انتظـروا المـزيد من الروايات مـع تحيات المؤلفة دنيا روايـاتي

تحذير .. حقوق الطبع والنشر محفوظة لدنيا رواياتي
يمنع نقلوها وعرضها بأي من المنتديات .. أرجوا من الجميع التعاون.. بعد ايقاف جوجل بلس قمت بفتح فيس بوك خاص بدنيا رواياتي ..مع تحياتي لكم جميعا.. مازلت لا انشر خارج هذه المدونة وارجوا من القراء عدم نسخ رواياتي ونشرها في اماكن اخرى مع الشكر لكم لاعجابكم بها


الخميس، 4 فبراير 2016

رواية الأخذ بالثأر من 1 - 10

الأخـذ بالـثـأر


سماء ملبدة بالغيوم تنذر بتساقط المزيد من الأمطار وبتقدم عاصفة جديدة قد تكون أسوء من سابِقَتِها جعلت عيني ليفيا الخضراوتين تغمقان قبل أن تخفضهما بِبُطء نحوَ رؤوس الأشجار المهتزة بشكل قوي لتعود إلى ما أمامها بشرود ومازالت العربة تهتز دون رحمة لتتعلق عينيها بالأرض الموحلة وبجذوع الأشجار الكثيفة التي يمرون بها بالسرعة الممكنة بهذا الطقس الذي ينبئ باستمرار انخفاض درجة الحرارة لتحرك رأسها وهي جالسة مستقيمة الظهر ويديها تضمان بعضهما بحجرها نحو سيلفيا ريفوري الجالس أمامها والتي تراقبها بصمت منذ انطلاقهم لتتلاقى أعينهما لم تبدو السيدة ريفوري مهتمة بكسر الصمت الذي طال فالقد اكتفت بالجلوس والنظر إليها بتعالي منذ وقت طويل فأظهرت ابتسامة رقيقة متجاهلة عدم رغبة سيلفيا بالحديث متسائلة بصوتها الثابت وبهدوء يبعث على الاسترخاء
- ما زلنا بعيدين عن صوفيلان
- كدنا نصل
أبقت عينيها على المرأة المسنة أمامها منتظرة منها قول المزيد ولكن أمام الصمت الذي أطبق بعد قولها هذا هزت رأسها ببطء مدعية تفهمها ثم رمقت دافني الجالسة بجوارها لتجدها قد انكمشت على نفسها والتصقت بباب العربة مسندة رأسها المترنح وهي تكاد تغفوا بين لحظة وأخرى قبل أن تعود بشكل آلي نحو النافذة التي بدأت قطرات المطر الخفيفة تترك أثرا عليها لتعود برأسها بشكل مفاجئ نحو سيلفيا ريفوري التي قالت بصوتها البارد موجهة حديثها لخادمتها وهي تحدق بها بحده
- استيقظي أيتها الفتاة يا لك من كسولة
تحركت دافني بسرعة مستقيمة بجلستها وهي تبتلع ريقها بتوتر قبل أن تقول وهي ترفع وشاحها جيدا على كتفيها
- أرجوا المعذرة سيدتي لم اقصد أن اغفوا
أكتفت سيلفيا ذات الوجه الصارم والذي يوحي بأنه لا يعرف معنى الابتسامة برمق الفتاة بنظرات غاضبة ثم أشاحت برأسها نحو النافذة ونفاذ الصبر باد عليها فنقلت ليفيا عينيها بينهما بهدوء والحيرة تدب بها لتصرفات سيلفيا الفظة حتى مع خادمتها الخاصة لتثبت مقلتيها عليها محاولة أن تعلم ما يدور في ذهنها فمنذ أن حضرت لرؤيتها لتعرف عليها علمت أنها لم تنال إعجابها فهي لم تحاول أخفاء عدم تقبلها لها بل تقوم بإظهار هذا في أي مناسبة قد تسمح لها عادت لتحدق خارجا وهي تفكر بالذي يجعل سيلفيا تعتقد أنها لا تكن لها نفس الشعور فهي لم تعجب بها أيضا رغم أنها كانت ترجوا عكس هذا ولكن جديتها بالحديث وجفائها وملامحها الغير ودية لا يجعل من السهل تبادل الحديث معها أو حتى التقرب منها رمشت خارجة من شرودها وحواسها تنتبه وهي تشعر باهتزاز العربة المسرعة بشكل أقوى من السابق فقالت بقلق
- الطريق وعرة جدا
أخذت سيلفيا تتلفت برأسها بينما تمسكت دافني بمقعدها جيداً
- كايل ما الذي يجري لما نسير بهذه السرعة
تساءلت سيلفيا بصوتها المرتفع لكي يسمعها سائس العربة بينما فتحت ليفيا عينيها جيدا وهما تحدقان بالخارج لرؤيتها العربة تبتعد عن الطريق التي بدأت تظهر لها أكثر وأكثر مما جعلها تشير بيدها بقلق دون أدراك ما يحصل والعربة تستمر بالانحدار نحو اليمين ومازالت الخيول تسرع دون توقف قائلة
- ما الذي يجري إننا ننحرف عن الطريق
- يا ألاهي
هتفت دافني وعينيها ثابتتان على نافذة الباب وقد توقفت أنفاسها فأسرعت ليفيا متخطية عنها نحو باب العربة تريد فتحه وقلبها يطرق بسرعة تجاري سرعة الخيول المنطلقة بينما رفعت سيلفيا يدها إلى صدرها ولأول مرة تراها عاجزة عن النطق فلامست يدها الباب محاولة دفعه لتتوقف وكأن الزمن توقف بها وعينيها تحدقان من خلال نافذة الباب بالمنحدر العميق الذي تسير العربة على إطرافه بهذه السرعة قبل أن تشعر بنفسها تهوي لترتطم ملتصقة بالباب الذي كانت تهم بفتحه لتصرخ بقوة وسيلفيا ترتطم بها وتستلقي دافني بجوارها ليسمع صراخهم الذي تلاشى وسط تكسر الخشب وانجراف العربة بخيولها التي تحاول الإفلات إلى أعماق المنحدر ومازالت العربة تنقلب كالصندوق ليرتطم من بها بجدرانها التي أخذت تتهالك بسبب اصطدامها المتكرر بقوة بالأرض إلى أن استقرت أخيرا بالقاع ليتوقف الضجيج الذي أحدثته ويعم سكون غريب كسره صوت فرس حاولت تحريك رأسها قبل أن تخرج أنفاسها الأخيرة ارتجفت أصابع ليفيا لتحرك يدها ببطء وأنهاك شاعرة بالحياة تعود إليها دون قدرتها على تحريك المزيد من جسدها رغم رغبتها الشديدة برفع رأسها وإبعاد خدها عن الأرض المبتلة والموحلة ورغبة تفوقها بتحريك جسدها المستلقي على الأخشاب ففتحت عينيها ببطء وأنفاسها تتزاحم وكأنها تعود لتتنفس من جديد بعد أن كانت لا تفعل لوهلة بقيت ثابتة في مكانها وعينيها ثابتتان بتشويش محاولة إدراك ما حولها قبل أن ترمش بسرعة وقد بداء نبضها بالتسارع فحركت يديها رغما عنهما متجاهلة كل ذلك الألم الذي وصل حتى عظامها لتضع راحتيها على الأرض وترفع نفسها قليلا وتعقص شفتيها بقوة للألم الذي تشعر به بذراعيها فتنفست بعمق محاولة استجماع قوتها ولكنها توقفت وزاغت عينيها قبل أن تقول بصوت مرتجف قلق غير مصدق حتى ألان ما حصل
- دافني .. سيلفيا أين أنتما .. سيلفيا ... سيلفيا يا ألاهي دافني
اخذ صوتها يرتفع بحده وأمام الصمت المطبق دون استجابت احد بدا الخوف والذعر بعينيها فحركت رأسها حولها لتتجمد ويسري المزيد من الشحوب إلى وجهها ليختفي صوتها الذي كانت تهم بإخراجه وعينيها تتوقفان على سيلفيا التي استلقت بشكل غير ثابت وقد إميل جسدها إلى أسفل بينما بقي رأسها مستندا على المقعد المتحطم وقد تناثر زجاج النافذة حولها وملأت الدماء جانب وجهها فأخذت تنادي عليها وهي تتحرك لتقف ولكنها سرعان ما وقعت وقد خانتها قدمها اليمنى فأسرعت بالتحرك من جديد لتصل قرب سلفيا بترنح لتتلمس وجهها بيدين مرتجفتين وهي تقول بذعر
- استيقظي سيلفيا ... دافني
نادت على دافني وتلفتت برأسها حولها دون أن تجد لها اثر مما زاد من خوفها وعادت نحو سيلفيا علها تستجيب ولكن رأسها تراخى بين يديها وكأن لا حياة فيه مما أصابها بالذعر وجعلها تتراجع عنها وعينيها لا تفارقان الوجه الذي أمامها وارتجاف جسدها يزداد فتحركت مجبرة نفسها على الوقوف وهي تهتف
- دافني أين أنت دافني ( وتحركت ملتفة خلف العربة بتعثر علها تجدها دون فائدة فأسرعت بتسلق المنحدر وهي تتلفت حولها دون أن تعبئ بالأوحال التي علقت بها ) دافني .. النجدة النجدة ألا يسمعني احد النجدة .. دافني أين أنت كـ كايل أين أنت يا ألاهي يا ألاهي
أخذت تتمتم دون وعي وهي تعود بأدراجها بعرج نحو العربة لتقترب من جديد من سيلفيا وهي تهمس باسمها دون أن تجرؤ على لمسها وإمام السكون الذي كان الجواب الوحيد لها وضعت يدها اليسرى على قلبها الخافق بقوة وأخذت بالتراجع للخلف قبل أن تتلفت بسرعة برأسها وتستدير بجسدها بروية مصغية جيدا لذلك الصوت الخفيف الذي يصدر بين الحين والحين من مكان ما
- أيوجد احد النجدة أيسمعني احد نحتاج إلى المساعدة ( أخذ صوتها بالارتفاع أكثر وأكثر وهي تضيف ) أهناك من يسمعني النجدة أيسمعني احد
أضافت بقوة لتتوقف وصدرها يعلوا ويهبط محاولة الإصغاء جيدا دون أن يجيب احد ولكن صدى ذلك الصوت بقي يتردد هناك من يقوم بقطع الحطب إنها واثقة من ذلك مما جعلها تنظر نحو العربة المحطمة ثم تعود إلى ما أمامها والتردد يتملكها ولكن رؤيتها لسيلفيا الساكنة في مكانها جعلها تتحرك نحو الأشجار وهي تتجاهل الم ساقها التي بدأت الدماء تنزف منها لتتخطى الشجيرات محاولة متابعة صدى الصوت لتهتف وقد أعاد لها هذا الصوت بعض الأمل بأنها ليست وحيدة هنا بل يوجد من يعمل بهذا الوقت
- أيوجد احد قريب أيسمعني احد نحتاج إلى المساعدة أين انتم إننا نحتاج مساعدة لقد سقطت بنا العربة
أضافت قبل أن تعقص شفتها السفلى بشدة وقد ذاد ألمها في كل خطوة تقوم بها لتأن وتهبط جالسة أرضا بسرعة ضامه ساقها إليها ليلامس جسدها ركبتها بقوة ولكن قرب الصوت هذه المرة جعلها ترفع وجهها المحتقن ببطء إلى ما أمامها محاولة أن تعلم من أين مصدره فوقفت مقاومة الألم وتحركت بعناد وهي تمعن بما أمامها علها ترى ما يرشدها إلى من يساعدهم ولكن سيرها من دون هدى وعجزها عن الوصول إلى أي مكان جعل الدموع تترقرق داخل مقلتيها وأخذ قلقها يتزايد خوفا من عدم تمكنها من العودة إلى حيث العربة وبقائها بمفردها بهذا المكان رفعت يديها نحو وجهها تمسحه من رزاز الماء الذي يزداد وهي تتابع سيرها متجاهله البرودة التي وصلت حتى عظامها
- النجدة النجدة هلا يسمعني احد أننا بحاجة للمساعدة النجدة أضافت ومازال الصمت هو المجيب الوحيد لها ففتحت شفتيها للتنفس وهي تتلفت حولها علها تعود لسماع ذلك الصوت الذي اختفى وحل الصمت حولها وهي تجهل في أي اتجاه تذهب , توقف الرجل الذي خرج من الغرفة الخلفية لمنزله الخشبي المتواضع وهو يحمل مجموعة من الحطب قام بتقطيعها لتو ليهم بالدخول إلى المنزل ليتوقف وينظر نحو الأشجار الكثيفة التي تحيط به ممعنا النظر بحيرة وقد تناهى له صوت قبل أن يترك الحطب ليسقط منه ببطء وهو يعود لسماع طلب النجدة لتغمق عينيه ويتحرك نحو اتجاه الصوت ليتوقف فجأة وامرأة في حالة يرثى لها تطل من بين الأشجار تسير بصعوبة وقد تلوث أسفل ثوبها بالدماء لتتوسع عينيها ما أن رأته هاتفة وهي تحرك يدها مشيرة إلى الخلف بأنفاس متسارعه
- أرجوك ساعدنا نحتاج إلى المساعدة سقطت العربة هناك ونحتاج إلى المساعدة
تقدم بخطوات واسعة نحوها وهو يلمحها بنظرة شاملة من شعرها المليء بالأوحال إلى جانب رأسها المصاب وقد نزلت الدماء منه أيضا ملوثة جانب وجهها قائلا
- أين
- هـ هناك لـ لـ لقد سرت يوجد منحـ در وسقطنا و و هناك لقد سرت
- لستِ من هنا
قاطعها وهو يلاحظ ارتباكها وعدم تمكنها من إرشاده فرمشت ورفعت رأسها محدقة به وقد أصبح على بعض خطوات منها متأملة تناثر شعره الكثيف الأسود والطويل قليلا إلى الأمام لتلامس إطرافه وجهه بسبب عبث واندفاع الرياح لتتعلق عينيها بالعينين الضيقتين المحدقتان بها لتختفي أنفاسها دون استطاعتها إبعاد عينيها فلقد ذكرها هذا الرجل الضخم ذا اللحية السوداء التي تغطي معظم وجهه وعلى ما يبدو أن موس الحلاقة لم يلمسهُ لأكثر من شهر والذي يرتدي ثياباً رثة ومعطف قديمة احكم إغلاق أزراره ورفع ياقته ليحمي عنقه من هذا البرد مع ارتدائه جزمه سوداء بما سمعته عن اللصوص المتواجدون على الطرق المؤدية إلى صوفيلان والذين يقومون مؤخرا بنهب كل من يلاقونه ولكنها لم تعتقد أنها ستقابل احدهم فتراجعت بخطوات حذرة إلى الخلف محاولة أن لا تدوس على قدمها المصابة وعينيها ثابتتان علية لتقول بصوت هش وجسدها يرتجف حتى العظام وهي تشير بيدها إلى الخلف
- لا اعلم أين وقعت ولكن قد ... أستطيع العودة .. إليها ( تحرك يريد الاقتراب منها وهو يلاحظ أثار الدماء على الأرض حيث ابتعدت فصاحت بذعر ) لا تؤذني ليس ليس معي شيء فـ فقط نريد المساعدة فـ فقط
ضاقت عينيه وتوقف في مكانه مراقبا تراجعها بينما استمرت بالتراجع وارتجافها أصبح واضحا جدا فتحرك نحوها من جديد قائلا وهو يتجاهل تصرفها
- تستطيعين إرشادي أين سقطتم
توقفت يدها التي كانت تتلمس بها خلفها تبحث عن جذع شجرة تستند علية لتقول بصوت هش وعينيها لا تفارقان الرجل الذي يزداد اقترابا منها
- سقطت عربة ال ريفو.. ري هناك حيث حيث .. المنحدر لا اعلم ما الذي حدث .. ولكن .. كنا على الطريق وفجأة أصبحنا في قاع المنحدر اختفى السائس و و داف ذهبت و و ( تلاشت كلماتها وقد تلألأت العينين السوداوتين التين تحدقان بها بوميض جعل قلبها يفر منها فاستمرت بأنفاس مقطوعة وهي تحاول التماسك ) إنهم بحاجة للمساعدة هناك و ( جلست أرضا بإنهاك واستسلام مستمرة ) أن سرت بهذه الطريق قد تصل إليهم
تابعها وعينية تزدادان اغمقاقا لينحني نحوها وهو يقول
- أنت بحاجة للمساعدة أيضا
- لا لا أنا بخير
أسرعت بالقول كاذبة ورافضة الاعتراف أنها تشعر بدوار شديد وأنها تبتعد ببطء وهي تراه ينحني نحوها فحبست أنفاسها وهي تشعر بيديه تتحركان فحاولت الانكماش على نفسها ولكن يديه كانتا أسرع منها فدس واحدة تحت قدميها التين تؤلمانها والأخرى استقرت على ظهرها ليرفعها بين ذراعيه وهو يقف همت بالاعتراض بقوة ولكن قوتها تلاشت لتشعر بنفسها تبتعد أكثر وأكثر لترتخي بين ذراعيه مغشيا عليها فتحرك وهو ينظر إليها قبل أن يعود إلى ما أمامه دون محاولته إيقاظها لتعود لتفتح عينيها بإعياء شديد وهي تسمع من بعيد صوتا أحدثه فتحه لباب خشبي فحركت مقلتيها بتشويش ومازالت تشعر بجسدها خفيفا لتحدق بالرجل الذي يحملها ليتملكها شعور بأنه سيغمى عليها من جديد ولكن توقفه عن السير جعل حواسها البعيدة تعود إليها وهو يجلسها وكأنها دمية لا حول ولا قوة لها على احد المقاعد فأمسكت أصابعها يد المقعد الخشبي وهي تحدق به دون تركيز بينما توجه نحو طاولة صغيرة تناولها وعاد نحوها ليضعها أمامها مما جعلها تبتلع ريقها بتوتر وتحرك رأسها حولها وهو يعود للابتعاد نحو رف خشبي ليتناول عنه شيئا
- أين أنا
تساءلت بصوت مرتجف وهي تراقبه يعود نحوها ليسحب مقعدا معه يضعه أمامها ليجلس عليه فتراجعت بظهرها ملتصقة بظهر المقعد قائلة دون أن تفارق عينيها وجهه المنشغل عنها بوضع صندوق بجوار الطاولة
- هل أنا بعيدة عن صوفيلان .. أنا بخير ولكـ
أطلقت صرخة مخنوقة وهو يتجاهل قولها متناولا قدمها المصابة عن الأرض واضعا إياها على الطاولة الصغيرة أمامه وقبل أن تستطيع النطق رفع ثوبها الملوث بالدماء والأوحال مبعدا إياه عن ساقها ومحدقا بها مما جعل أنفاسها تتوقف وعينيها المفتوحتان جيدا معلقتين بعينيه الثابتتان على ساقها وأمام عينيه التين ضاقتا حركت رأسها ببطء لتتابع نظره لترى سبب التقطيبة التي ظهرت على وجهه لتشاهد ساقها وقد سالت الدماء منها دون أن تستطيع تحديد الجروح والخدوش بسبب كثرتها وقد تورم كاحلها وسرعان ما عادت بعينيها نحو يده التي تحركت وهي غير قادرة على التحكم بأعصابها ليفتح الصندوق الذي تناوله عن الرف مخرجا منه زجاجة وضعها جانبا ليخلعها حذائها فحاولت جذب قدمها منه هاتفة
- لا تفعل
إلا انه ضغط على قدمها مجبرا إياها على الثبات متجاهلاً تصرفها ومتابعاً عمله لتراقبهُ وتعود للقول دون قدرتها على السيطرة على صوتها المرتجف وهي تفكر بسيلفيا
- انحن قريبون من صوفيلان يجب أن يذهب احد للعربة فلقد سقطت من أعلى آه
أنت بألم ثم أسرعت بوضع يديها على فمها للنظرة الجامدة والباردة التي لمحها بها هذا الرجل ذا العينين السوداوتين والذي عاد يكمل عمله بسكب ما بالزجاجة على ساقها ليبدأ وجهها بالاحمرار ببطء ليحتقن لتشعر بالدوار وأنها ستنفجر أن لم تصرخ فما تشعر به من الألم يفوق ما تتحمله بكثير ترقرقت دموعها دون أن تجرؤ على الرمش أو حتى إبعاد يديها عن فمها وضع الزجاجة جانبا وانحنى نحو الصندوق من جديد متناولا منه بعض القطن وقطعة من القماش فأبعدت يديها عن فمها لتشهق بصوت مسموع وهي تحاول التنفس ليرتجف صدرها وهي تقول من بين أنفاسها المرهقة
- هذا مؤلم مؤلم جدا ( وأخذت نفسا متقطعا أخر وهو يلف كاحلها لتضيف ) تبدو أصابت السيدة ريفوري خطيرة ( رفع عينيه عما يفعله نحوها عند قولها هذا بشكل مفاجئ لتصطدم بعينيه الواسعتين وقد التصق شعره المبتل بجبينه بطريقة فوضوية ضاقت عينيه أمام اختناق الكلمات في حلقها فعاد نحو كاحلها فاستمرت ) ستذهب لمساعدتهم أليس كذلك ( أحكم ربط القماش حول ساقها وتحرك ليقف مما جعلها تتراجع للخلف بشكل لا إرادي فتوقف في مكانه لتصرفها ثم عاد ليتجاهلها وانحنى نحو الصندوق ليتناول منه بعض القطن ويسكب عليه القليل مما بالزجاجة قبل أن يضعه على قطعة صغيرة من القماش تابعته وهو يستقيم بوقفته مستمرة ) يجب أن يذهب احد للمساعدة تستطيع مساعدة سيلفيا فقد أصيبت السيدة و ( توقفت من جديد وتراجعت برأسها إلى الخلف بحذر متفادية يده التي تمتد نحوها دون أن تستطيع المتابعة لتستقر قطعة القماش على جبينها لتشعر بألم قوي حيث وضعها لترخي جفونها وقد أدركت أنها مصابة فأسرعت برفع يدها لتمسك بها القطعة القماش قائلة ) أستطيع ذلك ( ابعد يده عنها لتتنفس بعمق محاولة ضبط أعصابها التي فقدتها قائلة ) ولم أستطيع إيجاد السائس ولم أستطيع مساعدة السيدة فالقد فالقد ... ماذا ألان ( أضافت بتوتر ونفاذ صبر لعدم تمكنها من قول ما تريده بطريقة رزينة وهي تراه لا يصغي لها وقد انحنى نحو يدها بعد أن ركز نظره عليها فحدقت بذعر بيده التي قبضت على ذراعها وقبل أن تتمكن من قول شيء حرك يده الأخرى ليمسك كم ثوبها من حيث مرفقها ويمزقه بطريقة سهلة سريعة جاعلا إياه نصفين مما جعل الدماء تختفي تماما من وجهها قبل أن تحاول الإفلات من يده بقوة وهي تصيح وتضع يدها الحرة التي كانت تضعها على جبينها على يده محاولة إبعادها عنها ) توقف ماذا تعتقد ... انك ... فاعل ( أضافت بتوتر اقل وهو يترك يدها متجاهلا تصرفها ليمسك الزجاجة مما جعلها تصرخ وتهم بالتحرك عن مقعدها هاربة رغم ألمها وهي تقول ) لا أريد لا مزيد من هذا السائل
- توقفي ( قوله الخشن وصوته العميق الأمر أسرى رعشة في أواصلها جعلها تثبت في مكانها محملقة به وهو يجذب يدها نحوه دون أن تستطيع الرفض أمام شفتيه المطبقتين بصرامة ونفاذ صبره ليسكب من جديد السائل على ذراعها فضمت شفتيها بقوة ولم تعد تستطيع الاستمرار بتجاهل هذا الألم فعادت عينيها لتدمع وكان هذا مفرها الوحيد لتخرج بعض مما تشعر به لتتنفس بصعوبة دون أن تجرؤ على فتح شفتيها وعينيها تتأملان وجهه وهو يلف لها ذراعها وما أن انتهى حتى أسرعت بضمها إلى صدرها فتناول بدوره الصندوق ليعيده إلى الرف الخشبي قائلا بنفس اللهجة الآمرة ) أعيدي القطن إلى جبينك
أسرعت بفعل ذلك وهي تتابعه يتناول وشاحا صوفي اسود واضعا إياه حول عنقه قائلا وهو ينظر إليها
- أين كنتم عندما وقعت العربة
- لا اعلم لـ .. أنها .. أنها لا اعلم لا اعلم .. لقد سرت بعيدا عنها ومن ثم ( توقفت عن المتابعة محاولة تذكر وقد زاغت عينيها قبل أن تضيف ) لا اعلم حقا ولكن لو سرت حيث التقيتني ربما تجدها على بعد مسافة من هنالك
ولكنه لم يكن ينتظر قولها فقد أصبح قرب الباب فتحه وغادر تعلقت عينيها بالباب للحظة قبل أن تحركهما بتمهل حولها بأرجاء الغرفة التي تحوي مدفئة بجوارها سرير وثلاث مقاعد خشبية تجلس هي على أحداها والأخرى أمامها وواحدة في زاوية الغرفة فنقلت رأسها نحو الرفين الخشبيين الذين تليهما خزائن وقد نشرت بعض الأدوات الحادة والفؤوس بشكل فوضوي على الرفوف فابتلعت ريقها ونظرت نحو يدها التي قام بلفها بأحكام قبل أن ترخي يدها الأخرى لتستقر بحجرها انه على الأقل لم يكن يريد إيذائها كما خيل لها لوهلة
- ارجوا أن يصل إليهما
تمتمت بوهن وهي ترفع يدها لتمسح جبينها وتبعد شعرها إلى الخلف قبل أن تحدق بيدها التي بقيت أثار الوحل عليها فنظرت حولها وتحركت بصعوبة نحو قطعة من القماش موضوعة جانبا لتتناولها قبل أن تلمح المكان بنظرة جديدة ليتوقف نظرها على إبريق الماء فتوجهت نحوه لتبلل قطعة القماش وتحاول تنظيف نفسها قدر ما أمكنها قبل أن تعود للجلوس بمكانها والإعياء قد نال منها ولم يمضي بعض الوقت حتى تعلقت عينيها بالباب الذي فتح ودخل منه صاحب المنزل فنقلت عينيها بينهُ وبين الباب بلهفة قبل أن تقول بحيرة وقد أغلقه وأخذا يتخلص من وشاحه ويبدأ بفك سترته
- أين سيلفيا ودافني ( علق سترته بجوار معطف قديم معلق قرب الباب وهو يقول )
- لم أجد إي منهما
أمعنت النظر جيدا به قائلة دون استيعاب والذعر باد عليها
- لم تجد أي منهما ولكني تركتهما هنالك بالإضافة إلى السائس لا اعلم ماذا جرى له كما كما رباه ما الذي تعنيه بأنك لم تجدهم
تساءلت دون تصديق وتحركت عن مقعدها والقلق يتملكها متجهة نحو الباب بصعوبة بالغة ورغبة يائسة تدفعها للخروج للبحث عنهما فتابعها برأسه قبل أن يقترب من المدفئة وينحني بجوارها ليضع بها قطعة من الحطب بينما استمرت بتشويش
- لا يعقل أن لا تجدهما فالقد تركتهما هنالك هل أنت واثق
- أجل
- هل سرت بالاتجاه الذي وجدتني به
حرك رأسه لينظر إليها ولتثبت عينيه عليهما للحظة من فوق كتفه قبل أن يعود إلى ما أمامه من جديد قائلا باقتضاب
- أجل
- إذا كان لابد وان تجدهما فسيلفيا غير مدركة ما يحيط بها وغير قادرة على الحراك
وضع قطعة أخرى في المدفئة ولكن هذه المرة بخشونة جعلتها تحرك مقلتيها بتوتر دون أن ترمش وتعود للقول وهي تحدق بظهره
- هل يوجد من يستطيع مساعدتنا بالبحث عنهما
- لا ( أجابها بنفاذ صبر واضح رغم الهدوء في صوته )
- ارجوا المعذرة على إزعاجك ولكني لأول مرة احضر إلى هنا ولا اعرف أين أنا كما أني لا أستطيع إرشادك بشكل صحيح أني اجهل الطرقات وان كنت لا تستطيع مساعدتي بإيجاد السيدة ريفوري ومرافقتها فارجوا منك الطلب من أصدقائك وجيرانك المساعدة سيبحثون عنهم ولا شك فهم بحاجة للمساعدة فورا فإصابة السيدة تبدو لي خطيرة و
- لا اعتقد أن عليك القلق بشأنهما
قاطعها قائلا وهو يستقيم بوقفته ويتحرك نحو قدر موضوع على الطاولة فتابعته قائلة وهي تحرك رأسها بشكل مائل
- ليس علي القلق من اجلهما .. ليس علي القلق من اجلهما ( كررت باستنكار فوضع القدر لتغلي على النار دون إجابتها مما جعلها تتأمله قبل أن تقول بعناد ) قد أستطيع أن اريك المكان الذي وقعنا به قد أستطيع ذلك
- لم لا تجلسين وتريحين كاحلك
أجابها بصوته العميق والغير مكترث مما جعلها تضم يديها المرتجفتين وألم جسدها لا يفارقها قائلة بصعوبة وهي تكره الشعور بهذا الضعف
- لا أستطيع ذلك وأنا اعلم أن هنالك امرأتان بالخارج تحتاجان للمساعدة انظر أن قدمت لي المساعدة فسيكون آل ريفوري شاكرين لك وإنا واثقة من إنهم سيقدمون لك كل ما تريد ( توقفت عن المتابعة وعينيه تحدقان بها وهنالك شيء  ما بنظراته جعلها لا تستطيع المتابعة فتحرك بهدوء وخطوات ثابتة نحو الخزائن التي تلي الرفوف لينحني نحوها متناولا منها إطباقا فأضافت بتلعثم ) ولكن بإمكانك الذهاب لإعلامهم على الأقل وكلي ثقة من إنهم سيقدمون الشكر لعودتي سالمة ولمساعدتك السيدة وهي بهذه المحنة إنها مصابة و و .. لما تحدق بي بهذا الشكل ( أضافت بنفاذ صبر وتوترها منه يزداد فوضع الأطباق من يده على الطاولة وانشغل بهم متجاهلا إياها من جديد فنظرت حولها بعجز قبل أن تحرك يدها لتخلع منها خاتمها الماسي وهي تقول ) يمكنك اخذ هذا بالمقابل عليك أن تعود معي إلى حيث كانت العربة .. أنا جادة ( أضافت أمام انشغاله بالتوجه نحو القدر ليحضرها عن النار فرفعت يدها تضم بها خاتمها الماسي ليلامس شفتيها المرتجفتين قبل أن تعود للقول ) أنه باهظ الثمن تستطيع بيعه أو فعل أي شيء به فقط رافقني لأرشدك على مكان وقوع العربة أو اعلم من يستطيع مساعدتنا فانا بالغة القلق عليهما أنا أنا لا اتهمك بأنك لم تقم بالبحث عنهما ولكن ربما بسبب الأمطار لم تستطيع أن تحدد مكانهم
- وصلت إلى حيثُ العربة المحطمة
قاطعها قائلا وهو يبدأ بسكب الطعام في الطبقين فتجمدت مقلاتيها منتظرة وأمام صمته قالت دون تصديق
- وصلت إلى حيث كانت العربة .. ولم تساعدهما
رمقها بنظرة جديدة من تحت حاجبيه السودواين قبل أن يعود إلى ما أمامه قائلا
- لم تكونا هنالك كما أن أثار الخيول كانت تحيط بالمكان
- أتعني أتعني
- اجل اعني
عقصت شفتيها بتوتر لقوله الجاف فعادت للقول رافضة أن تسمح له بإسكاتها
- هنالك من قام بمساعدتهما .. ربما عربة أخرى في طريقها لصوفيلان ( أمعنت النظر به مستمرة دون أن ترمش ) أو قطاع طرق .. ربما وربما أن تكون مخطئا بأمر آثار الخيول
وضع الخبز بجوار الطبقين ونظر إليها جيدا واضعا احد يديه على ظهر المقعد الخشبي وقائلا بلهجة لاذعة
- لست بالشخص الذي يرى كائننا حي كان بشرا أم مجرد حيوان مصاب ويتركه حيث هو رغم كل ما يخيل إليك ( ولمحها بنظره بطيئة من رأسها حتى أخمص قدميها ليحرك شفتيه بنفور مستمرا وعينيه حالكتا السواد تستقران أخيرا على عينيها المفتوحتان جيدا دون أن تجرؤ على تحريكهما ) كما أني لا أؤذي ضيوفي ولا التهمه بل أقدم لهم الطعام
وأمام بقائها جامدة في مكانها عقد ذراعيه معا محدقا بها بتجهم فرمشت هامسة
- لست جائعة
- إلى الطعام يا آنسة
قال بطريقة جافة وأشار برأسه نحو المقعد أرادت الرفض ولكنها تراجعت لتجلس على المقعد وراقبته بحواسها وهو يسحب مقعدا ليضعه أمامها ويجلس عليه فعلقت عينيها بالطبق الحساء المليء بالحبوب وقطع اللحم أمامها دون قدرتها على لمسه فهذا آخر ما تفكر به ألان فاختلست نظره نحو الرجل الجالس أمامها لتجده قد بدأ بتناول طعامه دون الاكتراث لها فأغمضت عينيها علها تعود لهدوئها قبل أن تفتحهما قائلة
- أن كان هنالك من ساعد السيدة ريفوري ودافني فأن كل ما أريده هو الوصول إلى صوفيلان ( وحدقت بعينيه التين نظرتا إليها مستمرة ) يجب أن أصل إليها لأنهم سيبدؤون دون شك بالبحث عني لعدم وجودي قرب العربة فأن كان بإمكانك إيصالي أو حتى إرشادي إلى الطريق فسأكون شاكرة لك ( بقيت عينيه للحظة معلقتين بعينيها الواسعتين مما جعلها ترمش فعاد نحو طبقه متابعا تناول طعامه دون قول شيء مما أثار غضبها فقالت ) لم يكن يومي جيدا واقسم لك أني أعاني من الأوجاع التي لا أستطيع احتمالها واعلم أني أن جلست لن أستطيع النهوض لذا أرجوك كن متعاونان معي وسأقدم لك المال وكذلك سأطلب من ادوارد أن يقدم لك ما تريد ولكن قدم لي المساعدة أنت لا تفعل ( رفع نظره من جديد نحوها قبل أن يرفع رأسه جيدا دون محاولته مقاطعتها والتفكير باد عليه فدفعت الطبق الذي أمامها بهدوء نحوه قائلة بضيق شديد ) لا أريد أن أكون ناكرة للجميل ولكني لست جائعة وأنا أشكرك لكل ما فعلته لي حتى ألان ولكن علي الذهاب فهل ستقدم لي المساعدة
ترك ملعقته جانبا وعقد يديه إلى صدره واسند ظهره للخلف قبل أن يقول بصوته العميق
- ما نوع المساعدة التي تريدينها بالتحديد
- أريد الوصول إلى صوفيلان أن كان ما قلته بشأن السيدة ريفوري صحيحا
- أتعرفين كم تبعد صوفيلان من هنا
- لا ( هزت رأسها بنفس الوقت بالنفي وبتوتر فقال مؤكدا )
- أنها تبعد الكثير
- وأن يكن سأقدم لك المال لقاء ذلك وان كنت لا تصدق أن آل ريفوري سيكونون شاكرين لك كرمك فخذ خاتمي ( ووضعت خاتمها على الطاولة أمامه مستمرة ) فقط أوصلني إلى هنالك سالمة هذا كل ما أطلبه
نقل نظره بهدوء عنها إلى الخاتم الذي يتلألأ به ماسة رائعة الجمال فرفعت يدها تدفع شعرها المتناثر على جبينها إلى الخلف بيد مرتجفة وعينيها تراقبان عينيه الثابتتان على الخاتم وهي تفكر في أن ما فعلته هو تعقل أم جنون ولكنه الخيار الوحيد الذي أمامها ولا تعلم أعليها الثقة بهذا الرجل أم لا فهو يبدو بربريا خشنا ولمفاجئتها تحركت شفتيه بابتسامة ساخرة وتلألأت العينين السوداوتين التين تحدقان بها بوميض جعل قلبها يفر منها لتدب بها الحيرة وهو يرفع حاجبه الأسود قائلا
- أحقا تتخلين عن هذا الخاتم
- أنه ما املك ألان وان كان هذا ما سيجعلك تقوم بإيصالي سالمة فأجل أتخلى عنه
- لا اعتقد أن هذا سيروق لصاحبه
نقلت عينيها المتوترتين بعينيه الهادئتين ولا تعلم أن كان إعلامه بهذا الأمر سيكون لصالحها أم سيجعله يطمع بالحصول على المزيد فحركت مقلتيها عنه نحو خاتمها قائلة
- لا اعتقد أن الأمر سيزعجه بما أني سأكون سالمة في النهاية ( وعادت إليه بنظرها وأصابعها تتشابك في حجرها وهي تقول )  إذا ستقوم بإيصالي
- لو كنت أستطيع ذلك الم أكن لأفعل أمام هذه الإغراءات ثبتت مقلتيها عليه قائلة بهدوء غريب
- ماذا تعني بهذا
- من الأفضل أن تتناولي طعامك وألا سيبرد
- لا أريد تناول الطعام أريد الذهاب إلى صوفيلان
- لا احد يمنعك من هذا
رفعت يدها إلى قلبها الذي اخذ يؤلمها أهذا الرجل الذي أمامها بكل هذه القامة ليس إلا رجل غبي أم إنها تتحدث بلهجة لا يستطيع استيعابها فحاولت من جديد
- وكيف سأذهب إلى هناك باقتراحك إلا أن أعرتني احد خيولك وأرشدتني إلى الطريق
ضاقت عينيه المحدقتان بها قبل أن يحرك شفتيه بجفاء قائلا
- لو كنت املك خيلا لأوصلتك بنفسي لصوفيلان
- ألا تملك خيلا ( تمتمت بهدوء ولكن الذعر بدا في عينيها فاستمرت محاولة أن تدرك ما الورطة التي وقعت بها ) ألا يملك احد من جيرانك خيلا ليعيرنا إياها
- اقرب جار لي يقع بالقرب من صوفيلان
أرخت جفونها بإعياء لصدمة الجديدة وحركت مقلتيها على غير هدى قبل أن تعود إلى الوجه الجامد أمامها قائلة
- أن صوفيلان قريبة من هنا
- وكيف علمتي بهذا
- لقد لقد قالت سيلفيا أننا كدنا نصل .. كيف تتنقل من غير المعقول أن تسير فقط
- ولم لا ( وأمام حملقتها به استمر ) أنا ذا بنيه جسدية جيدة ولا أعاني من الأمراض ولما لا أسير
عادت بمقعدها للخلف متمعنة النظر به قبل أن ترفع يدها إلى جبينها المتورم وقد تلفت أعصابها تماما ولكن مقلتيها سرعان ما عادتا نحو الرجل الذي نهض من مكانه متجها نحو الرفوف خلفها فقالت دون أن تنظر إليه وحواسها جميعها تعمل بإنهاك
- أنت أكثر مني علما بهذه المنطقة لذا اعتقد أن لديك حلا لمشكلتي
أخذت تصغي للأصوات التي يصدرها خلفها دون أن تشعر بأي فضول فعقلها يعمل ويعمل
- بهذه العاصفة أرى أن خياراتك محدودة ويقتصر على البقاء هنا
- البقاء هنا
تمتمت وهي تستدير في جلستها نحوه قائلة بقلق وهو مشغول بوضع إبريق على نار المدفئة
- لا أستطيع ذلك يجب أن يعلموا أين أنا يمكنك بكل تأكيد أعلامهم وعندئذ سيحضرون ليأخذوني
- وكيف تقترحين أن أعلمهم بهذا
تساءل وهو يضع قطعة من الحطب في المدفئة فحركت يدها مشيرة إليه وهو يستقيم في وقفته وقائلة
- أنت قوي البنية كما قلت إذا سر إلى هنالك وأعلمهم
حرك رأسه نحوها ليلمحها بنظرة من فوق كتفه قبل أن يستدير إليها قائلا بسخرية جافة
- لتفعلي ذلك بنفسك بما انك لا تدركين كم تبعد صوفيلان من هنا فسأقتل من البرد والأمطار قبل أن أصل
- لا احد يقتل من البرد والأمطار
أسرعت بالقول وهي تحاول تمالك نفسها فحدجها بنظره قبل أن يشير بيده نحو الباب قائلا
- إذا اخرجي من هنا وسيري في طريق مستقيم قد تطول ولكن لا بأس بالأمر فهي واضحة سيري عليها وعندما تصلي صوفيلان أعلميهم بتحياتي .. هذا أن استطعت الوصول وقد يحالفك الحظ وتمر بك إحدى العربات أو ربما بعض الرجال الممتطين خيولهم ولكن علي تحذيرك أن لا تصعدي مع أي كان فالمنطقة ليست آمنه تماما
رمشت وأنفاسها التي تتلاحق تضغط عليها إلا أنها حاولت أن تبدوا هادئة وهي تقول
- أليس هناك طريقا مختصرة
عقد يديه واسند ظهره على حافة المدفئة والتفكير باديا عليه قبل أن يجيبها
- هناك طريق مختصرة ولكن لا احد بكامل قواه العقلية يقصدها بهذه العاصفة
- ليست عاصفة قويه كما تحاول إعلامي أنت فقط تحاول إخافتي
- أنا أحاول مساعدتك فلا أرى سببا يجعلني أخيفك فأنت خائفة ومذعورة منذ أن وقعت عيناي عليك
أشاحت بنظرها المتوتر عنه وهي لا تعلم ما عليها فعله فحل يديه قائلا
- أنا لا أجبرك على البقاء هنا لك حرية الخيار بين الخروج إلى العاصفة أو البقاء هنا ولن أحاول أن أثنيك عن قرارك مهما كان
التزمت الصمت بعد قوله وهي لا تعلم ما عليها فعله أرخت جفنيها قليلا فأن سمحت لنفسها بالاستسلام فستنهار ألان وعلى الفور لم يبقى لها سوى أمل واحد لذا تساءلت بصوت مرهق
- سيبحثون عني أليس كذلك
- قد لا يفعلون ( حركت رأسها بسرعة نحوه لقوله وعينيها جاحظتان به لتجده منشغلا بتحرك منحوتة خشبية بين يديه فنظر إليها قبل أن يستمر ) قد تعيقهم العاصفة
- لا ادوارد سيبحث عني عند اكتشافه اختفائي
- إذا ادعي لذلك ليحصل حينها لن تضطري للبقاء بهذا الكوخ الذي ولاشك لا يليق بضيوف ادوارد ريفوري هو من تقصدين أن لم أخطئ الظن
بدا لها وكأنه يداعب اسم ادوارد بين شفتيه مما جعلها تتساءل
- أتعرفه
- لا احد لا يعرف ادوارد ريفوري رغم بعد المسافة نعرف كل شخص فما بالك بشخصية مرموقة كصاحب اكبر مصنع للأخشاب بالمنطقة
- ادوارد يملك اكبر مصنع للأخشاب بالمنطقة
تساؤلها بحيرة وتفكير جعله يقول
- ألا تعلمين هذا ( رمشت دون إجابته فأضاف ) ماذا تعرفين عن صوفيلان إذا
- ليس .. الكثير
- اتعتقدينها بلدة كبيرة مليئة بالأكواخ وبها القصور الكثيرة بالإضافة للمتاجر المنتشرة التي بإمكانك التنقل بها طوال الوقت
عادت لرمش ولكن هذه المرة بثبات أكثر قبل أن تقول بصدق
- أليست كذلك
ضحك مما جعل انتفاضه صغيرة تصدر منها وهي تحدق به جيدا وقد فاجأتها ضحكته الخشنة أكثر مما سرتها ليتوقف ممعن النظر بعينيها المضطربتين قبل أن يقول
- لا ليست كذلك بل هي عبارة عن قرية يعمل معظم سكانها في مصنع الأخشاب الموجود بها بالإضافة إلى مصنعا صغير لصباغة الأقمشة نستثني من ذلك بعض العائلات المرموقة التي تعيل نفسها بالعمل بالتجارة لذا قد لا يروق لك أن تعلمي أن المتاجر محدودة وأمور الترفية التي تجدينها
بالمدينة غير متوفرة هنا تعلمين بالتأكيد أن ال ريفوري من العائلات المرموقة هنا ويملكون أرضا شاسعة وقد تركوا بكرم بعض العمال الذين يعملون لديها يبنون أكواخا بمحيطها
حركت عينيها وشعور بالضياع ينسل إليها ليزيد من تشوشها فجالت بنظرها بأرجاء كوخه الذي يوح بالفوضى والفقر قائلة
- أهذا الكوخ من تلك الأكواخ
- لا فأنا أقع خارج محيطهم
هزت رأسها دون تركيز وحدقت بنار المدفئة فبقيت عينيه عليها متأملا تناثر شعرها البني والذي تتخلله خصل افتح لوناً بشكل فوضوي وقد أفلتت منه الدبابيس ليستقر على كتفيها وظهرها بشكل ملتوي وهو مبتل بينما تناثرت خصلات صغيرة قرب جبينها المزرق ألان وقد بقيت بعض بقع الوحل على ذقنها وعنقها الطويل العاجي ليهبط ببطء نحو ثوبها الزيتي الذي مزق كمه وتلطخ بالأوساخ ليعود نحو وجهها مختلسا النظر إلى عينيها الخضراوتين المحدقتان بنار المدفئة ثم إلى انفها المستقيم الذي يوحي بالارستقراطية وفمها الممتلئ بشفتين متناسقتين إلى ذقنها البارز قليلا والذي يتناسب مع نحافة وجهها حرك المنحوتة بين أصابعه قبل أن يضعها جانبا وهو يستقيم بوقفته قائلا مما جعلها تنظر إليه
- سأقوم بجولة علي أصادف من يبحثون عنك فأعلمهم انك هنا
- أتفعل
همست مستنجدة وغير متوقعه اقتراحه فتحرك نحو سترته ليرتديها وهي تراقبه قبل أن يتناول وشاحه ويخرج دون قول المزيد فعادت برأسها نحو النافذة محدقة من خلالها بالأمطار الكثيفة قبل أن تعود نحو خاتمها الذي يتلألأ أمامها لتتناوله بيدها متأمله إياه قبل أن تعيده إلى أصابعها وتفكيرها منصب على صاحب تلك العينين الغريبتين الذي لم يحاول حتى تناوله عندما قدمته له أن هذا يعطيها بعض الطمأنينة فلو كان احد قطاع الطرق لما تردد بالحصول عليه خرجت من شرودها على صوت طقطقت الحطب داخل المدفئة فنهضت ببطء وحركت رأسها حولها قبل أن تتجه نحو المدفئة تسعى إلى الدفء لتتوقف قرب السرير تريد الجلوس على حافته إلا أنها حدقت بنفسها متأمله ثوبها الموحل فانسلت ببطء جالسه أرضا بجواره ومسندة رأسها على حافة المدفئة الحجرية لتبدأ بالشعور بالحرارة تنسل إلى ثوبها المبتل لترخي جفونها وعقلها لا يتوقف عن التفكير ليمر الوقت ببطء شديد قبل أن تتنبه حواسها المرهقة والتي ترفض الاسترخاء عند سماعها انفتاح الباب الخشبي ففتحت عينيها محركة مقلتيها بالأرض أمامها قبل أن تنال أصوات الأقدام التي تقترب كل اهتمامها فرفعت نظرها نحوه لتشعر بأن حواسها عادت للعمل وهي تلاقي عينيه المحدقتان بها وهو يقوم بخلع سترته فأبعدت رأسها عن حافة المدفئة ببطء لتنقل عينيها عنه نحو باب الكوخ
- لم أجد احد ( قال وهو ويتابع نظراتها ويقترب منها )
- هل عدت إلى حيث العربة
تساءلت وهي تراقبه يجلس القرفصاء أمامها ليدفئ يديه بنار المدفئة
- وصلت إلى هنالك
أجابها باقتضاب فعادت بنظرها نحو النافذة وهي تعود برأسها لتسنده على حافة المدفئة قبل أن تقطع الصمت بينهما قائلة بوهن
- لا اثر لهم أبدا
- هنالك بعض الآثار الغير واضحة لبعض الخيول يصعب تحديدها بسبب الأمطار ربما مازالوا يبحثون عنك
- أيعلمون بموقع كوخك
تساءلت وهي تعود إليه فهز رأسه لها بالإيجاب قبل أن يرفع يديه ليمررهما بشعره من الأمام رافعا به إلى الخلف مما جعل جبينه العريض يظهر وهو يستقيم بوقفته ليحضر كوبين يقوم بتعبئتهما من الإبريق قبل إعادته لنار ووضع كوبا أمامها أرضا وهو يقول
- هذا سيساعدك ( همت بأعلامه بأنها لا ترغب إلا أنها التزمت الصمت ومازالت تراقبه فقال بعد أن عاد ليضع قطعة من الحطب بالمدفئة ) لا يخيل إلي أن احد يسكن صوفيلان ولا يعلم بموقع هذا الكوخ .. تناولي هذه الأعشاب ( أضاف وهو يشير إلى الكوب ) ستخفف من ألمك
- سيقصدونك إذا لسؤال
- قد يفعلون أن كان ادوارد يبحث عنك سيفعلون
أجابها وهو يستقر جالسا أمام المدفئة فابتلعت ريقها ونظرت نحو كوبها فوجودها برفقة رجل لم يسبق لها معرفته في كوخ منعزل أمر لم يخطر لها أبدا ولم تتعرض له سابقا وأسوء ما هنالك أنها ليست على ما يرام مما يجعلها مشوشة الذهن فاختلست نظرة نحوه لتجده منشغلا برشف كوبه وقد استقرت عينيه على النار التي عكست بداخلهما ليتلألاء لون عينيه السوادوتين المناسب مع بلوزته السوداء الصوفية التي تغطي كتفين عريضين وجسدا متناسق فاختلست نظرة نحو الرفوف التي أمامها متسائلة عما يعمل هذا الرجل صاحب اليدين الخشنتين لتعود نحو كوبها لتقول بعد فترة من الصمت لا يكسرها إلا أصوات الأمطار القوي
- العاصفة قوية بالخارج أتعتقد أن هذا سيعقهم
- بكل تأكيد
إجابته المقتضبة جعلتها تبتلع ريقها قائلة وأصابعها تشابك في حجرها بتوتر
- ارجوا المعذرة على إزعاجك يا سيد ( وتوقفت عن المتابعة منتظرة منه إعلامها بما تناديه ولكن أمام الصمت وانشغاله بتحرك كوبه بين يديه استمرت بارتباك ) هل لديك زوجه
( رفع عينيه عن كوبه ببطء إليها لتتعلق عينيها بعينيه ويشدها شعور غريب فلا تعلم ما الذي يخيفها من نظراته الغريبة تلك فاستمرت بارتباك أمام شفتيه المطبقتين جيدا وعينيه التين لا تفارقانها ) أو ربما شقيقة .. أو والدة .. كنت أفكر أن كان كذلك فلابد وأن أجد لديك ثوب فثوبي هذا مبتل كما انه متسخ جدا وممزق
- لا ليس لدي ( أجابها وهو يهم بالتحرك فأسرعت تهم بالتحرك بدورها والقلق باد عليها مما جعله يتوقف ناظرا إليها قبل أن يستقيم بوقفته بهدوء وهو لا يفارق عينيها المترقبتين قائلا وهو يرمقها بنظرة تثير الأعصاب ) لنتفق على أمر ما هنا انتفاضك بهذا الشكل كلما تحركت لا داعي له فلو أردت إيذائك لفعلت منذ البداية ( ابتلعت ريقها وهي تخفض نظرها لتعود لتسترخي بجلستها دون أن يفارقها توترها فاستمر بصوته الخشن وبقسوة لا تعاطف بها ) لقد استقبلتك في كوخي وارى أن هذا ما كان ليحصل وأنا اضمر لك الشر وان كنت كذلك فبكل سهولة أستطيع إيذائك ولكن هذا ما لم يحصل حتى ألان
تجمدت مقلتيها عن الحراك قبل أن تحركهما نحو قدميه وهو يتحرك مبتعدا لترفعهما نحو ظهره بعدم ارتياح فإن كان يقصد إدخال الطمأنينة إلى صدرها فهذا لم يحصل جذب المقعد بيده بخشونة مصدرا صوت احتكاك ساق المقعد بالأرض ليضعه قرب الرفوف ويجلس عليها وهو يتناول احد قطع الأخشاب الموضوعة أمامه قبل أن يتناول أداة حادة ويبدأ بالعمل بها مما جعلها ترمش محدقة به قبل أن تتلفت حولها إنها حبيسة كوخ خشبي برفقة رجل غريب لا تستطيع الارتياح له وقلقها على سيلفيا ودافني وما حصل لها يفوق احتمالها بالإضافة لكل ما تعانيه آه أنها بداية جيدة جدا رفعت يدها إلى رأسها الذي اخذ ينبض ألما يفوق احتمالها وعادت لتسنده على حافة المدفئة والإعياء قد نال منها ولكنها أجبرت نفسها على إبقاء عينيها مفتوحتان محدقتان بالرجل الجالس أمامها فليس عليها أن تغمضهم ليس عليها هذا هذا ما كانت تهمس به لنفسها قبل أن يسترخي رأسها المرهق وقد أغمضت عينيها الثقيلتين لتغفوا دون قدرتها على البقاء مستيقظة كما كانت ترجوا بانتظار من يبحثون عنها , أصوات بعيدة مزعجة بدأت بالاقتراب أكثر فأكثر منها زادت من اضطرابها وقد تداخلت أحلامها لتكون متشابكة أكثر وغير مريحة وصوت الأمطار القوي والرياح التي تعصف وأصوات بدأت تقترب دون أن تسمعها بتركيز ففتحت عينيها المتورمتان لتتعلقا بالباب المفتوح والذي تدخل منه أصوات الأمطار والرياح الباردة بالإضافة لصوت رجال وجياد ففتحت عينيها جيدا قبل أن ترفع نفسها على ذراعها وهي تحتمل ألمها لتحدق بنفسها ببطء لوجودها مستلقية على السرير فجذبت قدميها لتنزلهما أرضا وهي تعقص شفتها وما كادت تهم بالتحرك عن السرير حتى سمعت صوت الباب يغلق فحدقت به بسرعة لترا صاحب الكوخ ينظر إليها ويده تحكم إغلاق الباب خلفه فقالت بذعر وهي تشير بيدها إلى الخارج
- لما تغلق الباب دعهم ينتظرون سأخرج لقد حضروا سمعت أصوتهم
- ليس من يبحثون عنك
- ليس من يبحثون عني ( قالت غير مصدقة ورفعت يدها إلى جانب رأسها مضيفة وهي لا تبدوا أفضل حالا ) ما الذي تعنيه بأنهم ليس من يبحثون عني أليس معهم خيل لقد سمعت صوت الخيل لما لم تطلب منهم إعارتي خيلهم لما لم تطلب منهم مساعدتي
اقترب من الشمعة الوحيدة المضاءة والموضوعة على رف المدفئ ليطفئها قائلا باقتضاب
- ليسوا متجهين إلى صوفيلان وما كان إي منهم ليتخلى عن خيله
راقبته بعينين واسعتين وهو يقذف قطعة جديدة من الحطب في نار المدفئة ويجلس أمامها على غطاء اسود وضع راضا ليتناول غطاء آخر وقبل أن يستلقي أسرعت بالقول بعدم تصديق
- هل عرضت عليهم إيصالي إلى صوفيلان ورفضوا هل أعلمتهم بأني متجهة إلى آل ريفوري ورفضوا هل أعلمتهم بوجودي هنا حتى
- لا لم أفعل
- لما لا لقد كانوا ليوافقوا وربما قد يكونوا قد صادفوا الذين يبحثون عني ما كانوا ليعترضوا بإيصالي
توقف عن الحراك محدقا بالنار أمامه بنفاذ صبر واضح قبل أن يحرك رأسه نحوها ويده تمسك بحافة الغطاء وعينيه تلتمعان بغيظ
- هل تعتقدين إني لم أسألهما أن كانوا قد سمعوا بهذا
- ولكنك قلت انك
- أني لم أعلمهم بوجودك هنا اجل ولما أفعل برأيك آلا تدركين ما قد يشاع عندما يعلم الجميع انك منذ مساء أمس حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم متواجدة برفقتي بهذا الكوخ ( غصت الكلمات في حلقها واحتقن وجهها وقد عجزت عن قول شيء فحرك رأسه لها قائلا وعينيه ثابتتان على عينيها ) أهالي صوفيلان يحبون الثرثرة
- عدم إعلامك لهم لم يغير شيء فما زالت هنا
تمتمت بغيظ من بين شفتيها محاولة إنقاذ ما تستطيع من كرامتها المهانة إلا انه أجابها بنفاذ صبر واضح
- هذان الرجلان آخر من أفكر بأعلامهم خاصة وأنهما متجهان إلى ناربون أي لا فائدة من أعلامهم بهذا كما إني تأكدت من أنهما لم يسمعا بأمر العربة التي سقطت أو يشاهدا احد يبحث عن فتاة تائهة وحضورهما إلى كوخي ألان هو أمر اعتادا عليه ليسألاني أن كنت أحتاج شيئا فكما ترين أنا منعزل تماما وبما أن معرفتي بهما جيدة فلا أفضل أن ترافقيهما فوجودك معي أأمن لك من وجودك معهما ثقي بهذا
( ضمت شفتيها جيدا وقد بدأت الدموع تتلألأ رغما عنها فالقد اعتقدت لوهلة أن خلاصها قد اقترب فرفع عينيه إلى أعلى بطول صبر قبل أن يعود إليها قائلا وهو يشير بيده
) أتعتقدين أن وجودك هنا يسرني أنت تنامين على السرير الوحيد الموجود مما يجبرني على النوم أرضا وان فكرت طلبي منهما مساعدتك لهي أفضل لي فعلى الأقل لكنت استطعت إمضاء ما تبقى من هذه الليلة وأنا في سرير مريح
أخفضت مقلتيها ببطء كي تشيح بنظرها عنه وما يختلج بداخلها يفوق احتمالها فعلقت عينيها بهدوء بالمدفئة ومازالت تضم شفتيها بقوة رافضة إفلاتهما كي لا ترتجفا رغم ذلك بدا ما تعانيه واضحا فتنفست بعمق ونهضت ببطء عن السرير وهي تشعر بلإهانة والوهن والكثير الكثير من الأمور التي تجعلها ترغب بالبكاء كما لم ترغب يوما ولكنها قاومت ذلك قائلة وهي تشير نحو السرير
- أرجوا المعذرة منك لما سببته لك تستطيع العودة إلى فراشك فلا اعتقد أني سأستطيع العودة إلى النوم
التمعت عينيه بقوة مما جعل قلبها ينتفض وأرادت التراجع إلا أن كبريائها منعها فتحركت ببطء نحو المقعد المجاور لطاولة ورأسه يتابعها قبل أن يقول من بين أسنانه بغيظ وهي تشعر بغضبه
- لك ذلك
وتحرك عن الأرض ليستلقي في السرير مديرا ظهره لها وواضعا الغطاء عليه فراقبته لعدت دقائق بوهن وهي تمسك بيدها الطاولة دون أن تجلس وببطء متعمدة عدم إصدار أي صوت تحركت نحو المدفئة لتجلس بجوارها وتنكمش على نفسها مسندة رأسها على حافة المدفئة لتتعلق عينيها بالنافذة التي أهدلت ستائرها فهذه الليلة ترفض أن تنتهي ولكم هي بشوق لصباح الذي قد يحمل خلاصها فلم تفارق عينها النافذة وهما تغمضان علا الصباح يكون أول ما تراه عندما تفتحهما من جديد , انتفضت من رأسها حتى أخمص قدميها لتسرع بالانكماش على نفسها أكثر وهي ترى الوجه القريب منها هاتفة
- دعني ابتعد توقف دعني ماذا تعتقد انك فاعل
- هدئي من روعك
قاطعها محاولا تهدئتها وحملها بين ذراعيه التين أحاطتها منذ لحظة وقد كان يهم بحملها ولكنها أخذت تتخبط بخوف
- توقف إياك ولمسي توقف إني أحذرك دعني ابتعد ( وضعها على السرير لتجحظ عينيها التين تعلقتا بعينيه القريبتين منها وأنفاسها المتسارعة بخوف تكاد تخنقها فتمتمت بذعر ) إياك ولمسي
- أن كل ما أسعى إليه الليلة هو القليل من النوم وبما أن أنينك المتواصل دون توقف قد تغلب على ضميري المستيقظ حتى ألان فسأدعك تعودين إلى السرير بشرط أن تعديني بالتوقف عن الصراخ ( قوله الفظ أمام وجهها وأنفاسه ترتطم بها جعلتها ترمش عدت مرات فاستقام بوقفته مستمرا ) حاولي أن تسترخي علا هذا يساعدك ويسمح لي بالحصول على بعض الراحة هلا فعلتي
بقيت دون حراك متجمدة كاللوح الخشبي في مكانها ومقلتيها الشيء الوحيد المتحرك بها والتين تابعتاه وهو يهز رأسه بيأس ويبتعد ليعود ليستلقي أرضا لتأخذ أنفاسها بالصعود بشكل متقطع جعلها تصدر شهيقا خفيفا رغما عنها
- أريد النوم
هتافة بها جعلها تسرع برفع يديها المرتجفتين إلى شفتيها مخفيه أنفاسها لينتفض صدرها بقوة وقلبها يرتجف بداخلها لتتلألأ الدموع بعينيها المحدقتان بسقف الغرفة لتنسل ببطء على جانبي وجهها دون قدرتها على منع هذا أغمضت عينيها بأسى محاولة بجهد أن تسترخي دون أن تفلح فأبعدت يديها ببطء عن فمها لتتنفس بعمق ثم تحرك رأسها بحذر نحو ظهر الرجل المستلقي أرضا قبل أن تنقلهما نحو السقف وهي تمسح دموعها دون فائدة عليها مغادرة هذا  المكان بالسرعة الممكن حتى لو أضطررها الأمر السير بالعاصفة التي يسمع صوت مطرها الكثيف حتى ألان أن ادوارد يبحث عنها بالتأكيد يفعل وستكون غدا في منزلة اجل ستكون كذلك أخذت تتمتم لنفسها مع هذه الأفكار التي أخذت تضغط عليها دون توقف أخذت تغوص مستسلمة إلى أن أنهكت لتغوص
بالنوم , لتفتح عينيها ببطء وترمش لصوت طرقات خفيفة فحركت رأسها نحو مصدر الصوت لترى الرجل الجالس أمام الرفوف منشغلا بتقليم قطعة من الخشب بأداة حادة نقلت مقلتيها بهدوء عنه نحو النافذة التي لم ترفع ستارها ولكن صوت الأمطار مازال يسمع من الخارج
- تقارب الواحدة
قوله جعلها تعود نحوه لتراه مازال منشغلا بعمله فتأملت جانب وجهه قبل أن تتساءل
- الواحدة ظهرا
- أجل ( أجابها وهو يتأمل القطعة التي أمامه والتي نحتها على شكل طير ثم حرك رأسه نحوها ليضيف ) لقد حصلت على قسط وافر من النوم
هزت رأسها له بالإيجاب وهي تبعد نظرها عنه وشعور بالارتباك يصيبها لذكرى ليلة أمس فحركت يدها تريد النهوض رغم رغبتها الشديدة بالبقاء مستلقية فما تشعر به اليوم من أنهاك يفوق تماما ما شعرت به البارحة
- يمكنك البقاء مستلقية ( هزت رأسها بالنفي وهي تجلس مرغمة هامسة )
- هذا غير لائق
- غير لائق ومن يهتم أن كان لائقا أم لا ( أجابها بتهكم وهو يلمحها بنظرة شاملة فثبتت نفسها على يدها وهي تكتم ألمها في داخلها فاستمر قبل أن يعود نحو منحوتاته ) لا احد هنا غيري وأنا أعلمك أني لا اكترث أن نهضتي أم لا وان كنت ترين أن استلقائك بوجودي يعد غير لائق فسأضطر لإعلامك أني مستيقظ منذ الصباح الباكر ولقد رأيتك ليس فقط مستلقية بل نائمة بعمق ولا تعرفين ما يجول حولك
أخذ وجهها يشتد للألم الذي تشعر به ورغم أن كلماته استفزتها إلا أنها لم تأبه وكل تفكيرها بكيفية تحمل ألمها وببطء عادت لتسترخي في مكانها تنفست بعمق قبل أن ترفع يدها لتستقر على جبينها محدقة بوهن بالسقف وقائلة
- ألن يتوقف المطر
- قد يستمر أياما
- أرجوك أعلمني أن هنالك من يبحث عني بدأت افقد الأمل أخذ يتأمل منحوتته قبل أن يستمر بالعمل بها بتركيز ومهارة وهو يقول
- أن لم تمنعهم العاصفة فربما يفعلون
- لا سيستمرون بالبحث عني لن يستسلموا قبل الوصول إلي
- ربما ينشغلوا بإصابة السيدة ريفوري وينسوا أمرك
حركت رأسها نحوه بغيظ قبل أن تقول
- لن ينسوا أمري مهما كانت أصابت السيدة ريفوري والتي ارجوا أن تكون بخير
- وما الذي تعرفينه أنت عن آل ريفوري
- أعرف الكثير ومنها أن ادوارد لن يتوقف عن البحث عني تمعن بمنحوتاته باهتمام وهو يتساءل
- بنفسه
- أجل بنفسه يا سيد الذي لا اعرف بما أدعوك حتى ألان
- سيد تفي بالغرض
أجابته ألا مبالية والجادة جعلتها تعود بنظرها نحو السقف بعدم تصديق وأمام عدم إجابتها له نظر ليراها تحدق بالسقف ويدها تحيط جبينها فقال
- أتشعرين بالألم
- ألم .. لا ما أشعر به لا يوصف بكلمة ألم بل كلمة تفوق هذا التعبير وأنا عاجزة عن إيجادها
رفع حاجبيه لقولها ثم ترك ما بيده وتحرك عن مقعده متجها نحوها ليقف بجوارها مما جعلها تتابعه وهي تشعر بالتوتر ينسل إليها دون قدرتها على منع ذلك وعينيه تتأملانها
- أنت في حالة يرثى لها
قوله جعلها لا ترمش للحظة ثم رمشت قائلة محاولة أن لا يزعجها قوله دون فائدة
- أشكرك وكأني لا اعلم
تحرك فكه وكان يهم بقول المزيد إلا انه توقف وعينيه الثابتتان على عينيها تتلألأن قبل أن يتحرك مبتعدا وهو يقول
- يوجد كوخ مهجور لا يبعد الكثير من هنا كانت تقطنه عائلة فيما مضى قد أجد شيئا مفيدا به ( وتناول سترته ليرتدها وكذلك الوشاح الأسود السميك ليضعه حول عنقه مستمرا وهو يتجه نحو الباب ) علي أن أسديك نصيحة لك أن تفعلي بها أم لا فانا يعرج علي الكثير من الرجال المغادرين صوفيلان إلى ناربون وبالعكس بسبب وجودي في منتصف الطريق بينهما ومنهم من يحضر عن طريق الجبال هؤلاء لم يروا امرأة منذ أشهر ولا اضمن لك أنهم سيحسنون التصرف لذا أنصحك بعدم فتح الباب لأي طارق
- ولكن قد يحضر من يبحثون عني ( هز رأسه موافقا وناظرا إليها وهو يفتح الباب ويقول )
- قد يحدث هذا لذا أقول أن الخيار لك بالأخذ بنصيحتي أم لا ولتتحملي تبعات تصرفك دون وضع اللوم على الغير
- ستتأخر أهو بعيد جدا أيجب أن تذهب إليه قد لا تجد به شيئا
قالت بسرعة وقد وترها ما قاله فتجاهل توترها وهو يتمتم بتفكير قبل أن يغلق الباب خلفه
-  قد أجد
تعلقت عينيها بالباب المغلق وقلبها ينتفض بقوة بداخلها وجوده لم يكن يشعرها بالطمأنينة ولكن مغادرته لم تكن لتسرها فأخذت تحاول الاسترخاء دون قدرتها وقد أخذت تصغي بكل حواسها لكل صوت قد يحدث بالخارج دون أن يتغير شيء والوقت يمضي وسقوط الأمطار لا يتوقف فنهضت أخيرا من الفراش لتجول بنظرها بأرجاء الكوخ ولكن شعور بالدوار القوي والألم أعادها للاستلقاء فحركت يدها لتلمس ذراعها ألمصابه لتأن وتهز رأسها بيأس فهي بحاجة ماسة لرؤية الطبيب ولم يعد لديها الصبر للانتظار فأين هو ادوارد بحق الله أغمضت عينيها لتصلي ليطول صبرها وتتخلص من محنتها ولتكون والدته بخير وكذلك دافني , فتحت عينيها ببطء لتتعلق بالسقف دون رؤيته وأفكارها تتزاحم وتتزاحم في داخلها لتجعلها بدوامة أصابتها بالصداع مع بقائها بمفردها منعزلة دون الشعور بما حولها ولا تعلم كم مضى من الوقت قبل أن تشعر بالباب يفتح ولكن الإنهاك النفسي والقلق قد نالا منها فلم تحرك رأسها المتجه نحو الحائط المجاور لسرير رغم التوتر الذي انتابها فقد يكون أيا كان من دخل إلى الكوخ ولكن أعصابها المنهكة لم تكن لتسمح لها بالتفكير السليم
- هل مازالت على قيد الحياة
صوته الخشن جعل قلبها يرتجف بداخلها قبل أن تقول بوهن دون أن تحرك رأسها رغم سماعها لتحركه بأرجاء المكان
- ارجوا أن هذا لم يخيب املك
- وجودك على قيد الحياة أفضل لي من رؤيتك جثة هامدة في كوخي .. أنت بالتأكيد في تحسن ( قوله هذا بجوار أذنها دون أن تشعر به يقترب جعلها تحرك رأسها بسرعة نحوه لتجده يقف بجوارها متأملا إياها فحركت رأسها وهي تبتلع ريقها إلى الخلف محاولة إبعاد نفسها قدر ما أمكنها عنه فرفع حاجبيه مستمرا بنفس الأسلوب ) أمازالت متوترة
هزت رأسها بالنفي ورفعت نفسها لتجلس وهي تلصق ظهرها بالحائط خلفها قائلة بتوتر
- إني على ما يرام
- لا يبدوا هذا لي
قاطعها قائلا وعينيه الغامقتان لا تفارقانها فحركت مقلتيها عنه أمام تحديقه بها نحو النافذة متجاهلة قوله وقائلة
- ألم تصادف احد أثناء طريقك
- لا على ما يبدوا إنهم قد نسوا أمرك
- لا لن يحصل هذا ( أسرعت بالقول وهي تعود إليه مضيفة بثقة ) سيبحثون عني أنت لا تعلم من أكون
- أحقا لا اعلم
أجابها وعينيه تزدادان اغمقاقا دون أن يفارق التجهم وجهه فرفعت الغطاء لتضمه إليها جيدا وهي تقول
- لن يتوقف ادوارد عن البحث عني وأنت تعلم بالتأكيد ما .. قد يفعله بمن .. يحاول .. إزعاجي
حاولت أن تبدوا واثقة في قولها ولكن أمام الابتسامة المغيظة التي ظهرت على شفتيه شعرت بالوهن وبالثقة تفر منها وهو يقول
- أعتقد أن عليك أن تعلميني أم يا ترى يجب أن ( ولمحها بنظرة شاملة متابعا ببطء ) أحاول إزعاجك لأرى
- هذا كلام ليس لائق أبدا ( أسرعت بمقاطعته ) كما انك لا تعرفني لذا لا يجب أن تتحدث معي بهذه الطريقة
- هل تحدثت بوقاحة
- اجل فعلت فلا يحق لك محادثتي بهذه الطريقة الخالية من الياقة فأنت تحاول إخافتي أو انك فظ لا تعلم ما تتفوه به بطبيعتك
- هذا كرم أخلاق من قبلك بعد كل ما فعلته من أجلك
- انا شاكرة لك إنقاذي ومساعدتي
- وبقائك سالمة حتى ألان
أضاف مذكرا إياها وكأنه يتسلى بإزعاجها مما جعلها تتنفس بصوت مسموع قبل أن تقول
- أنت لا تنوي إيذائي
ارجع رأسه للخلف ممعنا بالنظر بها دون أن تستطيع فهم تلك النظرة التي تطل من عينيه ثم عقد ذراعيه معا أمام صدره العريض قائلا
- وكيف تعلمين هذا ( واستمر بصوت منخفض لم تطمئن له أبدا ) انه لتدهشني ثقتك بي
- لو أردت إيذائي لفعلت لذا أنا أرجح تصرفاتك الفظة  لانعزالك عن الناس مما جعلك لا تزن ما تتفوه به ولا تعرف كيفية التعامل أو محادثة السيدات
- لم تنزعج واحدة من قبل من طريقة معاملتي لها أو حتى محادثتي
- السيدات الراقيات
- ارجوا المعذرة ( تساءل لتمتمتها فقالت بجمود )
- السيدات المحترمات لا يقبلن أن يحدثهم ويعاملهم الرجال بهذه الطريقة
قولها جعله يصمت لثانية ممعناً النظر بها قبل أن ينفجر ضاحكا وكأنه كان يمنع نفسه من هذا منذ وقت فرفعت الغطاء لتضمه أكثر إليها وهي تتململ في جلستها دون أن
تفارق عينيها وجهه وأمام حملقتها بتوتر قال وهو يلمحها بنظرة قبل أن يتحرك مبتعدا
- أنت دون شك مختلفة
بقيت عينيها جامدتان حيث كان رغم ابتعاده ثم أسرعت بلحاقه بنظرها وهو يتناول كيسا من الخيش السميك عن مقعده قائلة
- ما الذي تعنيه بهذا ( فتح الكيس وهو يجيبها )
- آل ريفوري يحتاجون دون شك إلى سيدة مهذبة
اشتدت أصابعها بضم الغطاء وهي تعود للقول بإصرار
- لم افهم ما عنيته بعد
- حسنا دعيني أقولها بطريقة أخرى .. ولكني احتاج إلى لحظة من التفكير فعقلي المحدود بسبب انعزالي عن الناس جعلني أصبح خشن المعشر لذا يلزمني بضع دقائق لأحاول قول ذلك بلطف ( أضاف مدعي الاهتمام بسخرية جافه تماما ولكن النظرة الحادة المطلة من عينيه لم تفتها فاستمر وهو يسحب ما بالكيس ) سمعت السيد ريفوري بتعدد علاقاته جعلت جميع سكان صوفيلان يتوقعون منه الكثير لذا حضورك وحضور غيرك .. هل ساءك حديثي ( أضاف وهو يرى الامتعاض على وجهها وعاد ليستمر وهو يتحرك نحوها ) ولكن هذه هي الحقيقة
- أنها مجرد ثرثرات ليس إلا
قالت بثبات قدر ما أمكنها فحرك الثوب الذي أخرجه من الكيس بيده وهو يقول
- لا اعتقد ( وقذف لها ثوبا بني ليستقر بحجرها مستمرا ) هاك  وجدت هذا لا اعلم قد يناسبك انه قديم بعض الشيء ارجوا أن لا يزعجك ارتدائه فبالمقارنة مع ثوبك هذا لا شيء أيـ .. بما أدعوك
- ليفيا بإمكانك مناداتي ليفيا
- ليفيا فقط دون لقب يسبق هذا ( وأمام صمتها وانشغالها بالتحديق بالثوب الذي بين يديها أضاف وعينيه تضيقان ) لا اصدق هذا ( رفعت عينيها إليه فاستند على الطاولة خلفه في وقفته وعقد يديه مستمرا بثقة كرهتها ) ما كان ليرتبط بواحدة لا تملك لقبا حتى لو كانت أجمل جميلات الكون
تجمدت مقلتيها عليه بثبات دون حراك قبل أن تقول بحذر
- أنا لم أعلمك إني مرتبطة بادوارد
- وهل يحتاج الأمر إلى الكثير من التفكير لأعلم انك كذلك
( عادت بنظرها ببطء نحو يدها التي تحمل خاتمها الماسي فاستمر أمام صمتها وهو يتأملها ) أم انه اغرم بهذا الجمال مما جعله لا يأبه
- لست معتادة على التحدث بأموري الشخصية مع غريب
- اتعرفينة جيدا حتى توافقي على الارتباط به ( تجاهل قولها قائلا ومستمرا ) أم أن ثراءه هو كل ما يهم ( ابتلعت ريقها وهي تشعر بالاختناق فبقيت عينيه تتأملانها لوهلة وأمام صمتها التام أضاف وهو يستقيم بوقفته ) الكل يسعى وراء المال لا احد مختلف
- لا يحق لك اتهامي ( قاطعته قائلة ومضيفة بغيظ وهي تنظر نحو رف الأخشاب خلفه مشيرة بيدها ) لست سوى حطاب وتحدثني عن سعي للمال ما الذي تعرفه أنت حتى تتهمني بهذا
- هل أنت أكثر ثراءً منه ( وأمام توقف الكلمات في حلقها ظهرت ابتسامة واثقة على شفتيه مستمرا ) هل جلستي معه واعجبتي به أم أن والدته من قامت بخطبتك له لا تحاولي (قاطعها وهي تهم بالحديث مستمرا ) أُأَكد لك انك لو عرفته جيدا لما ارتبط به
شعرت بنفسها عاجزة عن الحديث لقولة فتحرك نحو المدفئة التي توشك على الانطفاء وضع بها بعض الحطب وعلق بداخلها قدرا من الماء بينما بقيت عينيها معلقتين بالثوب الذي بحجرها دون رؤيته حقا وأخيرا رفعت عينيها إليه قائلة وقد جلس القرفصاء أمام المدفئة محركا الحطب بها
- هل جميع سكان صوفيلان لا يكنون الود أيضا لآل ريفوري
حرك رأسه إليها ونظره غريبة تطل من عينيه قبل أن يقول
- ومن قال أني لا أكن الود لآل ريفوري
- طريقة حديثك عن أدوارد
توقفت عن المتابعة وعينيها تسرعان نحو الباب كما حرك رأسه هو كذلك عند سماعهما الطرقات القوية عليه فأسرعت تريد وضع الثوب جانبا والتحرك وقلبها يدعوا أن يكون الطارق قد حضر من اجلها ولكنه حرك يده لها طالبا منها عدم الحراك وهو يستقيم بوقفته وقد اشتدت ملامح وجهه وقبل أن تستطيع قول شيء بادرها وهو يعود برأسه عن الباب نحوها
- أن كان احد عابري الطريق فمن الأفضل عدم رؤيته لك هنا
- ولكن ولكن

الأخـذ بالـثـأر 2



- أنا اسكن بمفردي منذ سنوات والجميع يعرف افهمي هذا هلا فعلتي ووجودك هنا لن يكون امرأ بريء بنظر هؤلاء الرجال وبما أني لا أستطيع الادعاء انك قريبة لي فالتزمي الهدوء حتى استطلع الأمر وان كانوا من يبحثون عنك فسيرني جدا إعلامهم بوجودك هنا
قاطعها قائلا وتحرك نحو الباب أمام صعود الدماء الحارة إلى وجهها لحديثه ففتح الباب ناظرا إلى الخارج قبل أن يخرج محكما إغلاقه خلفه فأخذت تنقل عينيها بين الباب والنافذة لترمي الثوب جانبا وتبعد الغطاء عنها فاختلاس النظر لن يؤذي احد وتحركت لتسير نحو النافذة لتستند على الجدار وتبعد الستائر قليلا لترى رجلان يمتطيان الجياد وقد وضعوا القبعات على رأسهم لحمايتهم من الأمطار فنقلت نظرها بينهم دون أن تستطيع رؤيتهم جيدا ثم نحو الرجل الواقف أمامهم تحت الأمطار يتبادل الحديث معهم قبل أن يشدوا لجام الخيل ويبدأ بالتحرك بعيدا فأسرعت بإعادة الستار إلى مكانه وأنفاسها تتسارع وقبل أن تستطيع مغادرة مكانها حدقت بالرجل الذي عاد إلى الداخل ليقفل الباب خلفه وعينيه المغمقتان تتأملانها فبادرته
- ألا يبحثان عني
- لا
- ماذا يريدان إذا
- أمر يخصني
- أنهم ليسوا قطاع طرق لم يبدوا لي كذلك
ضاقت عينيه قبل أن يتحرك نحو المدفئة وهو يقول
- ومن قال أن قطاع الطرق تقصدني
- إلا يفعلون
تساءلت بقلق فلمحها بنظرة من فوق كتفيه قبل أن يعود إلى ما أمامه ويرفع شعره المبتل إلى الخلف قائلا
- إنهم عمال ليس إلا يعودون من الجبال لجلب المئونة
- متجهون نحو صوفيلان
- ما قصدك يا فتاة ( قاطعها بحده وهو يستدير إليها مستمرا بخشونة ) هل تعتقدين إنهم لو كانوا متجهين إلى صوفيلان لما كنت أعلمتهم بوجودك هنا توقفي عن اعتباري جاهلا ومستمتعا برفقتك هنا
- لم لم اعني ذلك ( قالت بارتباك وحركت عينيها حولها بيأس قبل أن تضيف بوهن ) أريد فقط الوصول إلى هنالك
- ثقي ما أن تنتهي العاصفة حتى اذهب سيرا إلى هنالك لإعلامهم أيريحك هذا
عادت بمقلتيها إليه والارتباك باد عليها فهز رأسه بيأس وتحرك ليفتح بابا يقع خلف حائط المدفئة ليختفي بداخله ثم يعود لظهور متجها نحو المدفئة ليحمل القدر عنها ويعود نحو الغرفة وهي تراقبه ثم عاد لظهور قائلا وهو يشير بيده نحو الغرفة
- لتتخلصي من هذه الأوحال العالقة بك ( حركت رأسها إلى حيث يشير ثم عادت إليه وهو يتناول ثوبها عن السرير ليقترب منها واضعا إياه بين ذراعيها ومستمرا ) قد لا يكون المكان كما اعتدتي ولكنه يفي بالغرض
حدقت بالثوب بين يديها قبل أن تتحرك خطوة ثم تتوقف قائلة دون النظر إليه
- هل أستطيع الحصول على بعض القطن والقماش النظيف
تحرك ليمر من أمامها ويتناول الصندوق عن الرف ليضعه فوق ثوبها بين يديها وهو يقول
- كله لك
وتخطى عنها نحو المدفئة فدخلت إلى الغرفة الصغيرة وهي تحرك مقلتيها بحذر بداخلها بين الأخشاب وأجزع الأشجار الكبيرة المرصوصة فوق بعضها إلى مجموعة من الصناديق الخشبية التي صنعت يدويا وتم حفرها بمهارة إلى النافذة الوحيدة الموجودة ومن ثم إلى زاوية الغرفة التي تحتوي على مكانا خاص للاستحمام فتحركت واضعه ما بيدها جانبا وعادت نحو صندوق كبير أخذت تدفعه بقوة لا تعلم من أين أحضرتها إلى إن ثبتت خلف الباب فجلست عليه تسترد أنفاسها وهي تغمض عينيها ولم يكن أمر الاستحمام سهلا كما توقعت فقامت بلف يدها وتضميدها مستعمله المطهر بالزجاجة وأخيرا انتهت من تضميد ساقها لتحاول الوقوف محدقة بالثوب الذي ارتدته فهو واسع قليلا وقماشه لا بأس به بالرغم من قدمه ولكنه يفي بالغرض في الوقت الراهن همست لنفسها وهي تتحرك بعرج نحو الباب محدقة بالصندوق بعجز قبل أن تحاول دفعه لتبعده عن الباب وتخرج وهي تحمل الصندوق الصغير
- تستطيعين الاستعانة بتلك العصا
جاءها صوته فور خروجها فتلفتت حولها ليتوقف نظرها على عصى وضعت بجوار الباب تناولتها لتستند إليها مريحة ساقها المصابة ثم تحركت نحو الرفوف أمامها وضعت الصندوق عليها قبل أن تستدير لتنظر نحوه قائلة
- أشكرك
رفع نظره ليلمحها بنظره من شعرها الذي تركته منسدلا حتى أخمص قدميها قبل أن يعود إلى ما بين يديه وقد وضع مقعدا أمام المدفئة وجلس عليه منشغلا بمنحوتته الصغيرة فتحركت ببطء باتجاه السرير والتوتر يعود إليها دون قدرتها على منع ذلك فقال دون النظر إليها وهي تمر من خلفه مما جعلها تتوقف في مكانها
- تناولي بعضا من الطعام فأنت لم تتناولي شيئا منذ وقت
حركت رأسها عنه نحو الطاولة وقد وضع عليها بعض الخبز وطبقا من الحساء فتحركت نحوه لتجلس على المقعد وتتناول ملعقتها وهي تختلس النظر إلية قبل أن تبدأ بتناوله ببطء وعينيها تعودان بين لحظة وأخرى نحوه لتنهي طبقها والصمت محيط بهما فتحركت عن الطاولة تسعى للحصول على بعض الدفء لتقترب من السرير وتجلس وهي تقول
- أشكرك لقد كان الطعام لذيذا
- أتدعين دائما
- ارجوا المعذرة ( قالت لقوله وهي تمعن النظر به فنظر إليها لتضيف ) لم افهم ما تعنيه
عاد نحو منحوتته قبل أن يجيبها
- الطعام ليس جيدا بالنسبة لك وربما لأول مرة في حياتك تتذوق شيئا كهذا
شبكت يديها بحجرها وهي تجيبه
- رغم ذلك كنت صادقة بقولي انه لذيذ اشكر
التزم الصمت متجاهلا إياها ومنشغلا بنحت شكلاً لقارب صغير فآخذت تتأمل يديه التين تتحركان بمهارة قبل أن تقول وهي تشعر برغبة كبيرة بكسر الصمت
- انك ماهر جدا بهذا ( وأمام صمته وتجاهله لها تململت في جلستها وحركت رأسها حولها ثم عادت أليه لتقول بعد قليل ) أنت من صنع تلك الصناديق الموجودة بالغرفة الأخرى
- أجل
أجابها باقتضاب وهو ينفخ على القارب مبعدا الشوائب الأخشاب عنه و متأملا إياه فقالت وهي تتأمل القارب
- أنه جميل
عاد ليمرر الأداة الحادة على حافة القارب منشغلا به دون قول شيء مما جعلها تلتزم الصمت الغير مريح بدورها لتتنهد بعد قليل محاولة أن تهدأ من توترها دون آن تدرك أن صوتها كان مسموعا مما جعله يتساءل
- أتشعرين بالملل
هزت رأسها بالنفي وهي تحدق بالنافذة ثم الرفوف لتعود نحوه فوجدته يحدق بها فقالت بسرعة
- لا ليس الملل
- اهو القلق إذا
- اجل .. هل أنت وحيد ( ضاقت عينيه لقولها فاستمرت بسرعة ) أعني لا أسرة ولا أقرباء لديك
- لا ليس لدي .. لما ( تساءل وهو يعود لما بين يديه فأجابته )
- أجد الأمر صعبا .. كيف تسد حاجتك من المال هل تقوم ببيع ما تصنعه
- هل تنوين الشراء مني
- سأفعل .. كما أني على ثقة من أن ادوارد سيفعل أيضا عند رؤيته لهذه المنحوتات كما انه سيقدم شكره لك لكل ما فعلته من اجلي ( عاد لينفخ على المنحوته ثم وضعها إمامه على رف المدفئة متأملا إياها فأضافت ) أنا واثقة من أنه سيفعل خاصة انك ستذهب لإعلامه أن توقف المطر بأني هنا أليس كذلك ( تناول القارب عن الرف وعاد لمرر أداته الحادة عليه متجاهلا إياها تماما وكأنها لا تحدثه حتى مما جعلها تحرك عينيها عنه بارتباك نحو السرير قبل أن تعود إليه وألم جسدها يضغط عليها للاستلقاء ) ألا تشعر برغبة بالانتقال للعيش قرب صوفيلان والاختلاط بالناس فالمكان هنا منعزل وقد يحدث لك مكروه دون أن يعلم احد
- لم لا تصنعين من نفسك شيئا مفيدا وتقومين بالتزام الهدوء
أصمتها قوله الفظ تماما والذي يفتقر إلى الذوق فضمت شفتيها وبدأ وجهها بالاحتقان فتحركت متراجعة في جلستها حتى تسند ظهرها بالحائط خلفها وتضع ساقيها بجوارها وتضع الغطاء عليها ويديها تتشابكان بحجرها وهي تحرك رأسها عنه نحو النافذة علها تهدأ من نفسها التي فاض بها لتأخذ الدقيقة تلو الأخرى تمر وهي تقاوم الاسترخاء الذي ينسل ببطء شديد إلى أنحاء جسدها لتغط بالنوم كانت بحاجه إليه دون أن تشعر لتنتفض فاتحة عينيها بسرعة ودون
استيعاب لثانية قبل أن تسرع بالجلوس جيدا وقد مالت بجلستها محدقة بتشويش بالرجل الذي قذف قطعة حطب أخرى بالمدفئة بقوة جعلتها تستيقظ فرفعت الغطاء لتضمه إليها جيدا وهي تراقبه يعود للجلوس على المقعد دون أن تستطيع تحديد كم مضى عليها نائمة ولكن الإنهاك قد نال منها ورغبتها بالإغفاء تفوق كل شيء مع رأسها الذي يزداد ثقلا رغم توترها الذي لا فائدة منه ألان فلقد أنهكت حواسها تماما عادت لتتجمد متنبهة لرجل الذي حرك رأسه نحوها فابتلعت ريقها ورمشت لنظرة الغريبة التي تلوح في عينيه فزادت من ضم الغطاء إليها أكثر قبل أن تقول بصعوبة
- أتريد الفراش سأغادره أن كنت تريده ( ولكنه لم يجبها بل حرك عينيه عن وجهها ببطء نحو يديها التين تضمان الغطاء إليها قبل أن يعود نحو المدفئة أمامه دون إن تتغير ملامح وجهه المتجهمة فأضافت ) بإمكاني النوم أرضا .. أستطيع ذلك حقا ( وأمام صمته أضافت بصوت خافت بالكاد سمعه ) يمكنك على الأقل إجابتي ( عاد برأسه نحوها لتتوقف عينيه بثبات عليها دون قدرتها على فهمها فأضافت بصوت أكثر ثباتا ) أنت لا تجيبني عندما أحدثك وهذا يعد عندنا في جايدين قلت ذوق لا اعلم ما هي الحال هنا لديكم
ظهرت ابتسامة مائلة على شفته قبل أن يقول
- لقد استقبلتك هنا وضمت جراحك ووفرت لك ما أستطيع وبالمقابل اتهم بقلة الذوق
- لم .. اعني هذا .. وأنا ممتنة لك لمساعدتك
- والسماح لك على النوم بالسرير الوحيد الموجود
ابتلعت ريقها بغيظ عميق إلى أنها قالت بثبات
- بالتأكيد أشكرك على هذا أيضا
- أتعتقدين أن مكافئة ادوارد ستكون سخية
- بالتأكيد ( قالت بشك فان كان يسعى خلف مكافئه لأخذ خاتمها لذا قالت ) أهناك ما ترغب بان أطلبة لك منه ( بدت نظرة عابثة في عينية التين لا تفارقانها فأضافت وهي تحاول أن تخفي توترها ) سأعمل على أن تنال ما تريد
- أتعديني
- بماذا ( أسرعت بالقول بحيرة من قولة فأجابها )
- أن أنال ما أوريد
- بحدود المعقول .. اجل ( أجابته غير مطمأنة له ليس عليها الثقة به فقد يكون بالنهاية يسعى لما هو أكثر من خاتمها ويطالب ادوارد بمبلغ مالي كبير لذا قالت )  مازال بإمكانك الاحتفاظ بهذا الخاتم
- عدت لتخلي عنه بسهولة هذا الأمر يجعلني أفكر بان صاحبة لا يعني لك شيئا
- هذا ليس صحيحا ولكن الأشياء المادية لا قيمة لها أمام بعض الأمور
ظهرت ابتسامة خفيفة على شفتيه سرعان ما أخفاها وهو يقول
- بالتأكيد أنت ما يحتاجون إليه
- ارجوا المعذرة ( قالت لتمتمتهِ فلتمعت عينية المحدقتان بها قائلاً )
- تشتد البرودة ليلا هنا و .. أن لم تستطيعي احتمالها يمكنني تقديم المساعدة ( اختفت الدماء ببطء من وجهها لقولة الغير متوقع وأسرعت بإلصاق ظهرها بالحائط خلفها جيدا وهو يتحرك عن مقعدة مستمرا وهو يخطوا نحوها ) إننا في مكان منعزل كما ترين ولم استقبل ضيوفا هنا منذ وقتا طويل ( لامست ساقية حافة السرير بينما اختفت أنفاسها تماما وعينيها ترفضان أن تفارقاه اقل حركة تصدر منه وهو يستمر ) وما بال الأمر إن كانت امرأة لذا أجد تواجدك هنا أمرا صعبا علي قليلا ( ابتلعت ريقها بصعوبة واشتدت يديها أكثر على الغطاء دون أن تَرمُش أو حتى تفارقه مقلتيها فاستمر وهو يقترب بوجهه منها قائلا وعينيه تجولان بعينيها ) وأنت لا تتوقفين عن الثرثرة مما يجعلني لا أستطيع تجاهل وجودك كما ارغب ( تابعت عينية بقلق بالغ وهما تغادران عينيها لتهبطا نحو شفتيها لتشعر بالخدر يسري إليها وإنها على وشك الإغماء إلى أن عينيه التين عادتا إلى عينيها أعادتها للواقع بسرعة لتتنفس بصعوبة وهي تقول بعناد
- أنت لن تؤذيني
- سأكـ
- لا أنت لن تفعل لو أردت آذيتِ لفعلت من قبل ( أسرعت بمقاطعته قائلة ومستمرة ) لقد قمت بمساعدتي وبمعالجتي وبتقديم الطعام لي
- وسمحت لك باستعمال السرير الوحيد الموجود هنا
- و .. سمحت لي .. باستعمال السرير الوحيد الموجود هنا ومن كان يملك هذه الأخلاق لن يؤذي ضيفة مهما كان لقد وثقت بك لذا استطعت النوم بسلام أمس واعلم انه يمكنني الثقة بك هذه الليلة أيضا فالست بالشخص الذي قد يستغل امرأة ضعيفة مصابة
- تروقني ثقتك بي ( تمتم ببطء واستقام بوقفته مستمرا وهو يشير بيده إلى الخلف ) سأخرج لقطع بعض الحطب .. علي أنسى أمر وجوك هنا
أضاف وهو يستدير نحو الباب ليخرج منه بينما تابعته بعينين متوسعتان يدب بهما الرعب فالقد قالت ما قالته في محاولة لثنية عن الاقتراب منها فهي بالحقيقة لا تثق به قيد أنملة ما الذي عليها فعله تلفتت حولها بقلق لتتحرك مسرعة نحو باب الغرفة المجاورة المليء بالصناديق الخشبية لتدخلها وتغلق الباب خلفها وتعود لدفع الصندوق الذي وضعته خلفه وهي تستحم أن قضائها الليلة هنا امن لها وما أن يبدءا صباح الغد حتى تغادر هذا المكان مهما كان انتفضت على صوت الصادر عن قطع الحطب لتضم جسدها إليها وهي تجلس بتمهل على احد الصناديق والقلق لا يفارقها لتشحب أكثر وصوت القطع يتوقف لتسمع صوت الباب يفتح قبل أن تقترب خطوات من باب الغرفة التي حبست نفسها بها وبصوته يقول
- هل قررتي حبس نفسك هنا
التزمت الصمت وعينيها ثابتتان على الباب قبل أن تنتفض وتسرع بالوقوف وهي تشعر بالباب يتحرك ليدفعه ببطء ويفتحه بسهول ليطل ناظرا إلى الصندوق الذي وضعته خلف الباب بينما أخذت بالتراجع إلى الخلف
- أحقا اعتقدتي أن هذا الصندوق سيعيقني عن فتح الباب
- من الأفضل أن تدعني وشاني أنا جادة
- هل تفضلين صحبتي أم صحبت الفئران المتواجدة هنا
قوله جعلها تتلفت حولها بذعر قبل أن تقول
- لا يوجد فئران هنا
- إنهم يعيشون بين الأخشاب انتظري قليلا وسيظهرون
- ليكن أفضل رفقتهم
- لقد أشعرتني بالإهانة
- وأنت أشعرتني بالخوف
- الم تقولي انك تثقين بي ( وإمام صمتها أضاف ) المكان لا يخلوا من الفئران حقا
وأمام عدم استجابتها تحرك نحوها فتراجعت بدورها قائلة
- لا تقترب سابقي هنا
وقبل أن تستطع الابتعاد أكثر امسك بذراعها فهمت بدفع يده بعيدا عنها إلى قواها غادرتها لتشعر بنفسها تبتعد فأسرع بإمساكها قبل أن تصل الأرض وهي تتمتم بوهن وقد غادرتها قوتها
- لا اشعر باني على مايرام ( وأرخت رأسها فجذبها نحوه ليستقر رأسها على صدره وهو يقول )
- عليك الحصول على الراحة
- لا .. ابتـ .. ـعد دعني ( تمتمت وهي تحاول أن تتحرك مبتعدة عنه ) أنا .. بخير ( أضافت بعناد وهي تبعد رأسها عنه محدقة بوجهه القريب وهي تستمر بتشوش ) أنا بخير فقط .. دعني وشأ .. ني ( وحاولت الابتعاد عنه وهي تستقيم بوقفتها بينما ضاقت عينيه التين تراقبانها دون أن يفته عدم توازونها وهي تستمر بثقة ) أرئيت أنا بخيـ
واختفت باقي كلماتها وهي تغمض عينيها ببطء فأسرع بإمساكها وهو يقول
- كنت واثقا من هذا
وحملها إلى الخارج ليضعها في السرير قبل أن يقوم بوضع الغطاء عليها ويتحرك ليضع مقعدا أمام المدفئة ليجلس عليه ويحرك رأسه نحوها بين الحين والأخر متفقدا إياها فتحت عينيها ببطء للحظه دون إدراك أين هي قبل أن تفتحهما جيدا والقلق يعود إليها لتنظر بسرعة نحو المدفئة لينعكس ضوء نارها على الرجل الجالس على المقعد أمامها والذي هم بتحريك رأسه نحوها فأسرعت برفع الغطاء مخفية نفسها به وهي تنكمش على نفسها تحته والترقب يملأها لتبقى على هذه الحال طوال الليل مصغية  لأقل حركة قد تصدر حتى شعرت بالإنهاك فلم تدرك متى غفت , فتحت عينيها ببطء وتشوش في اليوم التالي ليقفز قلبها مسري رجفة في أوصالها وعينيها النصف مغمضتين تحدقان بالرجل الجالس على الطاولة أمامها منشغلا بإزالة أخر ما تبقى من أثار لحيته لتتوقف عن التنفس لوهلة وهي تراقبه دون أن يشعر بها ناقلة مقلتيها من شعره الأسود أللامع الذي صفف بطريقة أنيقة رافعا إياه عن وجهه إلى الخلف ليتدرج خلف بعضه ويعقد أطرافه القليلة الطويلة في أسفل عنقه لتتوقف عينيها على الموس الحاد وهو يمرره على ذقنه العريض ونظره لا يفارق المرآة التي أمامه فابتلعت ريقها قبل أن ترمش جيدا وهي تتأمل الجلاه السوداء الأنيقة التي يرتديها ويرتدي تحتها قميص ابيض ناصع وبنطالا اسود بالإضافة لجزمه لامعه بالغة الأناقة فرفعت نفسها على يدها محدقة به جيدا لتتحرك عينيه نحوها قبل أن يعود نحو المرآة أمامه قائلا
- استيقظت أخيرا
عادت بعينيها إلى وجهه متأملة ذقنه العريض وانفه البارز المتناسق ووجهه وشفتيه المتناسبتين قائلة باضطراب مفاجئ
- أجل ( وأشارت نحو ثيابه مستمرة ) لم اعتقد انك تملك شيئا كهذا
حرك عينيه نحوها وهو يضع الموس جانبا ويرفع المنشفة إلى وجهه ليمسحه قبل أن يجيبها
- من غير المناسب التوجه نحو آل ريفوري وأنا في ثيابا بالية
أبعدت الغطاء عنها ببطء وهي تقول بحذر
- ستتوجه نحو آل ريفوري ( توقفت عن المتابعة وأسرعت بنظرها نحو النافذة لتتعلق عينيها بأشعة الشمس التي انسلت إلى الداخل من خلال زجاج النافذة لتسرع بالعودة نحوه وقلبها يتسارع بداخلها قائلة ) هل سيحتاج الأمر منك الكثير من الوقت قد تلاقي احد يملك عربة أو خيل أو
- سنذهب معا
- ولكني لا أستطيع السير كل تلك المسافة
- لست مضطرة لسير
- ولكنك لا تملك وسيلة نقل
- أصبحت املك ألان
توقفت مقلتيها عليه وهو يتحرك واقفا ومتناول سترة رسمية عن المقعد خلفه ليرتديها وهو يقول
- عليك الإسراع أن أردت أن تصلي في الوقت المناسب
تحركت عن السرير ببطء وهي تقول بارتباك
- كيف سنذهب
- الخيول تنتظر في الخارج ألان فأعدي نفسك ووافيني متى انتهيتي أنا في الخارج
وتناول قبعة سوداء أنيقة ووضعها على رأسه وهو يتحرك بخطوات ثابتة نحو الباب ليفتحه ويغادر فتحركت لتقترب من النافذة بشك لتحدق بالخيل الواقفة بالخارج وهو يقترب منها ليربت على احدهما فالتفتت برأسها حولها باستغراب ثم أسرعت نحو مرآته لتحدق بوجهها لتشاهد جبينها المتورم والمزرق فأسرعت بوضع بعض الخصل عليه ثم جمعته شعرها محاولة ترتيبه ونظرت إلى نفسها لا فائدة ستبقى في حالة سيئة لا يهم أسرعت بالتوجه نحو الباب فكل ما تريده ألان هو الوصول إلى صوفيلان  اقتربت من الخيل وهي تتساءل
- كيف حصلت عليها
- عرجت علي مجموعة من الأصدقاء ليلا فأعلمتهم بترك اثنان لي
- ووافقوا
- لم يكونوا ليستطيعوا الرفض
أجابها وهو يجذب الخيل نحوها فاقتربت منها وهي تتساءل
- أكانوا متجهين إلى صوفيلان ( تجاهل قولها قائلا وهو يحدق بقدمها المصابة )
- أنت بحاجة للمساعدة
ولم ينتظر قولها بل رفعها بشكل مفاجئ وخفه لتصبح جالسة على ظهر الخيل فقالت بارتباك بعد أن تركتها يديه وهي تمسك اللجام بيدين متوترتين
- أشكرك
تحرك نحو خيله ليصعده ويشد اللجام ليتحرك فحركت خيلها ليسير بجوار خيله وهي تحدق بالأرض الموحلة والأشجار المبتلة لتختلس النظر نحو رفيقها الجالس على خيله بشموخ فلم يسبق لها أن قابلت عاملا يملك كل هذا الكبرياء والذي يوحي به هذا الوجه الجامد والمتجهم معظم الوقت كما حاله ألان فقالت وهي تحرك رأسها حولها قبل أن تعود إليه
- ستعود العاصفة عما قريب
- هذا صحيح
أجابها ومازال نظره ثابتا أمامه وهو يتخطى بعض الشجيرات فتبعته ملتزمة الصمت للحظة قبل أن تعود للقول وهي تختلس النظر إليه
- أنقصد الطريق المختصرة
- إنها الأقرب
نقلت عينيها ببطء عن جانب وجهه الثابت على ما أمامه إلى ثيابه قبل إن تعود للقول
- ألن تعرفني باسمك يا سيد
لمحها بنظرة جانبية من تحت قبعته قبل إن يقول وهو يشد لجام خيله
- رينولد .. فالتذكري جيدا هذا الاسم
أضاف وتحرك متقدما عنها فحثت خيلها لتتابعه وهي تقول
- سأفعل وكما وعدتك لن أنسى صنيعك معي وسأعلم ادوارد بذلك .. سيد رينولد أنا مدينة لك
حرك رأسه نحوها فهزت رأسها بالإيجاب وعينيها تتعلقان بعينيه التين تحملان نظرة غامضة فأضافت ببعض الحياء والتوتر وهي تعود بنظرها إلى خيلها
- تعرضت منذ بعض الوقت لسرقة من احد المشردين الذي تهجم علي وأنا في الطريق كما أني قد سمعت الكثير من القصص عن قطاع الطرق الموجودين على الطريق المؤدية إلى صوفيلان وما يفعلونه مما أصابني بالذعر عند رؤيتك ( واختلست نظرة نحوه لتجده مازال يحدق بها فاستمرت ) ارجوا أن تسامحني لذلك وأنا شاكرة لك ضيافتك لي وتحملك لتوتري وشكِ بك
بقيت عينيه لوهلة بعد قولها هذا معلقتين بها بصمت مما جعلها تبتلع ريقها بتوتر فعاد برأسه إلى الأمام دون إجابتها ورفع يده ليخفض قبعته قليلا إلى الأمام واستمر بمتابعة سيره فتبعته وهي تتنفس بعمق فلم تجد صعوبة بالسابق في محادثة احد كما هو حالها مع هذا الرجل الذي يفضل الصمت على محادثتها وقد عجزت عن فهم نظرته وان كان راضيا أم لا عن شكرها له حركت رأسها حولها بحيرة خارجة من أفكارها وقد تناهى إلى مسامعها بعض الأصوات المألوفة وكأنها عربة تقترب منهما فاقتربت بخيلها منه تريد إعلامه بهذا وهي تحرك رأسها حولها وهما يتخطيان الأشجار الكثيفة أمامها لتتوقف عينيها على الساحة التي أطلت بشكل مفاجئ أمامهم بعد أن تخطوا الشجيرات لتنسى ما أردت قوله معلقه عينيها بدهشة بالقصر الحجري الكبير الشامخ وقد تجمعت بالقرب منه مجموعة من الناس ترتدي السواد تحركت رؤوسهم نحوهما فور ظهورهما فنقلت عينيها دون استيعاب بين الوجوه المحدقة باتجاهها قبل أن تقول ببطء شديد دون أن ترمش أو حتى تنظر نحو رفيقها
- أين نحن ألم .. تقل انه لا يوجد احد بالقرب من كوخـ
توقفت باقي كلماتها في حلقها وعينيها تتوقفان دون حراك على ادوارد الذي تقدم ببطء ودهشة من بين المجموعة المتوقفة نحوها وقد شحب وجهه تماما وعينيه تتأملانها بعدم تصديق فرفعت عينيها عنه وصدمتها واضحة على وجهها نحو المجموعة خلفه من رجال ونساء تجمدت أعينهم عليها قبل أن تعود برأسها بسرعة نحو رينولد الذي ترجل عن خيله دون أن تشعر به مراقبا اقتراب ادوارد منهما بخطوات واسعة ليمسك لجام خيلها ويوقفه لينظر إليها وعينيه تتلألأن بشكل غريب وهو يقول بصوته العميق
- لقد وصلنا
- وصلنا
كررت قوله دون استيعاب ثم رفعت نظرها ببطء عنه نحو ادوارد الذي يقترب بعينين غامقتين وفم مطبق بقوة لتشعر بالضياع فعادات إليه وهي تشعر بيديه التين إحاطتها ليرفعها ببطء عن ظهر الخيل ليوقفها أمامه وقد وضعت يدها على ذراعه ناقله عينيها بعينيه وعقلها لا يتوقف عن العمل بشكل فوضوي فتساءلت وعدم الاستيعاب باد عليها
- أهذه صوفيلان
وأمام الابتسامة الملتوية التي ظهرت على شفتيه أبعدت يدها عنه ببطء والذعر ينسل إلى أعماقها وتراجعت خطوة إلى الخلف ترفض التصديق قبل أن تحرك نظرها بسرعة نحو ادوارد الذي استمر بالاقتراب بخطوات واسعة جامدة وهو يرتجف غضبا ليمسك ذراع رينولد بقوة دافعا إياه من أمامها وهو يقول بشراسة
- عليك اللعنة ابعد يدك عنها
ارتجفت أواصلها لهذا وكادت تطلق صرخة خنقتها وهي تتراجع خطوة أخرى للخلف محدقة بعينين واسعتين بادوارد بينما تراجع رينولد بدوره دون أن تهزه دفعه ادوارد قائلا بابتسامة تداعب شفتيه
- هون عليك لقد جئتك بخطيبتك التائهة
حرك ادوارد رأسه نحوها وأنفاسه تتلاحق لتتشابك عينيها بعينيه الغاضبتان فقالت بصعوبة
- ما الذي يجري
- ما الذي يجري ( كرر قولها بعدم تصديق قبل أن يضيف ) أين كنت
سؤاله الحاد والقوي جعلها تتنفس بسرعة وقلبها يخفق بداخلها بقوة وهي تهم بالقول
- كنتـ
- كانت لدي
قاطعها رينولد قائلا ذلك بهدوء شديد فعاد ادوارد برأسه نحوه بحده والشر يتطاير من عينيه العسليتين ويبدو انه يحاول جاهدا عدم التصادم معه فتجاهل قوله بصعوبة وعاد نحوها وعينيه تزدادان اغمقاقا وهو يحدجها بنظره من رأسها حتى أخمص قدميها وقبضته تشتد بقوة وقد احتقن وجهه بشكل كبير فرفع يده مشيرا بها نحو رينولد قائلا بحده خافته قاسية وهي تشعر به يرتجف
- أكنت طوال الوقت برفقته
- سقطت العربة وكنت مضطرة لـ
- أجل كانت برفقتي طوال الوقت
قاطعها رينولد قائلا ذلك فحدقت به بذهول لاستمتاعه الواضح بهذا القول فقال ادوارد وهو ينتفض مشيرا إليه بتهديد وعينيه تحمران
- لم أحدثك إيفل أنا أتحدث هنا مع خطيبتي فتوقف عن مقاطعتها
إيفل إيفل تمتمت وعينيها تتجمدان دون حراك عليه وشعور بأنها قد وقعت في فخ أصبح مؤكدا ألان فلم يكادان يغادران ذلك الكوخ حتى أطلا على هذا القصر وهي طوال الوقت تعتقد إنها تبعد أميالا عن صوفيلان وهذا ما أكده لها هو بنفسه
- بعد كل ما فعلته من اجل خطيبتك أنال هذا أنت لن تتغير أبدا ستبقى جاحدا
- جاحد أيها النذل ( قاطعه ادوارد وهو يقترب منه بغضب دون قدرته على السيطرة على نفسه مستمرا ) شاهدك رجالي عندما كانوا يقومون بمساعدة والدتي تتسكع حول المكان لما لم تعلمهم إنها لديك
- وأفوت علي كل هذا أنت تعلم ما كنت لأفعل
تجمد ادوارد في مكانه وقد تصلب للوميض اللامع في عيني إيفل بينما وقفت ليفيا محدقة بهما بذهول تام وقد تشابكت أعينهم وادوارد يقول دون تصديق
- كانت برفقتك وأعلمت رجالي الذين عرجوا عليك وهم يبحثون عنها انك لم ترى شيئا
- سرني جدا استضافتها فكما تعلم كنت منعزل في الآونة الأخيرة وحضورها أبهجني ( إجاباته الهادئة وابتسامته جعلتها تشعر بالغثيان الشديد وبألم برأسها لا يحتمل بينما استمر ) كانت رفقتها مسلية لي ( توقف عن المتابعة وهو يتفادى لكمة وجهها له ادوارد الذي اقترب منه بسرعة وأستمر وعينيه لا تفارقانه دون أن يخرج من هدوئه ) لا تظهر سوئك أمام ضيوفك فالقد أعدت لك خطيبتك التي جعلت جميع رجال صوفيلان يبحثون عنها وحضرت شخصيا لتقديم تعازيه بوالدتك ولأقدم اعتذاري لعدم تمكني من حضور الدفن فخطيبتك لا تستيقظ باكرا وإلا لشاركتك بالصلاة الأخيرة عليها
كلماته الهادئة كانت تزيد من استفزاز ادوارد الذي حاول مرة أخرى الاقتراب منه فتراجع متفاديا إياه من جديد وادوارد يقول بعصبيه وتوتر
- ستندم على هذا ستندم اشد الندم
- لن تكبر لن تفعل ليس أمام ضيوفك أيها الصبي
- اللعنة عليك
- من الجيد أن والدتك ليست هنا لتسمعك تتحدث بهذا أم تراها لا تمانع
- سأقتلك إيفل سأفعل أعدك بهذا
- يبدو قولك مألوفا لي
- سأفعل إيفل
رفعت يدها ببطء شديد وعينيها لا تفارقان ما يحصل أمامها نحو رأسها الذي يدور ويدور لتشعر بنفسها تترنح وهما يستمران
- للأسف لست مؤهلا بعد لذلك
- اخرج من هنا اخرج فورا فلن ألوث يدي بك ليس اليوم فغادر على الفور
- يا له من شكر أتلقاه لاعتنائي بخطيبتك ولكن لا بأس لقد سرني الأمر جدا فالقد كانت صحبتها مسرة لقد راقت لي مما يجعلني اشعر بالحيرة فذوقنا ليس واحدا
- أوه لا لا تجرؤ لا تجرؤ على هذا
قاطعه ادوارد والتهديد بدا واضحا في صوته وعينيه ثابتتان بحده عليه وهو يحرك يده محذرا فابتسم إيفل ورفع قبعته قليلا عن رأسه قائلا له وعينيه تلمعان
- وما الذي تعرفه أنت فليلتين كانتا كافيتين .. تقبل تعازيه الحارة
وأعاد القبعة إلى رأسه وعينيه تتحركان عن ادوارد نحو ليفيا التي ترنحت وسقطت أرضا مغشيا عليها فأسرع رجل من بين المجموعة الواقفة بعيدا نحوها مما جعل ادوارد يلتف برأسه إليها أيضا بينما أضاف إيفل
- أنها منهكة عليك بالاعتناء بها جيدا فيدها مصابة وكذلك ساقها بالإضـ .. اكتشف ألأمر بنفسك ( وتوقف رافعا يديه أمامه قائلا بسخرية وهو يرى ادوارد يهم بالتحرك نحوه ) هون عليك فقبر والدتك لم تجف تربته بعد
- غادر على الفور وإلا جعلتني اطلب من رجالي رميك خارجها فحتى هذه اللحظة لا أريد أن أقدم لضيوف ما يتحدثون عنه لسنين قادمة
تمتم ادوارد من بين أسنانه وقد احتقن وجهه بشدة فأمسك إيفل بلجام خيله ناظرا إليه وقائلا
- سأعود في يوما آخر لأقدم التعازي ولكني قد لا افعل فلم أكن من المعجبين بوالدتك يوما ( واستقر على ظهر خيله بشموخ وهو ينظر نحو ليفيا وقد جثا الطبيب روبنز بجوارها وبرفقته رينار يحاولون إيقاظها فاستمر وهو يعود نحو ادوارد ) بعكس خطيبتك
حرك ادوارد يده مشيرا له وهو يهم بقول الكثير من شفتيه الغاضبتان إلا انه ضمهما بقوة وتوتر وفكه يرتجف محدقا به بكره قبل أن يعود للقول بحده لا تخلوا من التهديد
- أيفل رينولد سيأتي يوم واريك به من هو ادوارد ريفوري
- مازالت بانتظار ذلك اليوم ارجوا إن لا تؤجله كثيرا .. ريفوري
شدد إيفل على آخر كلماته وشد لجام خيله ليتحرك مبتعدا متجاهلا ارتجاف فك ادوارد الغاضب والذي ضم قبضته يده جيدا وهو يتابعه يبتعد بشموخ .
أخذت تحرك رأسها بتوتر وعصبيه قبل أن تفتح عينيها بسرعة ناقلة مقلتيها بين الوجهين أمامها دون أن ترمش وأنفاسها تتسارع
- هل أنتِ بخير .. كيف تشعرين
ثبت مقلتيها على رجل بعقدة الخامس أشيب الرأس يرتدي نظارات والذي قال ذلك قبل أن تعود نحو الفتاة ذات الثانية والعشرين والتي تحمل وجها نحيفا يبرز ذقنها وعينيها الكبيرتان الجميلتان السوداوتين التين تليقان بلون شعرها الأسود قبل أن تقول بجمود
- من أنتما
- أدعى رينار وهذا هو الطبيب روبنز
حركت مقلتيها عنهما نحو سقف السرير ذا الأعمدة فوقها ثم عادت نحو رينار قائلة بتوتر
- أين أنا ( تبادلت رينار النظرات مع الطبيب روبنز قبل أن تعود  للقول لها )
- أنت في قصر صوفيلان
- صوفيلان ( تمتمت بصوت غير مسموع وأنفاسها تتزاحم بداخلها والإعياء يتملكها )
- أنت بحاجة ماسة لراحة
- هل استيقظت
تنبهت حواسها عند سماعها لهذا الصوت الحاد المألوف فحركت رينار رأسها بالإيجاب وهي تحدق من فوق كتفها بادوارد الذي وقف قرب الباب متسائلا فأشار بيده لهما بالخروج وهو يقول ببروده لا تخفي عصبيته
- ارجوا منكما المغادرة إذا
عادت رينار نحو الطبيب الذي بادلها النظرات وقد بدا عدم الراحة عليه ونظر نحو ليفيا وهو يهم بالتحرك قائلا
- سأعود لرؤيتك
حركت رأسها له بالإيجاب ببطء وعقلها بعيدا عنها وما أن سمعت صوت الباب يغلق خلفهما حتى انتظرت قليلا ولكن أمام الصمت المطبق حركت رأسها نحو الباب لتتعلق عينيها بادوارد الذي لا يبدو أفضل حالا عما رأته عليه سابقا يتأملها بعصبية ناقلا عينيه بوجهها وثوبها فهمت بالتحدث وقبل أن تستطيع النطق عقص شفته بقوة وابتعد عن الباب مما جعلها ترفع نفسها على يدها لتتابعه وهو يقف أمام النافذة وصوت أنفاسه واضحا تأملت ظهره وهي تتحرك ببطء لتجلس على حافة السرير لترفع يدها نحو رأسها الذي يؤلمها قائلة بتشويش
- على ما يبدوا أني قد ارتكبت خطئ ما ببقائي بذلك الكوخ ولا اعلم ما الذي ارتكبته حقا ولكني كنت بحاجة للمساعدة ولم يكن أمامي
- توقفي .. ( قاطعها بحده خافته من بين أسنانه المشدودة مما جعل الكلمات تتوقف في حلقها وتزداد تلك الغمامة السوداء الجاثمة على صدرها فاستمر دون أن يتحرك ) أتعلمين انه منذ تلك الليلة لم ينم رجل واحد في المنطقة والسبب أنت الجميع يبحث عنك أنت تائهة لا اعلم أين أنت ووالدتي في غيبوبة قد لا تستيقظ منها ( ابتلعت ريقها بغصة وعينيها تدمعان وهي تتذكر والدته وقد ملئت الدماء وجهها فحرك رأسه نحوها محدجا إياها بنظرة قاسية قبل إن يستدير إليها ومازال رأسه مرفوعا بشموخ وهو يشبك يديه معا خلف ظهره رامقا إياها بنظره تثير الأعصاب ) عندما قاموا بالبحث بالمنطقة المحيطة بالعربة وجدوا قطعة من ثوبك قد علقت بغصن إحدى الشجيرات ( واستمر وهو يخطوا نحوها ) أتدركين بما كنت اشعر وأنا أفكر انك قد تهتي بهذه الغابة
- لم اعلم أين أنا
تمتمت له ولكن الكلمات لم تلاقي أي عطف من قبله وقد وقف أمامها محدقا بها بعينين حادتين تعبران عن مدى عصبيته وهو يقول
- هلا أعلمتني ما الذي جعلك تبقين بصحبة إيفل كل هذا الوقت بينما رجالي يتحركون في كل مكان
بقيت عينيها محدقتان به وهي تعود بذاكرتها لما رأته من تصادم بينهما
- من هو إيفل
- لا تتحامقي علي ( هتافه بهذا الشكل المفاجئ جعلها تنتفض فرفع يديه المتوترتين قائلا بصوت اقل حده ) لا تفعلي لست بوضع احتمل به حماقات احد حتى أنت
- أنا لا اعلم حقا من هو إيفل كما أني لم أكن اقضي وقتا ممتعا وأنا مصابه وأعاني الألم بكوخ ذلك الرجل الذي الذي
غصت الكلمات في حلقها وهي تذكر كل ادعاءاته عن عدم تمكنه من الوصول إلى صوفيلان لبعدها فشحب وجه ادوارد قائلا بحذر وهو يراقبها
- ما الذي فعله ( وأمام حملقتها به امسكها من كتفيها لتقف هاتفا ) ما الذي فعله كيف سمحت له ليفيا أجيبيني
تراجعت عنه للخلف محاولة الإفلات من يديه والخوف ينسل إليها قائلة
- لم أكن اعلم وكيف كنت لأعلم
- بربك ما الذي تقولينه إلا تدركين ما أتحدث به
- توقف عن الصراخ بوجهي فلم اعد قادرة على أن استوعب أي شيء مما يجري حولي
هتفت والألم والصداع القوي يجتاحانها ولكن أصابعه اشتدت على كتفيها قائلا بحده
- قلت لك ما الذي فعله بك
- ماذا فعل بي ماذا فعل بي ( أخذت تكرر قوله وعينيها تتنقلان بعينيه المحمرتان والمضطربتان بقوة قبل أن تهز رأسها بعصبية قائلة ) لقد ادعى أن صوفيلان بعيده وانه لا يملك الجياد و
- الم يمسك
جحظت عينيها به قبل أن تهز رأسها بالنفي بعصبيه فاشتدت أصابعه عليها أكثر وهو يهمس دون تصديق والاحتقان يزداد بوجهه
- الم يفعل ليفيا
- لا
هزت رأسها بعصبيه دون أن ترمش وهي لا تصدق ما تسمعه فنقل عينيه بعينيها قبل أن يضم شفتيه بقوة ويهمس أمام وجهها من بين أسنانه
- كاذبة ( بدا الذهول عليها وهزت رأسها بالنفي وهي تقول بتلعثم )
- لا لست كذلك اقسم لك
- لا تحاولي
- لا اسمح لك باتهامي بهذا .. أنت تؤلمني لاشيء حصل كيف تعتقد ولو للحظة
- توقفي عن تكرار هذا فالقد وصلتني رسالة إيفل واضحة كوضوح الشمس
قاطعها قائلا بحده وهو يتركها بنفور فجحظت عينيها به فهز رأسه لها بالإيجاب وفكه يتحرك بعصبيه مستمرا ويده تمتد إليها لتمسك ثوبها الواسع قليلا بقوة جاذبا إياها إليه مستمرا أمام وجهها
- ارتدائك لهذا الثوب يكفي لأفهم الرسالة
- أي رسالة ( هتفت وهي تحاول التراجع عنه فأفلت ثوبها بنفور وهي تستمر ) لقد مزق ثوبي واتسخ بسبب الأوحال وكان علي ارتداء آخر فبحق الله افهمني ما الذي يجري حولي
- سأقول هذا للمرة الأخيرة وعليك أن تكوني صادقة معي وإلا اقسم إن يحصل ما لا تحمدي عقباه ( ضمت شفتيها المرتجفتين وعينيها لا تفارقانه فاستمر وهو يحدجها بنظرة مخيفة ) هل حصل بينك وبين ايفل أيـ
- لا ( قاطعته قبل أن يتم بحده وإصرار وكبرياءها مهان فضم شفتيه بقوة دون أن تفارق عينيه وجهها فأضافت ) كيف تفكر بان هذا قد يحدث حتى ماذا تعتقدني
- من الأفضل أن تكوني صادقه
- أنا كذلك لو علمت أني لا ابعد عن هنا إلا عشر دقائق لما بقيت هنالك دقيقة واحدة ولم ابتعد عن العربة إلا للبحث عن مساعدة فوالدتك كانت مصابة ودافني اختفت
- إنهما ليلتين ليفيا وتريدين إعلامي أن إيفل لم يحاول شيئا فبحق السماء كوني صادقة ( عاد ليقول بإصرار فهزت رأسها بالنفي والألم الكبير يغزوها وانتفضت رغما عنها ويده تمتد نحو رأسها ليحيط بأصابعه جانب وجهاه بقوة وعصبيه جاذبا إياه نحوه وعينيه تحدقان بوجهها بشكل مخيف قائلا ) عليك أن تكوني واثقة مما تقولينه فالست من يحب أن يكتشف انه مخدوع
- لا يحق لك لا يحق لك أبدا اتهامي بهذا والتصرف معي بهذا الشكل المهين
- لا عزيزتي أنت مخطئة تماما فلي كل الحق
- لن أرتبط بك إن استمريت بالتصرف معي بهذا الشكل لن افعل
قالت بصوتها المرتجف دون إن تخونها ثقتها بنفسها
- ليس القرار لك بهذا
أجابها بعنف وهو يسحب يده عن وجهها وعينيه تحمران أكثر فرفعت رأسها رافضة السماح له بإخافتها أكثر وشفتيها ترتجفان بنفور رغما عنها قائلة
- أنه لي وليس لأحد غيري
تلاشت كلماتها مع شهقة أطلقتها ودوي الصفعة التي تلقتها للتو على خدها يرن داخل أذنها لتبقى جامدة وعينيها الثابتتان بعيدا عنه متجمدتان بذهول تام
- ألان تعلمين لمن هو القرار بهذا الأمر
قال من بين أسنانه وأنفاسه تتسارع فرفعت يدها ببطء وذهول نحو خدها الذي يلسعها وهي تحرك مقلتيها الجامدتان بعدم تصديق إليه فهز رأسها لها بالإيجاب قائلا وهو يشير إلى نفسه
- لقد دفعت ثمنك والقرار لي أنا بهذا لذا عليك أن تكوني صادقه معي أتفهمين قولي فلن يسرك أن علمت انك تخفين عني أمرا ما ( بقيت عينيها الجاحظتان معلقتين به دون حراك وأخذت حافة شفتها السفلى بالارتجاف دون أن تخرج أنفاسها التي حبستها بداخلها فاستمر بحده قاسية وصوت منخفض لا يخلوا من التهديد ) سأذهب لأوضح للذين حضروا لحضور الجنازة سبب ظهور خطيبتي المصون مع إيفل رينولد بهذا الشكل المفاجئ وهي بهذه الحال واعتذر منهم لعدم تمكنك من رؤيتهم لذا عليك التزام غرفتك عزيزتي دون مغادرتها .. أرجوا أن يكون كلامي واضحا
ولمحها بنفور ثم استدار مبتعدا ومغادرا الغرفة وعينيها ثابتتان عليه دون أن ترمش وما أن أغلق الباب خلفه بقوة حتى أغمضت عينيها بألم لتعود وتفتحهما محدقة بجمود تام بالباب قبل أن تلمس يدها عامود السرير لتجلس على حافته ببطء وقد اشتدت ملامح وجهها تماما وكأن لا حياة فيه وكلماته تتردد في ذهنها
- دفع ثمنها
رمشت والدموع تتجمع في مقلتيها دون أن تسمح لها بالنزول إنها تهان وتصفع وتتهم أنه تم شراءها .. رفعت رأسها إلى الأعلى لتتنفس بعمق عمق شديد دون أن تفتح شفتيها ما كان لها أبدا حضور تلك الحفلة التي وقعت عيني ادوارد ريفوري عليها وحاول التقرب منها حين إذ فصدته بلياقة تامة وابتعدت لانشغالها بمحادثة والدي إحدى الفتيات التي تقوم بإعطائها دروسا خاصة دون أن تعلم إنها راقت له لتفاجئ به يبدأ بالتردد على منزلها وقد تعرف بوالدها ورغم ذلك لم تشعر نحوه بالود فأبقت علاقتها به رسمية انه بهي ألطله يملك وجها جذابا وعينين عسليتين قد سحرتا الكثير من الفتيات وشعرا بني فاتح كما انه يملك لسانا طليقا يجيد التحدث والتأثير بمن أمامه ولكنها لم تتأثر به ورغم ذلك بقي يتقرب منها حتى تقدم بطلب يدها من والدها خرجت من أفكارها التي عادت بها إلى عدت أشهر قد تلت على طرقات خفيفة على باب غرفتها قبل أن تطل منه إحدى الخادمات لتقول
- يرغب الطبيب روبنز بالدخول لرؤيتك
رفعت يدها لتمررها أسفل عينيها تمسح أي اثر لدموعها وهي تقول
- ليدخل بعد دقائق ...............
قطرات من المطر المتساقطة في الخارج والتي ترتطم بزجاج النافذة دون توقف جذبت نظرها إليها لتحدق بها بشرود دون أن تدرك كم مضى عليها مستلقية بالسرير وقد ارتدت قميصا ناصع البياض وتركت شعرها المسترسل اللامع يستريح على الوسادة التي رفعتها قليلا تحت رأسها لتتنهد بشرود فلقد مضى عليها خمس أيام منذ وصولها إلى هنا لم تفارق بهما هذه الغرفة التي دخلتها فحركت عينيها ببطء عن النافذة نحو الخزانة الخشبية دون أن تراها فعلا فعقلها بعيد فمنذ خرج ادوارد ذلك اليوم وهو لم يعد لرؤيتها أو حتى السؤال عنها وها قد مضت الأيام الخمس وهي مستلقية لا يدخل إليها إلا الخادمة والطبيب فأمضت الوقت بالسرير تغط بالنوم بشكل مضطرب وتستيقظ دون الشعور بالراحة تحركت بسريرها لتستلقي على جنبها ثم رفعت يدها لتلمس خدها ومازالت تشعر بقوة الصفعة ليعتصر قلبها ألما وهي تشعر بأنها فقدت شيئا من روحها منذ وطأت قدميها هذه الأرض لو رأتها والدتها لما سرها ما وصلت إليه ضمت أصابعها معا ومسحة من الحزن العميق الكئيب تلازم وجهها فالقد لازمت سرير والدتها المريضة منذ أن كانت في الرابعة عشر وقد باغتها المرض بشكل مفاجئ وجعلها من امرأة نشيطة رائعة إلى امرأة لا تستطيع مغادرة السرير وقد أخذ النحول منها الكثير من صحتها وجمالها وما أن فارقت الحياة بعد صراع طويل ومرير مع المرض دام خمس سنوات حتى هرع والدها بعد ثلاث أشهر فقط بالزواج من ماري أندرسون التي جعلته ينسى كل شيء حتى ابنته الصغرى التي تسكن معه بنفس المنزل بينما غادر شقيقها الأكبر جيمس للعمل بعيدا وتزوجت شقيقتها ليوندا التي تكبرها بثلاث اعوام لتمر سنتين انشغلت بهما بالعمل كمعلمة خاصة والتطوع للمساعدة في مستشفى الذي كانت تتلقا والدتها علاجها به  إلى أن وقع نظر ادوارد عليها حتى قلب أمور حياتها رأسا على عقب
- هل تحتاجين إلى شيء آنستي أترغبين بأن اعد لك الشاي
خرجت من شرودها على صوت الخادمة التي دخلت إلى غرفتها فأجابتها دون أن تستدير إلهيا
- لا لا احتاج شيئا .. انتظري قليلا
أسرعت بالإضافة وتحركت مستديرة إليها قبل أن تغادر وقد تنبهت لصوتها المختلف عن تلك الخادمة التي كانت تقوم بخدمتها منذ وصولها لتتأمل الفتاة التي لا تتجاوز التاسعة عشر أمامها بنظرة سريعة قبل أن تقول
- أين ذهبت التي كانت تقوم بخدمتي
- مارغو متوعكة جدا وهي مصابة بالأنفلونزا وقد تقوم بنقل العدوى لك آنستي لذا طُلِبَ مني أن أقوم على خدمتك
- حسنا .. احضري لي كوبا من الشاي
تابعتها وهي تغادر قبل أن تتعلق عينيها بسقف السرير فعلى الأقل هذه ذات وجه بشوش عكس تلك السيدة المتقدمة في السن والتي ترفض الإجابة على أية سؤال تطرحه عليها وعلى ما يبدوا قد حرص ادوارد على أن تخدمها بنفسها عادت نحو الباب الذي دخلت منه الخادمة الشابة من جديد لتراقبها وهي تضع بجوارها صينيه تحتوي إبريق الشاي الأنيق وطبقا من البسكويت قبل أن ترفع عينيها نحو الفتاة قائلة
- ما اسمك
- مورلي
- سيحضر الطبيب اليوم
- اجل فالقد طلب السيد منه أن يحضر يوميا حتى يتم شفائك تماما
تحركت لترفع نفسها جيدا فاقتربت منها مورلي لتضع لها وسادة خلف ظهرها فأسندت ظهرها للخلف وهي تقول
- أبقي احد من زوار السيد هنا
- غادر آخرهم مساء أمس
حركت عينيها عن مورلي إلى النافذة وقد بدا الإحباط عليها قبل أن تتساءل ومازالت عينيها شاردتان أمامها
- وسيدك أين هو
- أنه في غرفة المكتب منذ الصباح
قضمت شفتها من الداخل بينما سكبت مورلي الشاي في الفنجان وقدمته لها فتناولته وهي تقول
- أتعلمين ما حصل لسائس العربة الذي كان يقودنا ولدافني خادمة السيدة ريفوري
- كايل تعرض للإغماء وسقط من العربة لذا انحدرت بكم إلى أسفل فهو مسن ومريض ما كان عليه قيادة العربة وجدوه على الطريق في حاله حرجة وفارق الحياة بعد ساعات من ذلك ودافني قد أصيبت ولكنها بخير ألان فقد وجدوها مغشيا عليها بين الأشجار بعيدا عن العربة
رفعت كوب الشاي إلى شفتيها وهي تقول
- هل إصابتها سيئة
- كسرت يدها اليسرى وحصلت على بعض الرضوض
رشفت من كوبها بصمت قبل أن تعود للقول وهي تحدق بمورلي
- أريد رؤيتها للاطمئنان عليها فهلا ارسلتي في طلبها ( هزت مورلي رأسها بالإيجاب قبل أن تقول )
- أتحتاجين شيئا آخر
هزت رأسها لها بالنفي قبل أن تعود لترتشف من كوبها ومورلي تغادر لتشرد وعقلها يعود بها إلى تلك الليلة التي سقطت بها العربة لتبتعد عنها وتلتقي إيفل .. ايفل من هذا الرجل رفعت يدها تتلمس صدرها وقد شعرت بأنفاسها تضيق لمجرد تذكرها لخداعة لها انفتاح باب غرفتها بعد طرقات خفيفة أخرجتها من شرودها لتحرك رأسها نحو الباب محدق بدافني الواقفة هنالك تنظر إليها بتردد وقد علقت يدها المصابة بوشاح ثبتته حول عنقها فتمتمت ليفيا بصوت منخفض
- ادخلي ( دخلت دافني مغلقة الباب خلفها وليفيا تتابعها وهي تقترب منها لتقف بجوار السرير فبادرتها وهي تراقب وجهها ) لقد حصلت على تورم بجبينك أيضا
- اجل كانت السقطة قوية
- لم أجدك عندما استيقظت
- لا اذكر الكثير عما حصل ذلك الوقت ولكني اذكر أني قد انزلقت خارج العربة بعد أن ارتطمت ببابها الذي فتح ثم .. لم اعد اذكر .. ولكن السيدة الكبيرة كانت إصابتها بليغة
- الم تستيقظ أبدا
هزت دافني رأسها بالنفي والحزن باد عليها فحركت نظرها عنها بهدوء لتحدق بالنافذة فقالت دافني وهي تراقبها
- تبدين متعبة آنستي هل ادعك لترتاحي
- لا ابقي قليلا ( أجابتها وهي تعود إليها قبل أن تضيف بصوتها الهادئ ) علمت ما حدث ( رمشت دافني عدت مرات وبدا الارتباك عليها فأضافت ) لا تقلقي يمكنك إعلامي فأنا اعرف ما يحصل في هذه البلدات الصغيرة فلا يمر أمر دون أن يتناقل بين الناس
- في الحقيقة آنستي
- أجل دافني أريد الحقيقة
- لن يسر السيد أن علم أن احد يتحدث بهذا الأمر فالقد أمر السيد كلاوس وزوجته تنبيهنا بتناسي ما رأيناه وألا لن يسر احد ما قد يحصل
- السيد كلاوس
- أنه المشرف على شؤون القصر وزوجته مارغو من كانت تقوم بخدمتك
- حسنا لا تقلقي لن يعلم سيدك بأنك تحدثت معي بهذا ( بدا التردد على دافني فاستمرت بهمس ) أنت الوحيدة التي اعرفها هنا فكوني عون لي فلا تنسي أني سأكون سيدة هذا القصر قريبا
بدا الرضا على وجه دافني لقولها واقتربت من السرير أكثر لتهمس لها
- جميع سكان صوفيلان يتحدثون عن وصولك أنت والسيد أيفل يوم الجنازة وعن بقائك لديه طوال الوقت الذي كان الجميع يبحثون عنك وعدم بوحه بوجودك لديه و
- من هو إيفل
توقفت دافني للحظة دون أن تفارق عينيها ليفيا التي قاطعتها متسائلة قبل أن تقول والحيرة بادية عليها
- ألا تعلمين آنستي
- لا ( قالت وهي تهز رأسها بالنفي فأجابتها دافني والحيرة مازالت بادية عليها )
- أنه ابن عم السيد ادوارد لذا اعتقدت انك تعلمين
- أبن عم ادوارد ( تمتمت دون تصديق فهزت دافني رأسها لها بالإيجاب فأضافت رافضة التصديق ) كيف هذا هذا ليس ممكننا .. لم يبدوا لي كذلك أعني .. ( وتوقفت للحظة ممعنة النظر بدافني قبل أن تقول بهدوء ) أتقولين لي أن إيفل يكون من آل ريفوري ( هزت دافني رأسها لها بالإيجاب فرمشت ليفيا بشك قبل أن تعود للقول ) أنت واثقة
- بالتأكيد آنستي فالقد ترعرعا معا بهذا القصر هذا ما علمته على الأقل فانا من قرية مجاورة وأحضرتني السيدة سيلفيا للعمل لديها منذ ست أشهر ولم تكن تسمح لي بالاختلاط بالعاملين كثيرا ولكن ما علمته أن الجميع هنا اعتادوا على المشاحنات بين السيدين مما جعلهما يتوقعون حدوث شجار بينهما عند ظهوركما يوم الجنازة فهما على خلاف دائم
- ترعرعا هنا معا .. لماذا هما على خلاف
- هنالك الكثير من الأمور التي يتناقلها الناس حول خلافتهما ولكني لست واثقة من صحتـ
توقفت دافني عن المتابعة واستقامة بوقفتها بينما نظرت ليفيا نحو الباب الذي طرق لتظهر منه مورلي قائلة
- ارجوا المعذرة لكن الطبيب قد وصل كما أن السيد قد طلب أن أعلمك بأنك ستتناولين العشاء الليلة برفقته في الأسفل
شعرت بالامتعاض لا الراحة لفكرة تناولها العشاء برفقة ادوارد هذه الليلة فتمتمت قائلة
- ادخلي الطبيب واعلمي ادوارد بأني مازلت متوعكة
- سأفعل آنستي
- سأغادر أن سمحتي لي فمارغو ستبحث عني عند البدء بإعداد الطعام
عادت نحو دافني التي قالت ذلك وهي ترغب باستبقائها إلا أنها قالت
- حسنا أراك فيما بعد
غادرت دافني برفقة مورلي التي عادت برفقة الطبيب لتبادرها بعد مغادرة الطبيب
- يعلمك السيد بأنه يصر على أن تتناولي الطعام برفقته الليلة لذا علي أن أساعدك بإعداد نفسك
ما الخيارات التي أمامها تمتمت لنفسها إنها تستحق هذا كان عليها الإصغاء لشقيقتها وعدم مرافقتهم إلى صوفيلان لقد كانت تأمل بان حضورها سيعطيها فرصة التعرف على ادوارد قبل زفافهم فالقد حدث الأمر بسرعة وأرادت التأكد من خيارها كانت تأمل بان يكون .. يكون ماذا تمتمت لنفسها وهي ترفع مقلتيها عن الطبق أمامها وقد جلست مستقيمة الظهر تمسك السكين والشوكة دون أن تتناول لقمة طعام واحده لتعلق عينيها بالرجل الجالس إمامها على رأس الطاولة والذي يتناول طعامه بتجهم واضح دون أن ينظر إليها نظره واحدة منذ دخولها إلى الغرفة والجلوس أمامه تأملت الشمعدانان الكبيران اللذان استقرا على الطاولة الطويلة واللذان يفصلان بينهما مما جعلها تشعر بالبرودة تنسل إلى جسدها وتصل إلى قلبها
- الطعام أمامك وليس في وجهي
كسر الصمت أخيرا قائلا ذلك دون النظر إليها فعادت بعينيها نحو طبقها وهي تضم شفتيها جيدا متأمله ما يحتويه دون شهية قبل أن تتجاهل كل ما يحصل وتحرك يديها لتقطع قطعة اللحم في طبقها بتروي تام لتتناولها دون أي رغبة حقيقة في الطعام وبعد أن ابتلعتها قالت وهي تقوم بجمع السلطة بشوكتها
- هل أعلمت والدي بأمر وفاة والدتك
- أتعتقدين أنه سيحضر ليقدم تعازيه
أجابها فورا بطريقة جافة بادرة مما ذكرها بإيفل ألان بدأت ترى أمور مشتركة بينهما ولكن هذا يسرع بالإجابة بينما ذلك يأخذ كل وقته الذي قد يستغرقه دهرا قبل أن يفعل فأجابته وهي ترفع مقلتيها لتتعلق عينيها بعينيه الناظرتان إليها
- أجل سيفعل لذا سأرسل له أن لم تفعل بعد
- لقد فعلت وجاءني جوابه أن الأمر ساءه ورغب بالحضور شخصيا لتقديم تعازيه الحارة ولكن كما تعلمين أن أعماله كثيرة مؤخرا مما اضطره للاكتفاء بإرسال رسالة صغيرة معبرة بها عما ينتابه من حزن عميق لهذه المأساة ( بقيت عينيه  تحدقان بها بتجهم فعادت نحو طبقها فاستمر ) أتعلمين ما هي المأساة بنظر والدك ( ارتجفت يدها التي تمسك شوكتها فثبتتها وهي ترفض النظر إليه فأضاف ) أن زفافنا لن يحصل في آخر الشهر كما كان مقررا
- علي العودة ( قاطعته مستمرة بثبات ) حضرت دون مرافقة كما تعلم ووالدتك لم تعد موجودة وليس من المناسب بقائي هنا
- ولما لم تحضري مرافقة لا لا تجيبي اعلم أن والدك لا يستطيع تامين واحدة لك ( أجابها وأضاف بسخرية ) كان على شقيقتك مرافقتك
- كانت لتفعل ولكن موعد إنجابها قريبا فما كنت لأسمح لها بهذا .. سيؤجل زفافنا ولا داعي لوجودي ألان لقد حضرت تلبية لطلب والدتك بان أشارك بإعدادات الزفاف والـ
- لن يحصل هذا ( قاطعها مستمرا بغرور كرهته ) سأؤجل الزفاف إلى نهاية الشهر القادم فقط ( ترك شوكته وسكينه وأشار للخادم بالاقتراب مشيرا له ليبعد الطعام من أمامه ففعل الخادم وتحرك مغادرا الغرفة ليضيف وعينيه لا تفارقان عينيها الثابتة عليه ) قمت بالإرسال خلف قريبتي للبقاء وبذلك ليس هناك أي ذريعة لك للمغادرة
- لم لا تدعني أعود من حيث أتيت أليس هذا أفضل الحلول
- أعيدك .. بعد كل هذا .. لا لن أغامر عزيزتي فأنت لي
- أنت لا تريدني حقا أن كل ما تسعى له هو لقبي
- من أعلمك بهذا ( تساءل وهو يحدجها بعينيه الضيقتين
فأجابته )
- الجميع يسعى للقبي لما لا تكون أنت أيضا
- ما حاجتي بلقب أصحابة لا يقدرونه وعائلتهم لا تتعرف عليهم
أرخت جفونها لتقول بهدوء وصوت منخفض
- أنت لم تحبني يوما وألا ما كنت لتحدثني بهذا الشكل المهين
مرت لحظة صمت موترة بينهما قبل أن تعود بمقلتيها إليه وقد كسر الصمت صوت مقعده الذي تحرك عنه لتتابعه وهو يسير نحوها ليقف بجوارها ناظرا بعينيها المحدقتان به جيدا قبل أن يحرك يده نحو خدها وهو يقول بهمس رغم وجهه المكفهر حتى ألان
- أنت جميله وبالحقيقة جميلة جدا ( حركت رأسها للأمام مشيحة به عنه ومبتعدة عن لمسته لا تريد النظر إليه فأسرع بإمساك فكها مما جعل عينيها تتوسعان وهو يعوده به إليه رغما عنها وقد أطبقت أصابعه بقوة على فكها ليحرك عينيه بعينيها بحده قائلا ) ماذا ألم يرقك قولي ليست المرة الأولى التي أقول لك بها انك جميلة ( وأمام جمودها التام وأنفاسها المتوقفة أضاف بغيظ ) وليست المرة الأولى التي تصديني بها من تعتقدين نفسك
- لو كنت تهتم بي حقا لما تصرفت معي بهذا الشكل ولعرجت لسؤال عني فالقد مضت خمس أيام وأنا حبيسة تلك الغرفة دون أن تحاول
- ما حصل لم يكن بالأمر السار لي وتلقي الصدمة تلو الأخرى ليس  بالأمر الذي يجعلنني إنسان ودودا وفات والدتي المفاجئة وبهذه الطريقة أولا ثم أنت وإيفل أتريدين الحقيقة في هذه اللحظة بذات آخر من أريد رؤيتها هو أنت
- لماذا بحق الله ما الذي فعلته لك
قالت وهي تسحب وجهها من يده فأفلتها محدجا إياها بنظره قاتمة قبل أن يقول
- يكفي انك تذكريني بإيفل اللعين لن أسامحه أبدا على إبقائك لديه لن افعل ولن أسامحك أيضا لذلك
- تم خداعي أعلمني إن صوفيلان بعيدة أميالا لما لا تستطيع إدراك هذا
- لأني املك عقلا عزيزتي وأنا استعمله
أخذ صدرها يرتفع ويهبط لقوله وهي تقول بعصبيه خافته من بين شفتيها
- إذا دعني أعود من حيث أتيت فلن ينجح الأمر فيما بيننا لن ينجح ادوارد
مالا نحوها قائلا ويده تستقر على رأس ظهر المقعد والآخرة على الطاولة بجوار طبقها ومازالت عينيه القاتمتان ثابتتان على عينيها
- سينجح ليفيا أتفهمين ما اعني بكلمة سينجح
- كيف وأنت تشك بي منذ ألان ونحن ما زلنا في البداية
أمال شفتيه بطريقة جافة وهو يقول
- لم أقرر بشأنك بعد فأنا أعرف أي إنسانه متزمتة أنت ( تصلبت ملامح وجهها أكثر فهز رأسه لها مضيفا بهمس حاد ) أنا لا أثق بإيفل وأن كان يقصد بتصرفه هذا إفشال زفافي فلن اجعله يستمتع بانتصاره لن افعل
فتحت شفتيها قبل أن تقول بصعوبة
- لذلك فقط تريد الاستمرار أيستحق الأمر هذا
- وما الذي تعرفينه أنت
أجابها وهو يستقيم بوقفته بغيظ ليلمحها بنظره شاملة قبل أن يتحرك مبتعدا فتابعته قائلة بذهول
- يكفي أن اعرف أن الرجل الذي سيتزوجني كل ما يريده لقبي والنيل من شخص آخر .. أهذا سبب يجعلني ارتبط بك
- لا خيار آخر أمامك
أطبقت شفتيها المرتجفتين وهي تتابعه يسكب لنفسه كأسا من الشراب وقد وقف قرب المدفئة الأنيقة قبل أن تعود للقول بإصرار
- أهذا هو السبب الحقيقي ادوارد
لمحها بنظره قبل أن يتناول كأسه ويستدير بوقفته نحوها مسندا نفسه على رف المدفئة خلفه وقائلا بصوت خالي من أي عاطفة وعينيه تتأملان محتويات كأسه
- أعلمتك إني أحببتك منذ أن رأيتك الم افعل
- ولقد صفعتني
- أنت كثيرة المجادلة الست كذلك ( قاطعها بحده وعينيه تعود إليها وأضاف ) لا أحب المجادلة لتعلمي هذا .. ولتعلمي أيضا أن قريبتي ستصل غد ستعاملينها وكأنها والدتي لا أريد أن اسمع منها أي تذمر من ناحيتك .. أتفهمين ما أقوله ( أشاحت عينيها عنه بغيظ كبير وعقدت يديها معا وقد أحكمت أطباق شفتيها فاشتدت أصابعه حول كأسه وقال مشددا على كلماته بحده ) لم اسمع ما قلته
- وما الذي تريد مني قوله
إجابته بنفاذ صبر وهي تعود إليه شاكرة وقوفه بعيدا عنها وقد بدا انه يحاول تمالك غضبه فقال أخيرا
- لا بأس حبيبتي لا بأس أنت متوترة ليس إلا وكذلك أنا ولكن ستعود الأمور كما كانت عليه سابقا فالقد كنا أكثر انسجاما معا أليس كذلك .. أليس كذلك ( عاد ليكرر أمام صمتها وعينيها لا تفارقانه فأضاف بحده خافته والغيظ يتملكه ) أتعلمين ما سيحصل أن حاولت مغادرة صوفيلان دون علمي ( ابتلعت ريقها مما اظهر التوتر الذي تعانيه فضاقت عينيه التين تراقبانها جيدا وهو يقول ) يبدوا انك تعلمين جيدا ما انأ قادر على فعله بك و .. بعائلتك العزيزة فالست من الناس المتسامحين لتضعي هذا الأمر بين عينيك .. سيعرج الطبيب عليك حتى تستعيدين كامل عافيتك والجميع هنا سيسعون لراحتك وعندما تصبحين بوضع أفضل سأدعوا الأقرباء وبعض الأصدقاء لأقدمك لهم بطريقة لائقة تناسب السيدة ريفوري المستقبلية علهم يتناسوا ظهورك المفاجئ يوم الجنازة بمظهرك المشعث والذي لا يغدوا هيئة إحدى المتشردات
توقف عن المتابعة مما جعلها تتساءل
- هل انتهيت .. أن كنت قد انتهيت فاسمح لي ( ووضعت المنديل الذي بحجرها على الطاولة لتتحرك واقفة ومستمرة وعينيها لا تفارقان عينيه القاتمتان متجاهلة تماما غضبه ) اشعر بالتعب الشديد فاعذرني
وتحركت بخطوات ثابتة لتصعد نحو غرفتها وهو يتابعها .
- آلا ترغبين بالنهوض آنستي .. بدأ الطقس بالتحسن فالقد توقف المطر منذ مساء الأمس وها قد أشرقت الشمس اليوم
قالت مورلي وهي تفتح ستائر الغرفة لتنسل أشعت الشمس إليها فراقبتها ليفيا المستلقية في سريرها وقد نالت تورما أسفل عينيها بسبب إمضائها لليلة مضطربة قبل أن تقول
- هل سيدك بالأسفل
- غادر إلى مصنع الأخشاب منذ الصباح  .. أنت لم تتناولي طعام الإفطار ( هزت رأسها هزة خفيفة بالنفي دون النظر نحو صينيه الإفطار التي لم تمسها والموضوعة بجوار سريرها فاقتربت مورلي من سريرها وهي تقول ) ستصل السيدة ديلماف اليوم .. إنها سيدة لطيفة
- أهي قريبة ادوارد
- اجل .. السيد يودها جدا
- أين هي دافني
- لم تحضر اليوم علمت أن مارغو طلبت منها عدم الحضور
- لماذا ( تساءلت وهي تحدق بمورلي التي حركت كتفيها قائلة )
- ربما بسبب أصابت يدها فلا فائدة من وجودها
عادت نحو النافذة التي تنسل منها أشعة الشمس الدافئة شاردة بها للحظة قبل أن تقول وهي تبعد الغطاء عنها
- سأتناول إفطاري في الخارج
- قد يكون الجو باردا عليك آنستي
- ضعيه حيث توجد أشعة الشمس وسأكون بخير
أجابتها وقد ضاق بها الجو الكئيب المحيط بهذا القصر البارد جلست على مقعد في الباحة الخلفية وقد حرصت مورلي على وضع طاولة الطعام تحت أشعة الشمس الدافئة وفي مكان قد جف تقريبا فأخذت تتناول طعامها بروية وعينيها تجولان بما أمامها من ساحة واسعة تحيط بها الأشجار من كلا الجوانب يخترقها ممرا واسع تصطف الأشجار على جانبيه فتساءلت وهي تتناول لقمة جديدة
- أهذه الأرض جميعها لآل ريفوري
- أجل آنستي
أجابتها مورلي الواقفة بعيدا عنها دون أن تفارقها فقالت وهي تعود إلى ما أمامها
- ينتابني شعور بأننا معزولون هنا
- هذا غير صحيح توجد بعض الأكواخ بالإضافة لمجموعة من المنازل الكبيرة ومنها من تم بنائها حديثا ولكنها لا تظهر لنا فهي بعيدة عن أراضي آل ريفوري كما أن هناك خلف تلك التلال بلده أخرى تدعى مترون
- أهي بعيدة من هنا ( تساءلت وهي تنظر إلى حيث أشارت مولي التي أجابتها )
- أن لها طريق رئيسية تصل بينها وبين صوفيلان قد تذهبين لتبضع منها يوما ما كما أن هناك طريق الغابة التي تصل إليها اذكر أني وشقيقي قمنا في أحدا المرات بالتوجه إليها عن طريق الغابة بهذا الاتجاه من الجيد أننا سرنا في خط مستقيم ولا كنا تهنا
- هذه شجاعة منكما
- في الحقيقة لم نكن نملك المال لتوجه إليها بالعربات وبما أن أخي يعمل بتقطيع الشجار كان أمر السير بالغابة سهلا بالنسبة له
توقفت عينيها على الجهة التي أطلت منها برفقة إيفل وهي تصغي لمورلي التي استمرت بالحديث فتابعت مضغ لقمتها بتمهل قبل أن تقول
- لم يسكن ادوارد بهذا القصر بينما قريبه يقطن ذلك الكوخ
- أتعنين السيد إيفل