نفسا عميقا وهي تحرك رأسها حولها لاختفاء الجميع ثم توقف نظرها على الصبي الصغير الذي اخرج رأسه من باب المنزل محدقا بها فأشارت له بيدها ليقترب فسار نحوها ببطء وهو يختلس النظر إليها ومازال يمسك ببنطاله بكلتا يديه ليقف أمامها وهو يختلس النظر إليها فتساءلت ( ما اسمك
- ويل
- حسنا يا ويل هل لديك المزيد من الأشقاء أم أنكم ستة فقط
حرك كتفيه ورفع رأسه إليها وهو يقول بابتسامة
- ليس لدي المزيد جميعهم ألان بالداخل
- هذا جيد ( تمتمت وهي تتأمله ثم جثت لتصبح قريبه منه وهي تقول بفضول ) لم لا تصلح بنطالك اليس أفضل من الإمساك به بهذا الشكل
ابتسم وهو يقول بحماس
- قالت والدتي أنها ستحضر لي بنطالاً جديداً عندما تجمع المحصول لأن بنطالي لم يعد قابلاً للإصلاح فالقد كان لروي ولكن والدتي أصلحته لي وقصرت ساقيه
ابتسمت لعفويته وهي تتساءل
- هل تعمل أنت أيضا
- لا والدتي لا تسمح لي
- وماذا كنت تفعل عند المحطة إذا
- لقد ذهبت مع جاك
- جاك يعمل هناك
- لا لقد ذهب لمساعدة رجل في تحميل بعض الصناديق ليحصل على المال وطلب مني البقاء هناك ولكني أردت الحصول أيضا على المال لم أكن اعلم انك قريبتي فانا لم أرك من قبل
- لم ترني من قبل
- لا والدي فقط كان يتحدث عنك ( حتى جينا على ما يبدو لم ترى فيوليت وإلا لما اعتقدتها هي فتحركت واقفة وربتت على رأس ويل هي تفكر وعينيها معلقتين بالمنزل القديم فهمس ويل مما جعلها تنظر إليه باهتمام ) هل أستطيع أن اطلب منك شيئا
- اجل
- لا تعلمي والدتي انك قمتي بإعطائي تلك القطعة النقدية
- لما لا ( تساءلت بحيرة فقال بهمس )
- قام الأولاد بأخذها مني فالقد انقضوا علي ولم استطع قتالهم جميعهم
- أيها المسكين
- ستغضب مني والدتي أن علمت أني عملت في المحطة
- لن اعلمها لا تقلق ( أطلت جيسي من الباب بحياء قائلة )
- والدتي تريدك بالداخل
تحركت لتدخل إلى المنزل وهي تنظر إلى الأولاد وقد جلسوا حول المائدة أطلت جينا من المطبخ لتضع قدرا على الطاولة وهي تقول
- لا تقفي هناك هيا اقتربي ( وأشارت نحو المقعد قائلة ) ستجلسين قرب رولان وروني إنهما التوأمان أعلمني دوناند انك كنت ترغبين برؤيتهم إنهم ألان في السابعة وهاهي جيسي أنها في العاشرة اعتقد انك عرفتهم حتى دون أن أطلعك على أسمائهم فدوناند ما كان ليكف عن التحدث عن أطفاله اليس كذلك ( هزت يوليانا رأسها بالإيجاب بحرج شديد فاستمرت وهي تشير إلى ويل ) انه الصغير سيصبح في السادسة قريباً وهذا روي أصبح في الثانية عشر وهذا .. جاك اكبر أطفالي
- لم أعد طفلاً
- هيا اجلسي ( تجاهلت والدته قوله قائلة وهي تراها ما تزال واقفة فاقتربت بتردد وهي تراقب جينا تعود نحو المطبخ ثم عادت لتجلس أمامها على المائدة لتنظر إلى جاك الذي جلس صامتا وبدا الغضب عليه قائلة بجدية ) أنا انتظر
وأخذت تسكب الحساء بالأطباق فحرك جاك رأسه بتذمر نحو يوليانا التي تراقب بصمت قائلاً بعدم رضا
- لقد طلبت مني والدتي أن اعتذر لك وأنا افعل فقط كي لا تغضب مني
- جاك ( نهرته والدته فأسرع بالإضافة بسخرية )
- ويسرنا جداً إطعامك برغم من أننا لا نستطيع أطعام أنفسنا
- بحق الله جاك
هتفت جينا من جديد مما أصمته ثم اخفض نظره قائلا دون أن يخلو صوته من السخرية
- اعتذر يا قريبتي وأنا سعيد جدا لقدومك للعيش معنا هنا ( وتحرك متناولا طبقة من يد والدته التي مازلت تنظر إليه فقال بتذمر قبل أن بيداء بتناول طعامه ) ماذا هل علي قول المزيد
حركت جينا رأسها بيأس ووضعت طبقا مليء بحساء البطاطا أمام يوليانا وهي تقول
- بعد أن تتناولوا طعامكم ليذهب كل منكم لإكمال ما كان يقوم به ( وهمت بتناول طعامها إلا أنها توقفت ونظرت إلى يوليانا التي لم تمس طبقها قائلة ) أرجو المعذرة أن وضعنا ليس على ما يرام مؤخرا
- آه لا باس ( أسرعت بالقول وأمسكت ملعقتها وأخذت تتناول ما بطبقها وهي تقول ) انه شهي
ابتسمت جينا وأخذت تتناول طعامها بدورها ولم يحاول احدهم الحديث أثناء الطعام مما منحها وقتا لتفكير مع علمها أن أعين الأطفال لا تفارقها فهم يراقبونها بفضول مما جعل جينا تبتسم قائلة
- لم نستقبل ضيفا منذ زمن بعيد كما أن دوناند كان يحدثهم عنك لذا فالأطفال يشعرون بالفضول نحوك ( ابتسمت يوليانا باقتضاب وهي تنظر نحو الوجوه التي تختلس النظر إليها ) دعيها أنا سأنقلها ورافقي أشقائك إلى الخارج أريد التحدث مع فيوليت بهدوء
طلبت جينا من جيسي وهي تهم بتناول الأطباق عن الطاولة فتحركوا جميعهم إلى الخارج بينما وقفت يوليانا لتحمل الأطباق وتتبع جينا إلى المطبخ وهي تأخذ نفسا عميقا قائلة أخيرا
- يجب أن أوضح لك أمرا فلقد حدث خطأ لم أكن اقصد حدوثه
- أن كنت تقصدين تأخرك فلا باس اعلم أن بعض الأمور تحدث ولكني شعرت بالقلق لأنك أعلمتني برسالتك انك ستصلين قريبا وخفت من أن تكوني قد تهتي ولم تستطيعي الوصول إلى هنا ( وتناولت الأطباق منها مستمرة ) شعرت بالعجز والضعف كنت قلقه ولا اعلم ماذا افعل فلم أغادر دلبروك منذ زمن بعيد ولا أعلم من كنت سأرسل للاطمئنان عنك ( واستدارت لتضع الأطباق من يدها وهي تضيف بتردد واضح ) منذُ وفاة دوناند وأنا اشعر بالعجز والضياع التام ( واستدارت إليها مستمرة بصوت رقيق ضعيف ) أن وجودك سيساعدني أنا لا اعلم كيف سأتدبر أموري بمفردي أحاول الظهور بمظهر القوية ولكني لست كذلك فوفاة دوناند المفاجئة حطمت قلبي ( ودمعت عينيها وهي تستمر بصعوبة كبيرة ) لقد كنت اعتمد عليه بكل شيء أما ألان فانا المسئولة عن كل شيء الأطفال تامين الطعام وحاجياتهم العمل في الحقل ( وحركت يدها بضياع مستمرة ) ودفع التزاماتنا بالإضافة لحمايتهم وتعويضهم عن فقدان والدهم ( صمتت ضامة شفتيها بقوة وقد بدأت دموعها تسيل على خدها ببطء فرفعت يدها لتمسح خدها وهي تنظر إلى يوليانا التي بدا التألم على وجهها مستمرة ) آسفة ما كان علي التحدث بهذا ألان كم كنت أتمنى لو أن ظروفنا كانت أفضل ( واقتربت منها وهي تضيف ) أنا حقا بحاجتك
- سيده مارشـ .. جينا ( همست يوليانا مقاطعه جينا ومستمرة ) أنا لا أستطيع البقاء .. أنا
- الم تحضري للبقاء معنا ولكن فيوليت هذا ما فهمته من رسالتك أنا حقا بحاجتك هنا لم يعد لدينا احد نعتمد عليه علينا الاعتماد على أنفسنا
تراجعت يوليانا إلى الخلف قبل أن تستدير وهي ترفع ذراعيها قائلة
- أنت لا تعلمين هناك سوء فهم قد حدث فانا لسـ ( توقفت عن المتابعة لتغمض عينيها ببطء وتستدير إلى جينا قائلة وهي تأخذ نفسا عميقاً ) لست قادمة للبقاء هنا .. وجدت عملا وهو سيدر علي المال الوفير وجئت لأعلمك بهذا ولكني أعدك أني سأساعدك وأقدم لك يد العون ( توقفت عن المتابعة واستقامت بظهرها جيدا أنها ولاشك جنت لتدعي أنها فيوليت حاولت الابتسامة عند رؤية تجمد جينا وأضافت ) ليس بالعمل الذي أستطيع رفضه سـ سيدفعون لي جيد .. مقابل مرافقتي سيدة ..كبيره في السن تحتاج إلى رعاية .. و .. وهذا سيساعد ( حركت كتفيها بإحراج فلم تكن يوما تجيد الكذب ) وبهذا سأستطيع أن أرسل لك بعض النقود كل شهر للمساعدة
- ولكن أنا بحاجتك هنا اعلم انه ليس من حقي أن اطلب منك البقاء أن لم ترغبي ولكني بحاجة لوجود احد بقربي كان دوناند الشخص الوحيد الذي أستطيع الاعتماد عليه وألان
غصت بالكلمات فاخفت وجهها بيديها لينتاب يوليانا الحزن العميق لما تعانيه هذه السيدة فاقتربت منها وهي تنظر إليها باهتمام قائلة
- لا تبكي اعلم أن الوضع صعب أنهم ست أطفال ( وتوقفت بحيرة إنها لا تعلم شيئا سوى أنهم يبدون في حالة سيئة جدا فعادت لتضيف ) أنا أسفه حقا
حركت جينا يديها المرتجفتين لتمسح دموعها وهي تحاول الابتسامة بصعوبة وتقول
- أنا التي يجب أن اعتذر أرجوك اعذريني أنا فقط منهكة منذُ شهران وأنا أحاول عدم إظهار ضعفي أمام الأطفال ورؤيتك جعلتني
توقفت عن المتابعة وعينيها تتوقفان على الخاتم الذهبي في إصبع يوليانا فحركت عينيها ببطء عن يدها إلى ثوبها ثم رفعت عينيها ببطء إلى وجهها لتتأمله وقد تغيرت ملامح وجهها ببطء
- أنت بخير
تساءلت يوليانا لتغير جينا المفاجئ وشحوب بشرتها فأغمضت جينا عينيها وهزت رأسها وهي تتحرك متخطية عنها وهي تفتح عينيها قائلة بارتباك
- أعلمني دوناند انه عندما ذهب ليحضرك للعيش معنا بعد وفاة والدك قام الذين تعملين عندهم بالطلب منه السماح لك بالبقاء للعمل لديهم ( استدارت يوليانا ناظرة إليها بحيرة من قولها فأضافت وهي تشير إلى ثوبها ) لابد وأنهم كانوا يعتنون بك جيداً
حركت نظرها إلى ثوبها تتأمله قبل أن تفتح عينيها جيدا وقد فهمت ألان المغزى من قول جينا فرفعت نظرها إليها وقد فتحت فمها وهي تحاول إحضار أي فكرة إلى رأسها لتقول
- اجل .. لقد كانوا .. جيدين يعاملوني .. بطريقة رائعة وقدموا لي هذا الثوب انه جميل اليس كذلك
- لو يعاملوننا هنا بهذه الطريقة لكنا جميعنا بأفضل حال أتعلمين اشعر باني أريد التحدث والتحدث دون توقف
حركت يوليانا عينيها بحرج وهي تهمس
- أتمنى لو أستطيع البقاء ولكن
- أتعنين انك ستغادرين اليوم
- بل ألان يجب أن لا يفوتني القطار .. لتوجه إلى عملي الجديد ( أضافت بجدية وأمام تحديق جينا بها أضافت ) عرجت عليك لأعلامك هذا ولأعطيك هذه ( وتوجهت نحو الغرفة لتتناول حقيبتها وجينا تراقبها وهي تخرج النقود من حقيبتها ثم تقترب منها لتمسك يدها وتضعهم بها وهي تضيف ) سأرسل لك كل شهر بعض المال أنا واثقة من انه سيساعد وأعدك أن احضر لزيارتك اجل سأفعل ولكن علي المغادرة ألان يجب أن أسرع بالوصول قبل فوات الأوان اعني قبل أن يحضروا شخصا أخر غيري ( وتحركت مبتعدة عن جينا وهي تستمر بتوتر لنظرات جينا التي لا تفارقها ) لا أعلم كيف سأغادر من هنا هل يوجد عربات في مكان ما قريب أم علي السير
- سأجعل جاك يحضر عربة جارنا ليقوم بإيصالك .. ألا تستطيعين البقاء الليلة
هزت رأسها بالنفي وهي تقول
- علي المغادرة
لقد جنت أجل ادعت أنها فيوليت ولكن ماذا كانت لتفعل غير هذا فلم تجرؤ على إعلامها أن فيوليت توفيت أيضا ما كان سيحصل لها لو علمت لقد بدت على وشك الانهيار دون أن تعلم أن الشخص الذي تعتمد عليه ألان قد توفي ولن تكن لتغامر بإخبارها وهي بهذه الحال ثم الأطفال يا ألاهي همست وهي تسند رأسها على زجاج القطار لقد أحبوها واخذوا يلوحون لها مودعين عند مغادرتها بالعربة التي احضرها جاك .. لقد ارتكبت خطأ فادحا كان عليها أن تكون صادقة مع جينا .. رغم ذلك ستعلم جيرالد فور وصولها بأن يقوم بإرسال بعض المال لعائلة مارش وبشكل شهري سيساعدهم هذا وستعلم جينا بوفاة فيوليت عليها هذا .. أغمضت عينيها بإعياء وهي تذكر وجه فيوليت المزرق إنها لا تستطيع أزالت تلك الصورة من مخيلتها حتى هذه اللحظة لا تصدق كيف استطاعوا فعل هذا كما أنهم ينون التخلص منها شعرت بالغثيان يعاودها فوضعت يدها على معدتها بألم للشعور الذي انتابها , ما أن توقف القطار في المحطة حتى ترجلت منه بحذر شديد وعينيها تراقبان كل ما يجري حولها حتى وصلت إحدى العربات فصعدت بها بسرعة طالبه من السائس الانطلاق وهي تعطيه عنوان جيرالد أخذت تختلس النظر من نافذة العربة وقد بدأت الشمس بالمغيب فعادت لتسند نفسها بالمقعد وقد أصابها الإنهاك الشديد فبقائها بالقطار كل ذلك الوقت بمفردها جعلها لا تتوقف عن التفكير مما أصابها بالذعر أكثر بايرون اندرو إليزابيث انهم السبب بكل ما يجري لها لا يجب أن تبقى إليزابيث في منزلها
- سأحرص على هذا
تمتمت شاردة قبل أن تتوقف العربة بها فنظرت حولها بحذر قبل أن تغادرها لتطرق على باب منزل جيرالد لتطل الخادمة وتهتف فور رؤيتها
- آنستي تفضلي تفضلي ( دخلت وهي تتأمل ماري المتلهفة لرؤيتها لتتساءل )
- ماذا هناك
- أن السيد يبحث عنك وقد
- جيرالد يبحث عني
- لا السيد جيرالـ
- مع من تتحدثين ماري .. ليدي فروديت أهلا بك
قاطعتهم لوريل مدبرة المنزل قائلة ذلك فتوجهت يوليانا نحوها قائلة
- هل جيرالد هنا أريد رؤيته حالا ( تبادلت المرأتان النظرات قبل أن تقول لوريل (
- يؤسفني إعلامك أن السيد جيرالد في المستشفى
- جيرالد في المستشفى
همست بعدم تصديق ودون استيعاب ما تقوله فهزت لوريل رأسها بالإيجاب وهي تضيف وقد بدا الحزن على وجهها
- اعتدت عليه مساء أمس مجموعة من المتشردين في أثناء عودته من عمله فنهالوا عليه بالضرب المبرح كما أنه تعرض ( وخف صوت لوريل وهي تضيف وقد بدأت حواس يوليانا بالاسترخاء وعينيها تراقبان شفتي لوريل المستمرة ) لعدت ضربات على الرأس تسببت بإصابات بالغة له .. انه في حالة حرجة .. وهو لم يستيقظ منذُ ذلك الوقت .. آنستي
هتفت لوريل عندما سقطت يوليانا مغشيا عليها أرضا وأسرعت نحوها بينما أحضرت ماري قطعة من القماش مبلله بالماء لتمسح لها وجهها فبدأت باستعادة وعيها ببطء وحركت عينيها بين ماري ولوريل وهي تشعر بأنها فاقدة لكل حواسها ثم أخذت تهمس
- جوانا ..جوانا أين هي
- برفقة السيد لم تفارق المستشفى منذُ البارحة أتستطيعين الوقوف
تسائلت لوريل وهي تساعدها فأجابتها وهي ما تزال تشعر بان جسدها مازال بعيدا عنها
- لا اعتقد أني أستطيع النهوض بمفردي ( ساعدتاها على الوقوف وماري تقول )
- لما لا تستريحين وساعد لك بعض الأعشاب لتستعيدي قوتك
هزت رأسها موافقة وهي تهم بالجلوس بالمقعد إلا أنها لم تفعل ونظرت نحوهما قائلة
- ماذا عنيتِ بقولك قبل قليل بان السيد يبحث عني
- السيد بايرون
- هو .. هنا ( تمتمت بصعوبة وعينيها تعبران عن مدى الذعر الذي تشعر به فقالت ماري )
- حضر البارحة لسؤال أن كنت حضرتي إلى هنا وطلب مني إعلامة متى حضرتي
- لا لا تفعلي لا تعلميه بشيء لا تعلميه أني حضرت أنت أنت لم تريني أنتما لم ترياني حسنا أنتما لا تعلمان أني حضرت
أسرعت بالقول بذعر وتوتر كبير
- ولكن آنستي انه يرسل سائسه بين الحين والحين ليتأكد من حضورك قال انه يعلم انك ستحضرين إلى هنا وطلب مني إعلامة متى حضرتي
- لا تعلميه ألا تدركين ما أقوله لك ( هتفت بحدة وذعر لم تعهدهما بنفسها وتحركت بتوتر وهي تقول ) أنت لم تريني أنا أنا لم احضر ماذا افعل ماذا علي أن افعل ( أضافت وهي تتلفت حولها تبحث عن شيء أي شيء شيء لا تعلم ما هو ولكنها تريد الشعور بالأمان فنظرت إلى ماري ولوريل التين تحدقان بها باستغراب قائلة ) أعدا العربة أريد المغادرة من هنا وان عاد احد لسؤال عني فستقولان ما كنتما تقولانه قبل رؤيتي فأنتما لم ترياني أسرعي ليعد السائس العربة
أسرعت ماري بالمغادرة بينما أخذت يوليانا بالتحرك بتوتر فتسائلت لوريل
- أترغبين بأعلام السيدة جوانا شيئا
- جوانا لا لا تعلميها شيئا كيف ستعلمينها وأنت لم تريني أم تراك نسيتي أنت لم تريني اليس كذلك لوريل
تأملتها لوريل للحظة ثم هزت رأسها لها بالإيجاب قائلة ببطء
- أنا لم أرك
- جيد .......
- إلى أين آنستي
- انطلق ألان بهذا الاتجاه
أجابت السائس وهي تصعد إلى العربة إنها حتى لا تعلم إلي أين تذهب وقد حل الظلام الحالك لا تجرؤ على الذهاب إلى منزلها ماذا عليها أن تفعل , عندما رأت الحديقة العامة طلبت من السائس أن يتوقف لتغادر العربة وتتابعها وهي تبتعد جالت بنظرها حولها لتبتلع ريقها لخلو المنطقة من احد عليها بالتحلي بالشجاعة أخذت تسير وهي تتلفت حوله بحذر ولم يأخذ وصولها إلى منزل صديقتها المقربة الكثير فجلست في غرفة الاستقبال قرب المدفئة وهي تشعر بالحرارة تبدأ بالسريان إلى جسدها الذي شعرت به منذُ وقت على وشك التجمد اقتربت الخادمة منها لتضع لها كوبا من الشاي الساخن أمامها وهي تقول
- ستنزل السيدة حالا
هزت رأسها بالإيجاب وتناولت كوب الشاي لترشف منه شاردة باماندا صديقتها منذُ الطفولة وبزوجها البير يمكنها الثقة بهما بكل تأكيد
- يوليانا ( نظرت نحو اماندا التي أطلت من الباب هاتفة باسمها بابتسامة أخذت بالاختفاء لتقترب منها ببعض الحيرة وقد لاحظت شحوبها لتضيف ) ما بك لا تبدين بخير ( وأسرعت للجلوس أمامها مضيفة بقلق ) اهو جيرالد
- علمت ما حصل له
- اجل فالقد كنت برفقة جوانا في المستشفى ولكن أنت ما بك لا تبدين على ما يرام
- هل سأل عني الورد بايرون هنا
- عمك لا ولما قد يفعل
- انه يبحث عني
- لمـ
- اليدي فروديت هنا لما لم يعلمني احد بهذا ( نظرت يوليانا واماندا نحو البير الذي دخل قائلا ذلك ليستمر بينما وقفة يوليانا لتحيته ) أنتما تعدان لمكيدة ما اليس كذلك بما تتهامسان اعترفا ( قال مداعبا وهو يرفع يد يوليانا لتقبيلها بينما انخفضت له قليلا وهو يستمر ) أسعدني حضورك
- أشكرك
- تعال واجلس عزيزي اعتقد أن يوليانا لديها ما تعلمنا به ليس لديك مانع يوليانا
أضافت والبير يجلس بجوارها فهزت رأسها بالنفي قائلة وهي تعود للجلوس أمامهما
- لا فانا احتاج إلى مساعدتكم ولم أجد احد أثق به سواكما
وأعلمتهم بكل ما حدث معها بقصر ميرفيلد
- حضرت وأنا أمل بالاعتماد على جيرالد أنتما تعلمان انه بمثابة الوالد لي أما ألان لا علم ما افعل ولا إلى أين اذهب
- لا أستطيع أن اصدق ما أسمعة منك الورد بايرون لم يسبق لأحد أن تحدث عنه بالسوء لقد التقيت به أكثر من مرة ولم يبدو لي ذلك الرجل الذي وصفته
- لقد كنا مخدوعين به عزيزي ماذا ستفعلين ألان
- لا أعلم
- هل يعلم احد انك هنا ( هزت رأسها لالبير الذي تسائل بالنفي وهي تقول )
- تعمدت النزول بالحديقة العامة وجئت سيرا إلى هنا
- هذا جيد ستبقين هنا إلى أن نجد حلا لهذا الأمر اليس كذلك ألبير
- اجل عزيزتي
- لا تقلقي ( قالت اماندا مضيفه لها ) ستبقين هنا ونرى ما سيحدث .. وألان تعالى فأنت مرهقة اعذرنا البير ( غادرت برفقة اماندا التي استمرت ) عليك الحصول على حمام ساخن سيشعرك هذا بالارتياح
جلست على سريرها بعد أن استحمت وسرحت شعرها وقد شعرت ببعض الراحة ولكن القلق لم يغادرها فلم تكن يوما تشعر بأنها وحيدة كما هي ألان وكأن احدهم اقتلعها من جذورها ليرميها بعيدا دخلت اماندا إلى الغرفة وقد تبعتها الخادمة وهي تدفع أمامها طاولة الطعام فأوقفتها اماندا بحركة من يدها وهي ترى يوليانا تغط في النوم فاقتربت من سريرها لتتأكد من أنها تنام بعمق ثم غادرت بهدوء
- أفيقي يوليانا أفيقي ( فتحت عينيها بذعر قبل أن تسرع بالجلوس في السرير وهي تحدق بأماندا بتشوش ودون تركيز لتراها تحدثها وملامح وجهها متوترة ولكنها لا تستطيع فهم ما تحدثها به فهزت رأسها ووضعت يديها على رأسها الذي يؤلمها مما جعل اماندا تهزها من كتفيها قائلة بقلق ) ألا تسمعين ما أقوله هيا أسرعي
- ماذا هناك
- عليك بالإسراع أن اندرو في طريقة إلى هنا أسرعي
أضافت وهي تبعد الغطاء عنها فأسرعت بمغادرة السرير وهي تقول بتوتر
- كيف علم أني هنا ( وأخذت تتلفت حولها تبحث عن ثوبها فناولتها إياه اماندا وهي تقول )
- ارتديه بسرعة يوجد عربة بانتظارك خلف المنزل ستقوم بإيصالك إلى نُزل صغير لن يستطيع احد الوصول إليك هناك
ارتدت ثوبها وهي تتسائل دون تركيز
- كم الوقت
- الثانية بعد منتصف الليل
قالت وهي تسرع بإغلاق ثوب يوليانا بيدين مرتجفتين أكثر منها مما جعلها تنظر إليها بإمعان قبل أن تهمس بحذر
- كيف علم اندرو أني هنا اماندا ( نظرت اماندا إليها وأسرعت بإشاحة وجهها وتحركت نحو الحقيبة والقبعة ويوليانا تضيف ) هل تبعني احدهم
- لا .. انه البير
- البير (همست بعدم تصديق وهي تشعر بماء باردة انسلت إليها مما جعل كل خلية بجسدها تقف لتفتح عينيها جيدا بينما دفعت اماندا الحقيبة والقبعة بين يديها قائلة بألم وهي تنظر إليها ) عليك الإسراع بالمغادرة فاندرو على وشك الوصول
- لما فعل ذلك
- لا اعلم .. بحق الله انه يعتقد انك نائمة هيا قبل أن يتنبه لغيابك ( رفعت يوليانا يدها المرتجفة إلى فمها غير مصدقة ألا تستطيع الثقة بأحد وضمت يدها الأخرى حقيبتها وقبعتها إلى صدرها فهمست اماندا بحزن ) لا وقت لدينا هيا
تبعتها دون التفوه بكلمة وما أن صعدت بالعربة حتى همست بصعوبة وهي تحدق بها
- هل سأراك
- اجل ولكن سأحضر أنا إليك لا تغادري النزل مهما حدث
هزت رأسها بالإيجاب ببطء وعادت لتضيف وعينيها تحرقانها لتجمع الدموع بهما ولكن لا لن تدمع
- هل أستطيع الثقة بك
بدا الألم على وجه اماندا ودمعت عينيها فأغلقت باب العربة وهي تحاول أن تتماسك ثم نظرت إلى يوليانا قائلة
- أسفه لما حصل .. هيا انطلق
ما أن سارت العربة حتى أغمضت عينيها وضمت ما بيدها إليها أكثر وهي تشعر بألم كبير يجتاح صدرها , جلست على المقعد الوحيد الموجود بالغرفة الصغيرة التي نزلت بها دون حراك وعينيها تائهتان أنها تجلس بهذا الشكل منذُ ساعات لا تدري كم من الوقت قد مر وهي تحاول الوصول إلى حلً لوضعها وتصلي أن يكون هذا كله مجرد حلم مزعج ما أن تستيقظ منه حتى تجد نفسها في سريرها تنعم بالدفء والاستقرار الذي كانت تشعر به رفعت يدها وأحاطت أصابعها جبينها وهي تشعر بصداع كبير ثم حركت عينيها حولها ووقفت بضيق لتقترب من الستائر وتفتحها ثم تفتح النافذة على مصراعيها لتتنشق الهواء وعينيها تتعلقان بشروق شمس الصباح هاهو نهارا جديد قد بدأ كيف سيمضي يا ترى كيفما مضى لن يفاجئها لم يعد يفاجئها شيء بعد ألان ضمت ذراعيها إليها وعينيها لا تفارقان شروق الشمس التي تظهر ببطء هل ستحضر اماندا أم .. اندرو أو ربما الورد بايرون شخصيا لم تعد تعلم حقا لا تعلم ..............
- مرحبا ( حركت رأسها ببطء إلى الجهة اليسرى ثم رفعت عينيها إلى الأعلى لتلتقي عيني اماندا الواقفة قرب مقعدها في الباحة الخلفية للنزل لم تتحدث يوليانا مما أربكها فجلست بجوارها مستمرة ) اعتذر على تأخري ( حركت يوليانا كتفيها لا مبالية وعادت لتنظر أمامها تأملتها اماندا قبل أن تعود للقول ) أن الجو بارد لما لم تبقي في داخل النزل
- اشعر بالاختناق ( قالت باقتضاب فالتزمت اماندا الصمت للحظة قبل أن تعود للقول )
- اعلم انك تشعرين بالسوء لما حدث البارحة من البير ولكن كان عليك أن تتنبهي وأنا أيضا كان علي هذا هل نسيتِ انه واندرو على علاقة جيدة
- هذا لا يغفر له اعلامة
- اقسم أني اعلم ولكن اندرو ادعى انك شاهدتي جثة إحدى الفتيات مما سبب لك انهيارا ولم تعودي متزنة واصبحتي تلفقين الأمور لغضبك منه و
- وماذا ( قاطعتها بألم وهي تنظر إليها مستمرة بغضب ) هل أبدو لك منهارة أم أني بالعادة ألفق هكذا أمور
- أنا أعرفك جيدا ولكن البير
- توقفي ( قالت مقاطعه إياها ومستمرة ) انه زوجك وأنا لا اطلب منك أن تبرري تصرفه أن لديه كامل الحرية بتصرفاته ولكني لم أتوقع أن يخونني لقد وثقة به .. كما أني وثقة بك ( وأضافت بتوتر وقد جعلها انتظارها لها تفقد صبرها ) هل تدركين مدى الرعب الذي اشعر به وأنا جالسة منذُ الصباح بانتظارك وأفكر هل ستحضرين أنت أم اندرو
- ما كنت لأخونك لقد .. لقد حضرت فور تمكني من ذلك
تأملت وجه صديقتها الشاحب وقد بدا الإنهاك عليها فخف توترها وهمست
- اعلم انك ما كنت لتغدري بي ولكني اشعر بالإرهاق والخيانة مما يحدث لي ومن مَن مِن اقرب أقربائي ( حركت يدها لتضعها على يد صديقتها مستمرة ) ارجوا أني لم أتسبب لك بمشكلة مع البير بسبب مغادرتي
حركت رأسها بالنفي وهي تقول
- سألني عنك بعد أن علم باختفائك فقلت أني لا اعلم شيئا
- وهل صدقكِ
- ادعى ذلك ولكني اعلم انه يعرف ما جرى .. فكرت بالأمر جيدا عليك المغادرة والاختفاء لبعض الوقت
- لماذا وأين
- أن وصل الورد إليك سيؤذيك لذا يجب أن تبتعدي انظري لقد أحضرت لك هذا العنوان ( تناولت الورقة منها بينما استمرت ) انه عنوان قريبي مايك ما أن تصليه حتى أكون أعلمته سبب ذهابك إليه انه يسكن وشقيقته وهو بمقدوره مساعدتك ولن يفكر احد بأنك ستذهبين إلى هناك
- لا أستطيع فانا لم اذهب إلى هناك من قبل كما أن معرفتي بمايك سطحية ولن أغامر بالذهاب إليه
- عليك ذلك فعمك لن يترك مكانً دون البحث به لقد أعلمني البير ذلك كما انه طلب من آل وينر أن يعلموه أن ذهبتي إليهم وكذلك قصد عائلة جوالين كما أن اندي جاءت لرؤيتي لرغبتها بمعرفة ما يجري لان اندرو ذهب إليهم وطلب منهم أعلامهم أن قصدتهم لأنك بدأت مؤخرا بتصرف بطريقة غريبة لقد بدء يشيع انك على وشك فقدان عقلك
- يا ألاهي ( همست بيأس وهي تهز رأسها ماذا تفعل فاستمرت اماندا )
- أرجوك اختفي لبعض الوقت حتى يتوقف جنون عائلتك
- اختفائي لن يفيدني بشيء أن جيرالد قادر على إيقافهم عند حدهم كان دائما قادرا على ذلك سأنتظره هنا حتى يستعيد عافيته وعليك عدم اعلـ
- جيرالد قد فارق الحياة
- احد بمكـ ( توقفت ببطء لسماعها قول اماندا لتهمس دون أن ترمش وهي تمعن النظر بصديقتها ) جيرالد ماذا
أخذت اماندا نفسا عميقا قائلة من جديد وبصعوبة
- توفي هذا الصباح وهذا سبب تأخري
بقيت كما هي للحظات ترفض ما سمعته وعينيها لا تفارقان اماندا لتشعر بالدموع تملأ مقلتيها مما أعاد لها الشعور بالواقع فحركت رأسها بعيدا عن اماندا وقد بداء صدرها يرتفع بقوة غير مصدقة
- لا يمكن ليس جيرالد
- اعلم أن الموقف صعب لهذا اطلب منك الابتعاد لفترة وسأحاول المساعدة بقدر ما أستطيع لو كانت عمتك على قيد الحياة لاستطاعت مساعدتك وما كان ليجرؤ الورد على فعل هذا
- متى سيدفنونه ( قاطعتها بهدوء وهي لا تصغي لها فقالت )
- عصر اليوم
- كيف هي جوانا
- منهارة تماماً فلقد حدث الأمر فجأة وهي غير قادرة على استيعاب ما حصل .. عليك الإصغاء لي ( نظرت إليها بعينين دامعتان فأضافت ) لا تضعفي ألان غدا سأعود لرؤيتك وسأحضر لك بعض النقود بالإضافة إلى الملابس وسأتدبر أمر نقلك من هنا إلى المحطة لتذهبي إلى العنوان الذي معك وسأبعث لمايك ليرسل من يقوم باستقبالك وبهذا الشكل تكونين بأمان ( بقيت يوليانا تنظر إليها دون اجابتها فهمست ) ثقي بي ( هزت رأسها لها بالإيجاب فتحركت اماندا واقفة وهي تقول ) علي الإسراع بالمغادرة فلا أريد أن يشعر البير بشيء .. أرجوك ابقي سالمة
- سأفعل
أجابتها وهي تتابعها تبتعد لتعود برأسها إلى ما أمامها وقد هزها موت جيرالد أكثر بكثير مما هزها ما حدث لها فلقد كان أملها الوحيد لقد كانت تعتمد عليه طوال حياتها ما الذي ستفعله ألان من سيدير أملاكها من سيساعدها لقد حصل بايرون على ما أراده ولكن كيف ستمنعه نظرت إلى الورقة التي تحملها محدقة بعنوان مايك قريب اماندا إنها تذكره فالقد التقت به منذ بضع سنوات ولكن هل تستطيع الثقة به والاختباء لديه دون أن يعثر عليها بايرون أغمضت عينيها بألم والدموع الدافئة تنساب على خدها البارد ببطء.........
لقد فقدت صوابها لتفعل هذا ولكن جيرالد يستحق أن تلقي النظرة الأخيرة عليه قبل أن يدفنوه أخذت تتخطى الأشجار وهي تخفي وجهها بقبعتها وقد أمالتها إلى الأمام توقفت وتراجعت بسرعة خلف إحدى الشجيرات وقد أطلت على المقبرة ورأت مجموعة من الناس مجتمعين بصمت فأخذت نفساً عميقاً مشجعة نفسها انها بعيدة ولن يستطيعوا رؤيتها أطلت قليلا نحوهم لتجول بعينيها بينهم قبل ان يتوقف نظرها على جوانا وقد أمسكتها اماندا وشقيقتها لتعود وتنقل نظرها بين المجموعة ما كان اندرو وبايرون أن يتأخرا بتقديم التعازي وهاهما والحزن العميق باديا عليهما شعرت بقلبها يؤلمها كيف يستطيعوا الادعاء بهذا الإتقان انهم بقمة السعادة ألان فقد تخلصوا من جيرالد عقصت شفتها ورفعت يدها لتمسح خدها فها هي تفقد من تحبهم واحداً تلو الأخر وقفت هناك تتأمل ما يجري من بعيد وهي تشعر بالجو كئيب وقد بدت السماء متلبدة بالغيوم مما يبشر باقتراب عاصفة تراجعت للخلف من جديد مخفية نفسها خلف الشجيرات عندما اخذ الناس بالصعود بعرباتهم للمغادرة بعد أن قدموا التعازي لجوانا وهذا ما كانت لتفعله ولكن ألان وبوجود عمها واندرو الأمر مستحيل لاحقتها بنظرها وهي تسير برفقة اماندا وما أن وصلت إلى عربتها حتى أسرعت مرافقتها بمساعدتها بصعود العربة بينما وقفة اماندا تتحدث مع البير الذي بدا الغضب عليه فأسندت يوليانا رأسها على الشجرة وأخذت تراقب البير واماندا وهما يتهامسان بغضب قبل أن تصعد اماندا بالعربة برفقة جوانا فتابعت العربة وهي تتحرك لتستقيم بوقفتها مغادرة وأخذت تسير لتعود إلى الطريق التي حضرت منها ولكن ما أن تخطت الأشجار ووصلت إلى الطريق حتى مرت من قربها العربة التي تقل جوانا واماندا فرفعت نظرها إلى النافذة لتلاقي عينيها اماندا التي بدا الذهول عليها وتوسعت عينيها بذعر واضح ثم أسرعت بتحريك شفتيها قائله شيئا دون أن ترفع صوتها فاخفضت يوليانا نظرها وأسرعت بمتابعة سيرها وهي تخفض قبعتها جيدا لقد فزعت اماندا لرؤيتها لم تتوقع أن تغادر النزل ولكنها لم تستطيع البقاء هناك وهي تعلم أن جيرالد سيدفن اليوم حاولت الإسراع في سيرها وأخذت تختلس النظر حولها بحذر وهي تتابع سيرها عليها العودة للنزل قبل حلول الظلام
- آنستي ( شعرت بقلبها يغادرها فلم تستدير وتابعت سيرها بخطوات أسرع إلا أن الصوت الهامس عاد ليضيف ) ليدي يوليانا أرجوك انتظري أنا لورا ( ولكنها رفضت والقلق الكبير يتملكها فاقتربت لورا منها أكثر وهي تحاول مجاراتها في سيرها وهي تضيف ) أرسلتني السيدة اماندا
نظرت إليها بقلق وهي تتابع سيرها قائلة
- ولما أرسلتك اماندا
- عندما رأتك طلبت مني أعلامك بان لا تعودي إلى النزل
بدأت خطواتها بالتمهل ببطء لتتوقف أخيرا ناظرة إليها وهي تقول
- لما لا افعل
- تقول لك أن السيد البير علم كل شيء ولا تذهبي أيضا إلى العنوان الذي أعطتك إياه ( اختفت الدماء من وجهها وأخذت تتابع سيرها ببطء فاستمرت لورا وهي تتبعها ) ضغط السيد عليها بعد عودتها من النُزل مما جعلها تعلمه بكل شيء وقد اعتقدت أن الرجال الذين أرسلهم اندرو إلى النُزل قد وجدوك
حركت رأسها ببطء بالنفي وهي تهمس بصعوبة
- غادرت النزل خلفها مباشرة
- علي العودة ولكن هذه لك طلبت مني إعطائك إياها وقالت أن تذهبي إلى العنوان الذي بها
تناولت الورقة من لورا التي تحركت مبتعدة ففتحتها متأملة العنوان الذي تحويه ثم حركت أصابعها لتضغط على الورقة بقوة ثم تتركها تقع من يدها أرضا وتحركت متابعة سيرها سيعلمون بأمر العنوان الجديد سريعا مسكينة اماندا تحاول مساعدتها ولكنها لم تنجح سيضغط عليها البير من جديد فتعلمه بأمر العنوان الجديد لا فائدة أخرجت الورقة الأخرى وقذفتها وقد بدأت قطرات من المطر الخفيف تهبط فحركت رأسها حولها وقد بداء الناس بالجري للاختباء من المطر فاخفضت رأسها وسارت دون الشعور بمياه الأمطار التي بللت ملابسها فان ما يجول بصدرها يجعلها تائهة عما يحصل حولها أخذت تمسح دموعها التي اختلطت بمياه المطر عن وجهها وهي تتنفس بصعوبة فهناك شيء ثقيل جاثماً على صدرها كما أن الخوف مما هي به كان قد تملكها ماذا تفعل إلى أين تذهب لم تعد لديها الجُرأة لقصد احد فان كان أكثر شخصين تثق بهما اعلما أندرو بمكانها فما الذي سيفعله البقية
- انتبهي
تناهى لها صوتا قاسي من الخلف فقفزت بعيدا عن الطريق لتمر عربة مسرعة من جوارها وتقذفها بالماء الموحلة لتحدق بالعربة التي تابعت سيرها ثم بأسفل ثوبها الذي تلطخ وحركت يدها إلى خدها لتمسحه بنفور من الوحل الذي علق به ثم تجهش بالبكاء وتتحرك جارية وهي تشعر بالكره الشديد لكل سكان هذه المدينة
- متى ينطلق القطار المتجه إلى شولتز
- بعد خمس دقائق
أجابها بائع التذاكر وقد أطلت على نافذته فرفعت منديلها من جديد لتمسح دموعها وهي في حاله يرثا لها قائل
- أعطني تذكرة
- هاهي عليك الإسراع فالقطار عما قريب سيتحرك
صعدت إلى القطار لتحبس نفسها بمقصورتها وهي ليست بأفضل حال فلم تبكي بطفولتها بقدر ما بكت ألان قد تكون جبانة لهربها بهذا الشكل ولكنها لن تستطيع مواجهة بايرون كيف ستفعل هذا أن وصل إليها أو علم أين هي لن يصعب عليه التخلص منها قد يرميها عن جبل مرتفع كما كان ينوي اندرو أن يفعل ويدعي أنها رمت بنفسها شعرت بجسدها يرتجف لمجرد الفكرة , ما أن توقف القطار في شولتز حتى ترجلت منه وضمت ذراعيها جسدها لبرودة الهواء وحركت رأسها حولها تلمح المحطة الشبة خالية ولم يترجل من القطار سواها شخصين آخرين اقتربت ببطء من العربتان الواقفتان وهي تمسك قبعتها على رأسها كي لا تطير فأسرع احد الساسة نحوها متسائلاً
- إلى أين يا آنسة
- دلبروك
- لا لست ذاهبا إلى هناك
فتحركت نحو سائس العربة الأخرى والذي اتكاء على عربته مراقبا إياها لتقول
- أريد الذهاب إلى دلبروك
- لأحد بكامل قواه العقلية يتجه إلى دلبروك بهذا الجو العاصف
حركت نظرها بين العربتين الوحيدتان الموجودتان قبل أن تعود نحو السائس لتقول بإصرار
- لكن يجب أن اذهب إلى دلبروك ولا تقل لي أن هذا مستحيل
- انه ليس مستحيلا بالتأكيد ( أجابها بكسل وهو يستقيم بوقفته ومستمراً وهو يحرك يده ) ولكن الأجر سيكون مضاعفا فالذهاب إلى هناك بهذا الطقس يعد مغامرة
- سأدفع لك ( تأملها السائس مفكرا بعد قولها هذا ثم حرك كتفيه قائلاً )
- سأوصلك ولكن الدفع سيكون مقدما
اقتربت منه وهي تفتح حقيبتها لتخرج منها ثلاث قطع نقدية وتقدمها له قائلة
- أهذه تكفي ( تناولهم منها وفتح باب العربة بابتسامة قائلاً )
- تفضلي
صعدت وهي تتنفس الصعداء لتنطلق العربة بها فأسندت خدها على حافة النافذة وعينيها تحدقان بالمطر الذي لا يتوقف وبالغيوم السوداء المتلبدة وقد غطت السماء أن توجهها إلى مزرعة مارش هو الحل الوحيد الذي استطاعت الاقتناع به لأحد يعلم أنها ستذهب إلى هناك لا احد سيفكر أنها قد تكون بهذه المنطقة انها المكان الأمن للابتعاد عن بايرون ورجاله الذين يبحثون عنها حتى تهدأ الأمور وتستطيع تمالك نفسها وعليها أعلام جينا بالحقيقة أرخت جفونها المتورمة قليلا وهي تشعر بالإنهاك الشديد فها هي تتجه إلى المجهول لو تستطيع أن تعلم ما الذي يخفيه الغد لها , تمسكت جيدا في مقعدها وقد أخذت العربة تسير بطريق وعرة منذُ وقت والمطر الغزير لم يتوقف توقفت العربة مما جعلها تتلفت حولها ثم تحدق بباب العربة الذي فتح ودخلت منه قطرات الأمطار والهواء البارد
- ماذا يجري
صاحت كي يسمعها السائس الذي فتح الباب واطل عليها فأجابها وقد ابتل تماما
- علينا تغير مسارنا فمن المستحيل الوصول إلى دلبروك أن الأحصنة مرهقة جدا والطريق وعرة بسبب انهيارات التربة
- لا نستطيع تغير مسارنا أنا لا اعرف احد هنا ولا اعلم إلى أين سنتجه
أجابته بتوتر رافضة الفكرة تماما فأشار لها بيده وهو يقول
- يوجد نزل صغير بهذا الاتجاه سنقضي الليل به ثم في صباح الغد نتابع طريقنا ما رأيك ( وأمام صمتها وحملقتها به أضاف ) لن نتمكن من الوصول بهذا الطقس وان استمرينا سنعلق في العاصفة
حركت رأسها بتوتر وضيق قائلة
- لنقصد النزل
أغلق الباب ولم تمضي لحظات حتى عادت العربة لسير فهزت رأسها بيأس فالحظ العاثر يلاحقها لم لا يحصل شيء كما خطط له
- الم تصل بعد
صاحت من داخل العربة وقد فقدت صبرها من ارتجافها المتواصل بسبب الطريق منذُ ساعة على الأقل
- أوشكنا على الوصول
أجابها السائس باقتضاب وهو يطلب من الخيول الإسراع وما أن توقفت العربة حتى ترجلت منها وهي تتنفس الصعداء وجرت بسرعة نحو مدخل النزل الخشبي ذا الطوابق الثلاثة لتقف على بابه وهي تأخذوا نفسا عميقا لتنظر إلى حيث وقفة أمرآة مشغولة بشيء أمامها فاقتربت منها
- عمت مساء
- تفضلي
أجابتها المرأة ثم رفعت نظرها لها لتلمحها من رأسها حتى أخمص قدميها ببطء فقالت متجاهلة نظراتها
- أريد غرفة
- واحدة
- اجل
- وذلك الرجل سيبقى في الخارج
نظرت إلى حيث أشارت المرأة لترى السائس يدخل وهو يمسح المياه عنه فعادت نحوها قائلة
- لا فل يحصل على غرفة أيضا
- الدفع مقدما
قالت صاحبت النزل ذات الوجه الدائري والخدين المنتفخين والشعر الخشن فوضعت يوليانا أمامها النقود قائلة
- أريد الغرفة ألان ( تناولت المرأة النقود قائلة )
- حسنا اتبعيني ولا تنزعجي فانا أفضل الحصول على الأجر مقدما فبعض النزلاء يحضرون ويتناولون الطعام ثم اكتشف أن لا مال معهم .. لما أنت بمفردك من الأفضل أن يكون معك رفيق أن هذا ليس جيد صدقيني ( أخذت تثرثر وتثرثر بينما سارت يوليانا خلفها بصمت وهي تصعد الأدراج خلفها ومازالت صاحبت النزل تستمر ) من الأفضل أن لا تسيري بهذه الطرق بمفردك لا يعلم المرء ما قد يواجهه .. تبدين مرهقة هل أنت من شولتز لا لا تبدين من هناك .. إلى أين ستذهبين ( فتحت باب الغرفة فدخلتها يوليانا مازالت متجاهلة أسئلة المرأة فتبعتها قائلة ) هل ستقيمين لمدة طويلة هنا
نظرت إليها بطول صبر قائلة
- صباح الغد أغادر وألان أريد أن أنظف ثوبي ( وأخذت تفك أزراره مستمرة ) وأريد طعاما ساخن ولتشعلي المدفئة هنا فالجو بارد
نظرت إليها المرأة بنظرات غريبة وتوجهت نحو المدفئة لتضع بها بعض الحطب بينما خلعت يوليانا ثوبها ووضعته على السرير الصغير الموجود بالغرفة وتناولت الغطاء الموضوع على السرير لتضعه على جسدها الذي لا يغطيه إلا ثوبها الأبيض الطويل الداخلي ذا الشيالات الرفيعة
- ألا تحملين معك ملابس نظيفة
- لا ( أجابتها باقتضاب وهي تقترب من المدفأة )
- يوجد لدينا بعض الملابس أن كنت ترغبين بالشراء
- أريد ثوبي نظيفا فقط هلا فعلتي
- اجل ( وتناولت الثوب عن السرير وتحركت نحو الباب مضيفة ) احضر لك العشاء إلى هنا أم تتناولينه في الأسفل
- لا اشعر بالجوع بعد
أجابت المرأة بشرود فخرجت وأغلقت الباب خلفها بينما جلست قرب النار وهي تشعر بجسدها يرتعش من البرد فرفعت يدها لحل عقدت شعرها لينسدل حتى منتصف ظهرها فحركته بيدها ليتناثر حول كتفيها وقد ابتل بعضة رفعت نظرها إلى نافذة الغرفة قبل أن تتحرك باتجاهها لتبعد الستائر قليلا بفضول وهي تسمع أصوات لتمعن النظر برجلان يقفان تحت المطر وهما يضحكان بشكل هستيري ويحاول احدهما إمساك الأخر جيداً لفقدانه لتوازنه وبدا أنهما يعانيان من أثار الإكثار من الشراب أعادت الستارة وعادت نحو المقعد لتشرد بالنار المشتعلة ثم نظرت إلى عقدها لتتناوله براحة يدها متأملة إياه وقد عادت عينيها لشرود لتضم قبضتها عليه وهي تشعر بألم يجتاح صدرها حاولت أن تتماسك ولكنها لم تستطيع لتنهمر دموعها من جديد رغما عنها , ضمت الغطاء جيدا إليها والإرهاق يتملكها رغم ذلك لم تستطع الإغفاء لتسهو بين لحظة وأخرى وسرعان ما تعود لحالت اليقظة انكمشت على نفسها وهي تشعر بالبرد ولم تشعر بالباب الذي فتح على مهل واطل منه رأس السائس الذي احضرها بالعربة تأملها بحذر ودخل ببطء وهو يسير بحرص شديد تلفت حوله بنظرات سريعة قبل أن يتحرك نحو حقيبتها التي وضعتها على الطاولة المجاورة لسريرها ليتناولها بهدوء ويفتحها تقلبت بسريرها وهي تشد غطائها عليها من جديد وهي تفتح عينيها ليصطدم نظرها بالسائس الذي تجمد في وقفته ناظرا إليها لتصرخ بذعر وتسرع بالجلوس في سريرها لرؤيته يحمل حقيبتها فأسرع بالجري نحو الباب ومازال محتفظا بحقيبتها فأسرعت بالنهوض بفوضى لتتبعه وهي تلف لغطاء عليها وتصيح
- لص لص امسكوه بحق الله لقد اخذ حقيبتي انتظر ألا يوجد احد هنا لقد سرق حقيبتي ( تبعته بسرعة في الممر المؤدي إلى الأسفل إلا انه جرى بسرعة ليقفز الأدراج على عجل بينما استمرت ) فليمسكه أحدكم لقد اخذ حقيبتي ( تخطى عن صاحبة النزل التي وقفة في مكانها فأسرعت يوليانا خلفه حافية القدمين لتتخطى هي الأخرى صاحبة النزل إلى الخارج وتتلفت حولها وهي تحاول رؤية في أي اتجاه ذهب دون استطاعتها رؤيته فتحركت نحو اليمين ثم عادت نحو اليسار دون هدى لتتمتم بذعر ) أين ذهب
تبعتها صاحبة النزل متأملة إياها وهي تقول
- ماذا جرى ( نظرت إليها وتحركت نحوها قائلة بعدم تصديق )
- سرق حقيبتي
- فعل ماذا لهذا كان يجري مسرعا ً
- العربة أين هي
أسرعت بالقول وقد أدركت انه سيذهب إليها لتهم بالتحرك إلا أن صاحبت النزل أوقفتها قائلة
- لقد أعدَها منذُ الصباح الباكر
حركتا رأسيهما معا إلى مكان ما بين الأشجار الكثيفة التي أمامهما لسماعهما أصوات حوافر الخيول وهي تعدو بسرعة فشعرت يوليانا بساقيها تتهاويان ولم تعد قادرة على حملها لتهمس بعدم تصديق
- ألا يستطيع احد الحاق به
- الحاق به أنت تمزحين بالتأكيد فمن الذي سيتبعه بهذا الطقس عليك إيجاد من يرغب بتقديم هذه الخدمة لك
- ألا يوجد احد هنا يستطيع ذلك
- زوجي كبيرا في السن ولا يركب الخيل لملاحقة احد
- ولكن بحق الله ألا يوجد لديك نزلاء هنا
- لن يتدخل احد لما لم تكوني حريصة .. ذلك السارق لن أدخله إلى نُزلي مرة أخرى أن رأيته .. ما قلتي انه سرق منك
نظرت إليها هامسة وهي لا تصدق أنها تقول ذلك
- حقيبتي ( حركت صاحبة النزل يدها لتحك خدها قائلة بتفكير )
- لم يبقى معك مالا
- لا ( همست بصعوبة وعقلها حتى هذه اللحظة يرفض ما جرى )
- إذا عليك مغادرة نزلي أرأيتي أني كنت على حق لأخذي المال مقدما أنت لم تدفعي لي سوى لقضاء ليلة واحدة وها هي قد مضت ( توسعت عيني يوليانا الناظرتان إليها فاستمرت ) لا تنظري إلي بهذا الشكل فانا أعيش من هذا النزل فلا تتوقعي تعاطفي المستمر مع الزبائن فالكثير من الأمور تحصل ثم أن عليك ارتداء شيء فليس من مصلحتك أن يراك احد النزلاء وأنت بهذا الشكل
وابتعدت لتدخل بينما تابعتها يوليانا بذهول وهي تضم الغطاء عليها جيدا لتسير ببطء إلى داخل النزل وما كادت تضع قدميها على أول الدرجات حتى عادت صاحبة النزل إلى القول بجفاء
- عليك بالإسراع قبل أن يستيقظ احدهم
حاولت جاهدة التماسك وتجاهل تلك المرأة البغيضة وما أن وصلت غرفتها حتى أغلقت الباب خلفها بهدوء شديد ونظرت بأرجاء الغرفة بعينين واسعتين ثم تحركت نحو زاوية الغرفة لتجلس هناك بذعر وتضم ساقيها إليها وهي عاجزة تماماً توقف نظرها على خاتمها الذهبي فأسرعت بخلعة بيدين مرتجفتين لتحدق به ثم تسرع بخلع عقدها لتضعهم براحة يدها لم يبقى معها سوى هذه ولكن لا لن تفعل وضمت راحتها إلى صدرها لا تستطيع ذلك انتفضت على انفتاح باب غرفتها ودخول صاحبة النزل التي نظرت إليها واستمرت بالسير نحو السرير لتضع عليه ثوبها وهي تقول
- لم تجلسين في تلك الزواية لستِ الشخص الوحيد الذي تعرض للسرقة هذه إحدى مساوئ السفر بمفردك لا اعلم كيف سمحت لك أسرتك بهذا أم انه ليس لديك أسرة لتعتني بك .. هاهو ثوبك قد جف ( ونظرت إليها مستمرة ويوليانا تقف في مكانها دون أن تبعد يدها عن صدرها وقد ضمت ما بها بإحكام ) عليك مغادرة الغرفة فقد يصل زبائن في أي لحظة
- ألا أستطيع البقاء حتى
- حتى ماذا أنا لا أعطي غرفا بالمجان ولكن ( أضافت وهي تنظر نحو الثوب الذي على السرير لتنحني نحوه متلامسة قماشه وهي تقول ) هذا الثوب جيد وقماشه سميك اليس كذلك
- لا أستطيع إعطائك ثوبي ( أسرعت بالقول وهي تتحرك نحوها مستمرة ) لا املك غيره
بدا التفكير على صاحبت النزل وتخطت عنها بينما تابعتها يوليانا وهي تراها تقترب من قبعتها لتتناولها وتضعها على رأسها وتتأمل نفسها بالمرأة قبل أن تقول
- هذه جيدة مع الثوب قد يسمحان لك بقضاء النهار هنا
- النهار
تمتمت باستنكار وعدم تصديق فهزت صاحبة النزل رأسها لها ووضعت القبعة بجوار الثوب قائلة
- مع وجبة غداء فقط
- ولكني لم أتناول طعامي البارحة وقد دفعت ثمنه مقدما
- لم يمنعك احد من تناوله أنت التي رفضت لذا لم تعد مشكلتي
- هكذا إذا ( تمتمت بغيظ كبير للاستغلال التام الذي تتعرض له قبل أن تضيف ) دعي ثوبي وقبعتي مكانهما
حركت صاحبت النزل كتفيها لا مبالية وهي تتحرك نحو الباب قائلة
- سأدعك لتفكري
- لا احتاج إلى ذلك فلا املك شيئا لارتدائه غير هذا
- سأعطيك ثوبا أخر وبالمجان
وأغلقت الباب خلفها بينما بقيت عيني يوليانا معلقتين بالباب قبل أن تنسل ببطء جالسة على السرير وتحرك رأسها بشكل آلي نحو ثوبها لتعقد حاجبيها ثم عادت نحو يدها لتفتحهما وتتأمل ما بها لو شاهدتهما لطالبت بأخذهم أيضا ولكان سرقهما ذلك السائس عادت لتغلق قبضتها عليهم بسرعة وقلبها يتسارع عند انفتاح باب الغرفة من جديد وصاحبة النزل تطل قائلة
- يجب أن أبدء بتنظيف الغرفة ( فتحركت يوليانا واقفة وهي تقول )
- على المغادرة من هنا ولكن لا اعرف كيف
- ساجد لك احد النزلاء الذي قد يرغب بان يقلك معه إلى أين أنت متجها
- دلبروك
- دلبروك ..أن القليلين الذين يتجهون إلى هناك بهذه العاصفة يالا حظك لا اعتقد انك ستغادرين اليوم ولكن أنت مجبرة على ذلك اليس كذلك
قالت ذلك وتحركت نحو المدفأة مخرجا منها الحطب فتابعتها يوليانا لتغمض عينيها مشجعة نفسها ثم تفتحهما قائلة
- أنا موافقة سأعطيك الثوب والقبعة مقابل ثوبا أخر والطعام والبقاء هنا إلى أن أجد من يقلني إلى دلبروك
نظرت إليها صاحبة النزل لتقف وهي تنفض يديها وتقترب منها قائلة
- ألا ترين انك تطلبين الكثير ( وتختط عنها نحو الثوب لتمسكه مستمرة ) انه لا يستحق كل ذلك
تحرك فك يوليانا بغيظ فسحبت الثوب من يدها قائلة بجدية
- أن لم يرق لك ما طلبته فلا باس سأتدبر أمري بنفسي وسأتحدث مع النزلاء لا احتاج إلى مساعدتك ولا تقلقي سأغادر اليوم
- لا تغضبي يا صغيرة ( قالت صاحبة النزل ببرودة وأخذت الثوب منها مضيفة وهي تتأمله جيداً ) عليك الغضب من ذلك ألص وليس مني أين القبعة ( تناولت القبعة عن السرير وتحركت لتغادر وهي تضيف ) سأحضر لك ثوبا أخر
- أريد إبرة وخيط فثوبي ( وأشارت إلى ثوبها الداخلي الأبيض مضيفة ) مزق وأريد إخاطته
غادرت لتعود بعد قليل واضعة ثوباً قديم مهترء وقد بهت لونه على السرير وناولتها الإبرة والخيط قائلة
- علي الإسراع بتحضير الإفطار أن اردتي أن لا يفوتك أسرعي بنزول
ما أن غادرت صاحبة النزل حتى تأملت الثوب لتتناوله متلمسة قماشه الخفيف أن خادماتها يرتدين أفضل منه بحق الله أغمضت عينيها بإعياء تدعو أن يطول صبرها ثم فتحتهما لا لن ترثى لحالها ليس ألان على الأقل جلست على السرير ورفعت طرف ثوبها الأبيض وثنته قليلاً وأخذت تخيطه لتترك فتحة في النهاية أدخلت منها العقد ثم خاتمها وقامت بإخاطت الفتحة جيدا لن يسرقهم احد منها تركت طرف ثوبها يهدل ووقفة ناظرة إليه لن يلاحظه احد تناولت الثوب الرث وارتدته وهي مشمئزة من لونه الكحلي الغامق إلا أنها هزت رأسها رافضة الانسياق وراء أفكارها وقامت بجمع شعرها لتعقصه وهي تتأمل نفسها لم تكن يوما بمثل هذه الفوضى ولكن لن تستسلم لذلك الألم الذي ينتابها ويدفعها إلى حافة الانهيار فأخذت نفسا عميقا وغادرت الغرفة لتنزل الأدراج إلى الأسفل وهي تسمع صاحبة النزل تقول
- ارجوا أن تكونا قد قضيتما ليلتا مريحة
- لقد فعلنا
- هل فعلنا لا اذكر ( ابتسمت صاحبة النزل وهي تنقل نظرها بين الشابان قبل أن تعود للقول )
- أنا اعد الإفطار أن كنتما ترغبان بتناوله ألان
- لا سنغادر كم حسابنا
- خمس قطع .. إلى أين أنتما متجهان
أخذت يوليانا تتأمل الشابان الذين وقفا أمام صاحبة النزل وقد إتكئ احدهما في وقفته إلى الأمام مسندا نفسه بالطاولة التي تفصل بينه وبين صاحبة النزل بينما بقي الأخر مستقيما بوقفته وهو يجيبها
- إلى دلبروك
- حقا يا لها من مصادفة
ركزت يوليانا نظرها على الشابان وقد أطلت عليهما جيدا متأمله الشاب المتكئ إلى الأمام وهو ذا شعر اسود ويظهر أناقة بالغة في بذلته ووجه الطويل ذا السالفان الأنيقان قبل أن تحرك عينيها نحو الأخر ومازالت تنزل الأدراج الأخيرة يتموج شعره الطويل قليلاً ما بين البني والأشقر وقد وقف مستقيما لا يبدو اقل من صديقة أناقة وانشغل بإخراج النقود من محفظته بينما تسائل الشاب الأخر
- لما هي مصادفة ( نظرت صاحبة النزل إليهما بابتسامة ماكرة وهي تقول )
- لا لا أريد أن أثقل عليكما أنها مجرد فتاة
وتوقفت عن المتابعة فنظر احدهما إلى الأخر ثم ابتسم الشاب ذا الشعر البني ووضع النقود أمامها قائلاً
- لقد أثرت فضولنا ألان فلما لا تتابعي ما بدأتِ
- أيها السيد أنت حذق دون شك
- هذا ما يقال عني ( أجابها أونيل وهو يتكئ كما صديقة فتوسعت ابتسامتها قائلة )
- أنها تريد التوجه إلى دلبروك ولا تستطيع ذلك فقد قام السائس الذي حضرت برفقته بسرقة نقودها وأصبحت عالقة هنا
- أهي التي أخذت تصرخ صباحاً بالخارج ( تسائل أونيل بتفكير فهزت صاحبة النزل رأسها له بالإيجاب مما جعله يرفع حاجبيه ببطء وابتسامة عابثة تظهر على شفتيه وهو يقول ) وأنا الذي اعتقدت نفسي احلم
- بعد ما شربناه الليلة الماضية أجد من الجيد أننا واقفان ألان
أجابه صديقه فتدخلت صاحبة النزل قائلة من جديد
- الفتاة تحتاج إلى أناس كرماء ليأخذوها معهم
- إننا كرماء بتأكيد اليس كذلك أونيل ( أسرع كريس بالقول بخبث فحرك أونيل رأسه قائلاً )
- ذلك يتوقف على من هي نزيلتك
- أنت تعلم أني لا اسأل نزلائي عن أسمائهم ولكن يمكنني القول إنها فتاة صغيرة جميلة واعتقد أنها ستروق لكم
- ومن نكون لنرفض هذا ولكن عليها أن تكون مسلية
قال كريس لأونيل قبل أن يضحك بينما ابتسم أونيل فقالت صاحبة النزل مما جذب انتباههما
- بما أنها هنا فقد ( حركت يوليانا رأسها لها بالنفي كي لا تعلمهما بوجودها وقد وصلت أخر الدرجات إلى أن السيدة تجاهلت طلبها وأشارت إليها مضيفة ) تستطيع الحكم بنفسك
استدار الشابان برأسهما نحوها ثم استدار أونيل ببطء بجسده متأملا إياها بينما تجمدت ساقاها فحاولت التحرك رغما عنهما فآخر ما تريده ألان هو المزيد من الكوارث وأبعدت نظرها عنهما مدعية انشغالها ولكن الصمت الذي طال جعلها تعيد نظرها إليهما لتجد أحداهما قد اتكئ إلى الخلف ناظرا إليها بينما اكتفى الأخر بنظر إليها من فوق كتفه عادت بنظرها نحو أونيل الذي أطلق صافرة وتحرك ليستقيم بوقفته مما جعلها تبتلع ريقها بينما مال صديقه برأسه نحوه هامسا شيئا جعل ابتسامة أونيل تكبر ثم تحرك نحوها متكاسلا وعينيه تتأملانها فأخذى قلبها يهبط ببطء إلى الأسفل وعينيها لا تفارقانه بحذر
- ما هذا لم اعلم أن لديك حوريات في هذا النزل ( ثم ضم شفتيه مانعا نفسه من الضحك وهو يضيف ساخرا ) حورية ينقصها الكثير اليس كذلك كريس
- كما تقول
أجابه كريس مما جعلها تنظر إليه ثم سرعان ما تعود بنظرها إلى أونيل الذي أصبح أمامها ولكنه لم يتوقف كما كانت تتوقع بل استمر بالسير ليلتف حولها وهو يستمر بينما تجمدت أكثر وراقبته بكل حواسها
- أتعتقد أن علينا مساعدتها
- نستطيع ذلك أن أردنا
قال كريس وابتسامة استمتاع لا تفارق وجهه فضم أونيل شفتيه مدعي التفكير وهو يطل بجوارها ويقول ومازالت عينيها تراقبانه
- أن أردنا ذلك ولكن هل نريد
- لا أريد مرافقتكما
قاطعته قائلة وعينيها لا تفارقانه فوقف في مكانه وقد أصبح أمامها ناظرا إليها للحظات دون التفوه بكلمة مما جعلها ترفع ظهرها جيدا وتنظر إلى صاحبة النزل التي تدعي إنها مشغولة بشيء أمامها فحاولت عدم إظهار خوفها والقلق الذي تعاني منه ليتحدث مما جعلها تعود إليه لتلاقي عينيه وهو يقول
- هل أعلمتك أنها تملك عينين زرقاوتين كالسماء الصافية في يوما ربيعي
- ها أنت تعلمني ( إجابة كريس مبتسما فقال من جديد وعينيه لا تفارقان وجهها )
- لقد فاتك الكثير إذا
- لا باس فلا تجذبنني ذوات العيون الزرقاء ماذا عنك
أخفضت نظرها وقد فاض بها الأمر من وقاحة هذان الشخصان وحاولت التحرك لتبتعد عن هذا المكان إلى أن أونيل تحرك معها ليبقى واقفا أمامها مانعا إياها من تخطيه وهو يقول
- أنتِ على عجلة ولاشك
- أرجو المعذرة ( تمتمت بتوتر وحاولت من جديد تخطيه ولكنه لم يسمح لها ووقف أمامها مما جعل قلبها يضطرب لتقول وهي تحدق به بعدم تصديق مما يحدث ) هلا توقفت فانا أريد المرور
- تس تس تس كريس أن صديقتنا هنا منزعجة
- لست صديقة احد ( أطلق كريس صافرة استمتاع وهو يتابع ما يحدث قائلاً )
- إنها منزعجة دون شك
- أحقا نسبب لك الإزعاج
تسائل أونيل وهو يدعي الاهتمام فحركت عينيها عنه نحو صديقه ثم نحو صاحبة النزل التي تحركت مبتعدة لتدخل المطبخ وعادت إلى أونيل وقد بدأت تشعر بالخطر قائلة
- من غير اللائق التصرف بهذا الشكل المهين
- أكنا غير لائقين لا لا تقولي ذلك ستجرحين مشاعري
- احذري فلو كنت مكانك لما اقتربت من مشاعره
قال كريس وهو يحاول ادعاء الجدية فنقلت نظرها بينهما قبل أن تعود نحو أونيل وهي تقول
- لا أريد أن أكون فظة يا سيد ولكن تصرفك حتى هذه الحظة لا يسمح لي بتحدث معك بطريقة اقل تهذيباً
- واو أونيل احذر
قال كريس بينا رفع أونيل حاجبيه لقولها وبدا الاستمتاع بنظراته فقالت بضيق
- هل يمكنك الابتعاد عن طريقي أريد المرور ( مال نحوها هامسا )
- وان لم افعل
بقيت عينيها معلقتين بعينيه لوهلة وبدا الذعر يدب بها فهي بالتأكيد لا تحتاج إلى المزيد من المشاكل فتراجعت إلى الخلف ببطء
- لا
همست وهي تشهق وقد فتحت عينيها جيدا عندما تحركت يده لتحيط فكها موقفا إياها عن التراجع ومال برأسه نحوها أكثر هامسا وعينية المتفحصتين لا تفارقان عينيها
- هل أنت خائفة من شيء ما
أخفضت عينيها لتحدق بأصابع يده التي تمسك فكها بإحكام وهي لا تجرؤ على التنفس قائلة بجدية
- أن لم تبعد يدك عني ألان سأجعل جميع نزلاء هذا المكان يحضرون إلى هنا
- أنصحك بتنفيذ ذلك
قال كريس المسترخي بينما أنفاسها تسارعت بشكل واضح وأونيل لم يتحرك وعينيه لم تفارقانها ليقول وأصابعه تسترخي ببطء عن فكها
- أتعتقد أنها قادرة على ذلك ( وابتسم ويده تبتعد عنها ليستقيم بوقفته دون أن يفارق عينيها قائلا ) أن لك عينان لم أرى مثلهما حتى ألان ولكنهما للأسف لا يغفران لك لتجلسي مع أسيادك في عربة واحدة
- قلت أني ارفض الذهاب برفقتكما
همست بتحدي وقد شعرت بالإهانة الكبيرة لتصرفه نظر أونيل إلى صديقه قبل أن يضحك وكأنها قالت دعابة ما ثم تحدث وهو يهم بالتحرك
- لقد رفضت ( فأجابه كريس وهو يستقيم بوقفته )
- لا تشعر بالسوء فلم يكن لدينا مكان لنجلسها
- كنا تدبرنا الأمر ( ونظر إليها مستمرا ) ولكن للأسف رفضت عليك إيجاد غيرنا لتتسولي منهم .. هيا بنا فلقد أضعنا الكثير من الوقت
تابعتهما وهما يغادران وما أن اختفيا حتى تنفست الصعداء ولكن ارتجافها لم يخف لتنتفض عند ظهور صاحبة النزل من جديد والتي بادرتها
- الم تستطيعي تدبر الأمر ومرافقتهما ما بالك يا فتاة
- كيف تسمحين لنفسك بالطلب منهما اصطحابي ماذا تعتقديني
لمحتها من رأسها حتى أخمص قدميها قبل أن تقول
- لم تبدي لي من النوع الذي يفكر كثيرا خاصة وانك حضرتي بمفردك إلى هنا وأنا اعرف شيئا واحد هو أني لا أريدك هنا لهذا عليك المغادرة معهما مع غيرهما المهم ألا تبقي هنا
- لن ابقي لا تقلقي ( أجابتها بعدم تصديق مستمرة ) ولكني لن اذهب مع شابان طوال الليل يشربان ويترنحان أن مظهرهما حتى لا يوحي بالثقة
- من تعتقدين نفسك اليدي لورين هذان الشبان كانا فرصتك وربما فرصتك الوحيدة .. لديك حتى المساء للمغادرة والا بقيتي خارجاً ( عقدت يديها وتوجهت نحو المقعد لتجلس عليه رافضة الاسترسال بالحديث معها ولكنها عادت لنظر إليها وهي تقول ) أن الجو عاصف ولا اعتقد أن أحدا سيقصد المكان وان كان ولابد أن تبقي فعليك العمل لتحصلي على المبيت هنا
- اعمل ( تمتمت يوليانا وهي تفتح عينيها جيداً فأضافت صاحبة النزل )
- اجل فالقد غادرت الفتاة التي تعمل بتنظيف الغرف وأنا احتاج إلى واحده جديدة لتساعدني
- فقدت عقلك بلاشك لتطلبي مني أن أنظف غرف النزلاء
قاطعتها يوليانا وهي تشير إلى نفسها بعدم تصديق فأجابتها
- أنا أعيش من هذا المكان ولا وقت لدي لأقضيه على الاستحسان على الآخرين ( تحركت يوليانا رافضة متابعة الإصغاء لها متجهة نحو باب النزل لتحدق بالمطر الغزير لتشرد بالأرض الموحلة وضمت ذراعيها إليها فهذا الثوب خفيف جدا ولا يقيها البرد أخرجتها من شرودها صاحبة النزل التي تختفي ثم سرعان ما تعود لظهور ) توقفي عن الحملقة بالخارج فلن تستفيدي شيئا
تنفست بعمق وقد بدأت تشعر بالندم لعدم مغادرتها مع الشابان ثم أسرعت بهز رأسها رافضة الفكرة لتتسائل
- ألا يوجد نزلا آخرين ( وأمام صمت صاحبة النزل أضافت ساخرة ) لا يوجد اليس كذلك ( وعادت نحو الخارج متمتمة ) يا لحظي
مر الوقت ببطء دون حضور احد وضعت يدها على معدتها وضغطتها بألم لقد تناولت بعض الحساء ولكن معدتها لا تتوقف عن التلوي نظرت إلى صاحبت النزل وقد أطلت من باب المطبخ لتحدث زوجها المسن الذي يجلس بهدوء ليتهامسا وهما ينظران إليها فأشاحت برأسها عنهما وهي تشعر أنهما يعدان مكيدة لها أسرعت بالوقوف وهي تشعر ببعض الأمل وقد شاهدت رجلا يقترب وهو يجري مسرعا ليحتمي من المطر وما أن دخل إلى النزل حتى خلع قبعته وهو يتنفس بصعوبة ويقول
- ما هذا لن يتوقف المطر أبدا
- ليس بالقريب العاجل ولكن ما الذي أتى بك جو
اقترب الرجل الكبير في السن والنحيل وقد ترك لحيته البيضاء ظاهرة ليقول لزوج صاحبة النزل الذي تسائل
- انقل بعض الصناديق وعلي إيصالها اليوم ( ونظر نحو يوليانا ليبتسم قائلا مما اظهر فقدانه لعدد من أسنانه الأمامية ) أريد حساءً ساخن
- سيحضره لك جيمس ( قالت صاحبة النزل فأسرع زوجها نحو المطبخ بينما اقتربت يوليانا منها وهي تتأمل الرجل فلاحظت تصرفها مما جعلها تقول ساخرة ) ماذا هل هو مناسب لتثقي به ( نقل الرجل عينيه بينهما وصاحبة النزل تضيف ) انه لا يتجه إلى دلبروك
- من قال ذلك ( قال جو فأسرعت يوليانا بالقول )
- هل أنت متجها إلى هناك
- أنا لم اقل ذلك ( تجمدت عينيها عليه فان مزاجها لا يسمح لها بتحمل دعابات احد وهمت بالتحدث إلى أن جو أضاف ) لما
- أريد الذهاب إلى هناك
- من تقصدين بدلبروك
- مزرعة مارش
- مزرعة مارش ( كرر جو وهو يجلس بينما وضع الطعام أمامه قائلا ) اعتقد أني اعرف أين تقع أن لها طريقا ضيقة توصل إليها
- اجل انها هي هل تأخذني إليها
- لست ذاهبا إلى هناك فسأغير مساري قبل الوصول إليها بمسافة جيدة سأصحبك أن كنت قادرة على السير باتجاهها فالا أستطيع إيصالك إلى الطريق المؤدية إليها علي إيصال حمولتي بأسرع وقت
- حسنا لا باس أستطيع ذلك بالتأكيد
- ستسيرين تحت هذا المطر لابد وانك فقدت عقلك
قالت صاحبة النزل مما جعل يوليانا تقول بإصرار وهي تشعر أن مغادرتها لهذا المكان وبأي شكل هو أفضل ما تفعله ألان
- سأذهب
جلست بجوار جو الذي يحمل بعربته عددا كبيرا من الصناديق لتنكمش على نفسها وهي تشعر بالبرد الشديد فحرك جو يده إلى الخلف قائلا
- تناولي ذلك الغطاء وضعية عليك عله يقيكِ هذا البرد ( تناولت الغطاء ولفت نفسها به دون اعتراض بينما الخيول تسرع ) يجب أن تكوني حريصة يا بنيتي ( نظرت إلى الرجل الذي حدثها وهو ينظر أمامه مستمراً ) أن الحياة ليست جيدة كما تعتقدينها بل هي صعبة ولا يمكنك الثقة بالجميع ومن الخطر أن تتنقلي بمفردك فليس أسهل من استغلال شابة بمفردها
شردت وهي تنظر إليه وهو يستمر فهو على حق لا تستطيع الثقة بأحد الجميع يغدرون بها أن اقرب الناس إليها خانوها فما بال البقية لقد نطق هذا الرجل ذا الملابس المهترئه بالكثير من النصائح التي تعبر عن اهتمامه على أن تكون سالمة ورغم تحدثه معظم الوقت إلا أنها شعرت أن الوقت يمر وهي لم تصل لتتنفس الصعداء وهو يقوم بإيقاف الخيول مما جعلها تتسائل وهي تتلفت حولها
- هل وصلنا
- اجل أنا سأذهب من هذه الطريق بينما أنت عليك السير من هنا سيري على الطريق ولا تغادريها وإلا تهتي إلى أن تصلي الطريق التي تؤدي إلى مزرعة مارش حينها تكوني قد وصلتي
- أشكرك ( قالت وهي تترجل من العربة وقلبها يخفق بسرعة فتسائل جو )
- هل ستكونين بخير
- اجل .. اجل .. اعتقد ذلك
تمتمت وهي تحاول إخفاء خوفها وأبعدت الغطاء عنها تريد إعادته
- لا دعيه عليك .. وداعا
استدارت نحو الطريق بقلق قبل أن تعود نحو العربة التي أخذت بالابتعاد لتضم الغطاء عليها جيدا وتعود نحو الطريق التي أمامها وهي تبتلع ريقها لتسير ببطء وهي تشعر برهبة بهذه الظلمة والمطر الذي لا يتوقف مما زاد الأمر صعوبة حاولت الإسراع في السير وهي ترفض السماح لخوفها بالسيطرة عليها فأخذت تسرع وتسرع ولكنها لم تصل ارتعش جسدها لسماعها صوت نباح كلباً اخترق صوت قطرات المطر فتلفتت حولها بذعر ثم استدارت إلى الخلف وهي تتأمل الطريق خلفها لتأخذ بالتراجع بفزع ثم استدارت بفوضى وأسرعت بالجري ولكن صوت النباح اختلط مع أصوات كثيرة وبدء بالاقتراب منها أكثر وأكثر مما فزعها وجعلها تجري بكل طاقتها لقد اقتربت اجل اقتربت بات الطريق المؤدية لمزرعة مارش تظهر لها زلت قدمها مما جعلها تقع على وجهها أرضا وهي تصرخ فوضعت يديها على الأرض الموحلة وحاولت النهوض وهي تشهق بصعوبة ووقفت بترنح وهي تنظر خلفها من جديد وتشعر باقتراب شيئا منها رغم محاولتها الرؤية بشكل جيد إلا أنها لم تفلح بهذا المطر الغزير فأخذت تتراجع بذعر ثم استدارت وجرت بسرعة متجاهلة الوحل العالق بها والرياح القوية التي جعلت الغطاء يطير بعيدا عنها لتصيح وتتبعه وهي تحاول إمساكه ثم تتوقف رافضة لحاقه وتعود لسير إلى الأمام وقد اختلطت دموعها بالوحل الذي غطى وجهها ومياه الأمطار التي تحاول إزالته عنها لتعود لجري وهي ترتجف بكل كيانها لتدخل الطريق الفرعية دون الالتفات خلفها أو حتى أن تخفف من سرعتها وما أن وصلت السور الخشبي حتى فتحت بابه بيدين مرتجفتين لتدخل مغلقة إياه خلفها بسرعة وأخذت تنظر جيدا أن كان احدهم تبعها وتأخذ بالتراجع إلى الخلف وعينيها